Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تجاهلت "حماس" حديث الشرع بأنه لن يقاتل إسرائيل؟

تعاني الحركة من شرخ في الرأي... جزء منها يميل لإيران وآخر للإخوان

الأسد مستقبلاً في دمشق في 19 أكتوبر 2022، مسؤول العلاقات العربية في "حماس" آنذاك خليل الحية وزعيم حركة "الجهاد الإسلامي" زياد النخالة والأمين العام لـ "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة" طلال ناجي (أ ف ب)

ملخص

تجاهلت "حماس" تصريحات رئيس الإدارة السورية أحمد الشرع في شأن عدم قتال إسرائيل، إذ إن هذه التصريحات جعلت الحركة حائرة في اتخاذ موقف من حكام سوريا الجدد.

فور الإطاحة بنظام الأسد، هنأت حركة "حماس" السوريين على تحقيق تطلعاتهم نحو الحرية، وأكدت أنها تدعم الخيارات السياسية في دمشق، وكان واضحاً أن الحركة تود التقرب من النظام السياسي الجديد، لكن تصريحات رئيس الإدارة السورية أحمد الشرع حول إسرائيل مثّل صفعة لـ "حماس" وأوقف مخططها في التودد له.

رسالة واضحة لـ "حماس"

وبعبارات واضحة لا تحتاج إلى تأويل وتفسير، قال الشرع "لسنا في صدد الخوض في صراع مع إسرائيل، ولا شنّ معركة ضدها، ولن نسمح باستخدام سوريا كنقطة انطلاق للهجمات ضد تل أبيب، يحتاج الشعب السوري إلى استراحة". وأضاف الشرع "ليست لدينا عداوات مع المجتمع الإيراني ولكن الخلاف مع القيادة في طهران وحلفائها في المحيط، وما حدث في سوريا يعد انتصاراً على المشروع الإيراني الخطير بالمنطقة". وفي حديث الشرع رسائل واضحة لـ"حماس" والفصائل الفلسطينية الأخرى التي كانت تتخذ في سوريا مقرات لها، إذ رفض العداوة مع إسرائيل ورفض أي مقترح تقدمه الحركة الفلسطينية حول استخدام أراضي دمشق كنقطة انطلاق لشن هجمات ضد تل أبيب.

يفهم "حماس" جيداً

وفي الواقع، يبدو أن الشرع يفهم "حماس" جيداً، وقطع عليها الطريق في حديثه المقتضب، إذ منذ بداية الحرب التي تخوضها "حماس" وإسرائيل، كانت الحركة تعول كثيراً على دعم "محور الممانعة" لها، وتحاول دائماً تشجيع أذرع إيران في المنطقة لمساندتها في القتال وتحثهم على شن هجمات ضد تل أبيب، لكن "حماس" صُدمت من التغيير السريع في المنطقة وانهيار حلفائها.
ويبدو أن الشرع استوعب تهنئة "حماس" له سريعاً وفهم مخططها، وعمل سريعاً على تقييد نشاطها في سوريا أو ربما رفض وجودها على الأراضي السورية، إذ إنه يحاول النهوض بسوريا بعيداً من مخططات إيران التي تتبناها "حماس" وتنفذها.
وتجاهلت "حماس"، المعروفة بسرعة الرد على أي موقف، تصريحات الشرع، وتعاملت وكأنها لم تسمعها، ولكن لماذا تظاهرت الحركة بذلك، ولم تتبن موقفاً حول سوريا أو إدارتها الجديدة؟

تاريخ علاقة "حماس" بسوريا

للإجابة على هذا السؤال، يجب العودة في التاريخ إلى عام 2011، عندما كان خالد مشعل يرأس المكتب السياسي لـ "حماس"، ويقيم في دمشق ويدير من هناك مكتب الحركة الرئيس والرسمي، ويتمتع بكامل الصلاحيات والحريات.
في ذلك الوقت، كانت "حماس" جزءاً من جامعة "الإخوان المسلمين" وتؤيد أفكارها وتناهض إيران وتنبذها وترفض التعامل مع مخططاتها، وذلك بناءً على ارتباطات الحركة حينها كانت تدعم ما يعرف بـ "ثورات الربيع العربي".
في العام ذاته، اندلعت الثورة السورية ضد نظام الأسد الذي واجهها بالعنف والقمع، واضطرت "حماس" إلى اتخاذ موقف حول ما يجري، وأكدت وقوفها مع "تطلعات وأماني الشعب السوري"، أي أنها أيدت الثورة وناهضت الأسد.
على الفور غادرت "حماس" سوريا، وبعدها أعلن خالد مشعل الذي كان رئيساً للحركة وقتها، وإسماعيل هنية الذي كان نائباً له، دعم المعارضة السورية والدعوة إلى تغيير النظام، الأمر الذي أجبر الأسد على طرد الحركة وإغلاق مكاتبها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


التقرب من إيران

واعتباراً من عام 2016، بدأت الثورة السورية بالتراجع وهو ما دفع "حماس" إلى إعادة حساباتها في ما يخص علاقتها مع إيران، وساعدها في ذلك صعود الجناح العسكري على حساب المكتب السياسي، مع تولي إسماعيل هنية ويحيى السنوار رئاسة الحركة.
وبدأت الحركة ترميم العلاقة تدريجاً مع إيران، ونجحت بذلك، وباتت ذراعاً رسمياً لطهران في المنطقة وتنفذ سياساتها. واستجابةً لهذا الضغط، أخذت تحاول ترميم العلاقة مع النظام السوري وتسعى للمصالحة مع الأسد. ولم يغب مشعل وفريقه، ومن ضمنه عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق، وكلاهما مواليان للإخوان المسلمين عن "حماس" كلياً، ولكن ضعف رأيهما، ما سبب انقساماً في الرأي داخل الحركة.

المصالحة مع الأسد أضرت بالحركة

وبات جزء من "حماس" يمثله فريق السنوار وهنية، يؤيد التقارب مع إيران، وقسم آخر يعارض ذلك. وسبّب هذا الأمر شرخاً في الحركة لا تزال آثاره مستمرة حتى اليوم، إذ ترفض طهران زيارة مشعل أو أبو مرزوق لأراضيها.
في أي حال، حسمت "حماس" موقفها وقررت المصالحة مع الأسد، وفي عام 2022 نجحت في ذلك، وزار وفد منها دمشق والتقى مع الأسد بعد قطيعة استمرت أكثر من عشر سنوات، ما عدّه مراقبون أنه انقلاب على موقف الحركة و"خطوة مجنونة" لها ما بعدها من آثار.
وعلى رغم عودة العلاقة مع الأسد، فإن الشرخ داخل "حماس" زاد فعلياً، حيث يرى التيار الإخواني في الحركة أن هذه الخطوة خاطئة ومدمرة، بينما اعتبر التيار الموالي لإيران أن هذا الإجراء صحيح، بخاصة أنه يصب في خانة مناهضة إسرائيل.

المجتمع الدولي أهم من "حماس"

وبعد كل ذلك، يقول الباحث ثابت العمور الذي عمل على شؤون "حماس" الداخلية، إن الحركة "ما زالت منقسمة على نفسها. جزء منها يؤيد الإخوان والجزء الآخر يؤيد إيران. هذا الشرخ جعلها تائهة في اتخاذ موقف مما يجري في سوريا أخيراً". ويضيف العمور، أن "حماس نشرت تهنئة للشرع، وكانت مجرد رسالة جس نبض، إما أن يتقبلها القائد الجديد، ويتذكر أن حماس أول من أيده في ثورته ضد نظام الأسد، أو يتجاهلها وذلك بسبب انقلاب الحركة على رأيها وإبرامها صلحاً مع النظام القديم".
ويوضح العمور أن "تجاهل الشرع تهنئة حماس له، قابلته الحركة بتجاهل موقفه من إسرائيل، وظهرت وكأنها غير مهتمة، لكن ذلك غير دقيق، إذ وصلتهم رسالة بأنه غير مرحب بهم في دمشق مجدداً".

ويشير العمور إلى أن "الشرع يحاول الآن التقرب من المجتمع الدولي، ولهذا رفض فكرة مهاجمة إسرائيل من سوريا. وكان حديثه موجهاً بالدرجة الأولى إلى الفصائل الفلسطينية، إذ عليه في إطار سياسته الخارجية اتخاذ موقف سريع في هذا الشأن".

ويبين العمور أن "حماس الآن في ورطة، إذ بعدما هنأت الشرع، لم يستجب، أي أنها خسرته ولم تعد قادرة على بناء علاقات إقليمية جديدة، وفي الوقت ذاته باتت غير قادرة على مهاجمته واتهامه بالتماهي مع أميركا، فهي التي سبقت إلى فتح حوار معه.

ويقول المتحدث باسم الحركة، جهاد طه، إن "الجميع مشغول في محادثات وقف إطلاق النار في غزة، التغيرات الإقليمية سندرسها لاحقاً، لكن موقفنا واضح بأن عدو إسرائيل صديقنا، وحليفها عدونا".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير