Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الذكاء الاصطناعي "نجم" اليوم وغدا

شارك مطورون بوجهات نظرهم حول كيفية مساعدة الـ "آيه آي" التوليدي في إنشاء حكومة أكثر فعالية وشاملة واستجابة

يتطور الذكاء الاصطناعي بسرعة تفوق التوقعات ويتحرك بسرعة أكبر من محاولات تنظيمه (رويترز)

ملخص

مثّل الذكاء الاصطناعي التوليدي مفتاحاً للتقدم التكنولوجي عام 2024.

حققت السعودية قفزة كبيرة بمقدار 17 مرتبة من المركز الـ 31 لتحتل المركز الـ 14 على مستوى العالم والمركز الأول عربياً في مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي لعام 2024.

مرّ عام آخر مميز في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي التوليدي مترافقاً مع اختراقات وابتكارات تكنولوجية، ورؤى ومحادثات غيرت قواعد اللعبة من جديد وأعادت فيه تشكيل طريقة وأسلوب حياتنا ومستقبلنا ككل، أثيرت فيه نقاشات معمقة حول الأخلاقيات واللوائح ومستقبل الذكاء الاصطناعي، واكتسبت المناقشات حول الجانب الأخلاقي أهمية كبيرة، إذ تكافح الشركات والمؤسسات لضمان عدم تحيز أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها وشفافيتها.

أسرع من المتوقع

وفي حين سيبدو لنا تطور الذكاء الاصطناعي أبطأ بعض الشيء ففي حال قارنا التقدم الحالي بتصورات الخيال العلمي للآلات فائقة الذكاء، ولكن إذا نظرنا إلى التقدم السريع الذي شهدناه خلال الأعوام الأخيرة فسيبدو جلياً أن الذكاء الاصطناعي يتطور بمعدل مذهل. وفي حين نجد أن مستقبل الذكاء الاصطناعي غير مؤكد لكن هناك شيئاً واحداً واضحاً، وهو أنه يتطور بسرعة تفوق التوقعات ويتحرك بسرعة أكبر من محاولات تنظيمه، فنحن لدينا تكنولوجيا في تطور مستمر ومن دون حدود واضحة لكيفية استخدامها، لذا يتطلب التعامل مع هذا التطور بمزيج من الحماسة والحذر والتخطيط الاستباقي لضمان مستقبل يصبح فيه الذكاء الاصطناعي قوة للتغيير الإيجابي في العالم، واتباع نهج متعدد الجوانب، يبدأ من الاستمرار في البحث لتسخير إمكاناته الكاملة لتحقيق جوانب الخير والتطوير والانفتاح على الحوار والتعاون بين أصحاب المصلحة من الباحثين وصناع السياسات والجمهور، والارتقاء بالمهارات والتعليم وتزويد الأفراد بالمهارات اللازمة للتكيف مع المشهد المتغير.

ومن الطبيعي في ضوء هذا المشهد المتسارع أن تتأخر السياسات واللوائح قليلاً، وقد تتمكن التكنولوجيا من إحداث بعض الضرر قبل أن تدرك المشكلة، إذ يتعين علينا أن نأخذ في الاعتبار أن الذكاء الاصطناعي عبارة عن تكنولوجيا معقدة للغاية، والحقيقة أننا لا نعرف بالضبط ما الذي نتعامل معه عندما نتحدث عن الذكاء الاصطناعي، ولا يمكننا معرفة حدوده أيضاً.

وقد شهد عام 2024 حالاً من التبني السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي الذي لم يقتصر على القطاع الخاص وحده، بل سارعت الوكالات الحكومية والفيدرالية والمحلية إلى تبني أدوات الذكاء الاصطناعي في إجراءاتها اليومية، وتقديم المصالح والخدمات الحكومية.

وانطلقت المستويات الحكومية كافة إلى العمل والاهتمام بفهم استخداماته الحالية ووضع تفاهم مشترك حول المسموح منها، مع وضع حواجز حول الاستخدامات المستقبلية وتشجيع التطوير المبتكر واستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحويل الخدمات الحكومية.

وكالات أكثر فعالية

وانتقل القادة الفيدراليون والحكوميون إلى العمل بسرعة لفهم الاستخدامات القائمة للذكاء الاصطناعي وقياس آثاره، وقد أظهر هذا النشاط تركيزهم الشديد على الأخطار أثناء استكشافهم للكيفية التي يمكن أن تحول فيها هذه التكنولوجيا الجديدة عمليات الحكومة.

وأظهر استطلاع رأي حديث أجرته منظمة "إرنست آند يونغ" لموظفي الوكالات الحكومية والفيدرالية والمحلية أن 51 في المئة يستخدمون تطبيق الذكاء الاصطناعي يومياً أو مرات عدة خلال الأسبوع.

وكشف التقرير أيضاً عن استخدام الوكالات الفيدرالية للذكاء الاصطناعي بصورة متكررة يومياً أكثر من الوكالات الحكومية والمحلية، إذ أشار 64 في المئة منهم إلى ذلك.

كما أشار قادة الوكالات الحكومية الذين شملهم الاستطلاع إلى زيادة التركيز على سلامة البيانات، إذ اتخذت نسبة تدابير أعلى للتحقق من البيانات داخل وكالاتهم، وكشفت واحدة من النتائج الرئيسة الأخيرة عن أكبر ثلاثة حواجز أمام توسع الذكاء الاصطناعي في الحكومة، شملت الحوكمة غير الواضحة أو الأطر الأخلاقية ونقص البنية التحتية للتكنولوجيا وفشل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التوافق مع حاجات الوكالات القائمة حالياً.

توسيع نطاق الاستخدام

وقد شارك مطورون مثل "مايكروسوفت" بوجهات نظرهم حول كيفية مساعدة الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنشاء حكومة أكثر فعالية وشاملة واستجابة من خلال تحسين خدمات المواطنين وزيادة الكفاءة وإدارة البيانات وتحليلها بصورة أفضل والعمل كمساعد إبداعي.

ويعمل المشرعون على مستوى الولايات والحكومة الفيدرالية على توسيع نطاق استخدام الذكاء الاصطناعي عبر الوكالات لتحسين الكفاءة واتخاذ القرار وتقديم الخدمات الحكومية، مع التركيز القوي على الحوكمة والممارسات الأخلاقية والتعاون بين الوكالات.

وبحسب الإحصاءات فقد نظر المشرعون عام 2024 في أكثر من 150 مشروع قانون تتعلق باستخدام الحكومة للذكاء الاصطناعي، وأصدرت 30 ولاية في الأقل إرشادات حول استخدام وكالات الدولة للذكاء الاصطناعي.

وتركز التشريعات الحكومية والإرشادات على مستوى الولاية على جرد الذكاء الاصطناعي وتقييمات الأثر والإشراف ومبادئ الاستخدام والمشاريع التجريبية، إذ يتطلب تقديم البرامج والخدمات الحكومية باستخدام الذكاء الاصطناعي حساسية متزايدة.

ومع بناء هياكل حوكمة الذكاء الاصطناعي وتحديد الاستخدامات المسموح بها للذكاء الاصطناعي فسيواصل صناع السياسات التركيز على البنية الأساس للبيانات والتكنولوجيا الحكومية والأمن وخصوصية البيانات والتحيز والتمييز، وغير ذلك من سوء الاستخدام المحتمل أو العواقب غير المقصودة من قبل الذكاء الاصطناعي.

تحويل الأفكار إلى أثر واقعي

ومثّل الذكاء الاصطناعي التوليدي مفتاحاً للتقدم التكنولوجي عام 2024، إذ شهد هذا العام تقدماً كبيراً في نماذج اللغة وتوليد الصور مع أدوات جديدة تقدم مخرجات أكثر إبداعاً.

وقامت الشركات بدمج الذكاء الاصطناعي التوليدي في التطبيقات العملية التي تراوح ما بين إنشاء المحتوى و تطوير البرمجيات، وعلى سبيل المثال فقد مكنت منصات التصميم التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي الفنانين والمسوقين من إنشاء محتوى مرئي عالي الجودة بصورة أسرع وأكثر فعالية من حيث الكلفة.

وفي عام 2024 اكتسبت ابتكارات مثل هندسة شبكة البيانات زخماً كبيراً، وضمن نهجها اللامركزي في إدارة البيانات أن تكون البيانات أكثر سهولة في الوصول مع تكاملها عبر المجموعات والأقسام المختلفة، مما يجعل مبادرات البيانات واسعة النطاق أكثر فعالية.

كما شهد العام تقدماً في الحوسبة المعززة للخصوصية التي تمكن المؤسسات من استخدام البيانات الحساسة من دون المساس بالخصوصية، وهي خطوة حاسمة نحو تلبية المتطلبات التنظيمية الأكثر صرامة على مستوى العالم، وتعد هذه التقنيات حيوية لضمان جودة البيانات وتكاملها وخصوصيتها.

ودارت إحدى المناقشات الأساس حول بناء بنى تحتية قوية لإدارة البيانات، وأصبحت المؤسسات بحاجة ماسة إلى مواءمة ممارسات إدارة البيانات الخاصة بها مع إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي، وبذلك أصبحت الأطر مثل قائمة البيانات وبنيتها ضرورية لدفع الذكاء الاصطناعي عبر البيئات اللامركزية، كما أصبح لهذه التقنيات دور واقعي أكثر وضوحاً هذا العام، فعلى سبيل المثال تساعد تحليلات البيانات في الوقت الحقيقي الأطباء على اتخاذ قرارات أكثر استنارة في نقطة الرعاية، مما يحسن نتائج المرضى في مجال الرعاية الصحية.

أما في مجال الخدمات اللوجستية فيمكن للشركات أن تستفيد من البيانات لتحسين سلاسل التوريد وخفض الكلف والتنبؤ بالاضطرابات المحتملة قبل حدوثها، وفي مجال البيع بالتجزئة تعمل التجارب الشخصية المدعومة بالبيانات على تعزيز رضا العملاء ودفع المبيعات.

لكن الحقيقة أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لم يكن المجال الوحيد الذي أحدث ضجة، إذ أصبحت أنظمة الذكاء الاصطناعي المستقلة أكثر كفاءة وموثوقية وتجاوزت الوظائف الأساسية إلى معالجة المهام المعقدة في التصنيع والنقل وحتى التشخيصات في مجال الرعاية الصحية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

النسور الرقمية

واليوم يجذب سباق الذكاء الاصطناعي جهات فاعلة في الشرق الأوسط، إذ تسعى السعودية والإمارات إلى تطوير أنظمة بيئية محلية للذكاء الاصطناعي واكتساب اليد العليا الإقليمية، وتلقي برأسمالها وراء أهداف الذكاء الاصطناعي الوطنية المعلنة.

وفي حين أن الدول التي تحتل المرتبة الأولى في مجال الذكاء الاصطناعي هي دول متقدمة تقنياً عادة، بما في ذلك الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة ومعها الصين وسنغافورة وتايوان وهونغ كونغ واليابان، فقد أحرزت كثير من الدول الناشئة العربية خطوات كبيرة في هذا المجال مع تقدم ملحوظ في التصنيفات العالمية.

ويأتي مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي لعام 2024، وهو عبارة عن تقييم شامل لقدرات الذكاء الاصطناعي في 83 دولة، يقوّم الأداء بناء على 122 مؤشراً مجمعة في ثلاث ركائز هي التنفيذ والابتكار والاستثمار، وصادر عن شركة "تورتويز ميديا" ليسلط  الضوء على صعود ما تسميه "النسور الرقمية"، إذ ارتفعت الإمارات العربية المتحدة بشكل لافت من المركز الـ 28 إلى الـ 20، بينما حققت السعودية قفزة كبيرة بمقدار 17 مرتبة من المركز الـ 31 لتحتل المركز الـ 14 على مستوى العالم، والمركز الأول عربياً في مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي لعام 2024.

وأعلنت السعودية في الـ 16 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري "إعلان الرياض" في بداية منتدى "حوكمة الإنترنت 2024" الذي تستضيفه الأمم المتحدة في الرياض، ويؤكد ثلاثية الذكاء الاصطناعي الشامل والمبتكر والفعال، ويسعى إلى توسيع الوصول الرقمي وتعزيز الاستدامة ومعالجة التحديات العالمية، كما يسلط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في تحسين محو الأمية الرقمية وتعزيز الشمول الاقتصادي وحماية البيئة وتعزيز الصحة العامة، ويضع إطاراً إستراتيجياً لاستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة لسد الفجوات الرقمية ودعم أهداف الاستدامة العالمية وتعزيز حوكمة الذكاء الاصطناعي الدولية.

وبينما تتسابق الدول لتحقيق التوازن بين الابتكار والتنظيم، تعد السعودية واحدة من الدول التي تقدمت إلى الأمام سعياً إلى لعب دور المناصر والمؤيد للتقدم العادل في مجال الذكاء الاصطناعي، والحقيقة أن نهجها الاستباقي هذا يجعلها واحدة من الأصوات الرئيسة في المساعدة على تشكيل أنظمة الذكاء الاصطناعي العادلة لمستقبل رقمي.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم