Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مطامع ترمب في جزيرة غرينلاند لا تتوقف

الرئيس المنتخب يهدد بضم كندا وإعادة الاستيلاء على قناة بنما ويقترح شراء الجزيرة من الدنمارك

تبلغ مساحة جزيرة غرينلاند الدنماركية 2.1 مليون كيلومتر مربع (أ ف ب)

ملخص

السلطات الدنماركية، بعد ساعات من تصريح ترمب الأخير، سارعت بالإعلان عن موازنة إضافية للإنفاق الدفاعي في "غرينلاند" وتعزيز الوجود القوي في المنطقة القطبية، كما قال وزير الدفاع الدنماركي ترويلز لوند بولسن إلى صحيفة "غاي لاندز بوستن"، معلناً أن "حجم الزيادة في الإنفاق الدفاعي تصل إلى 1.5 مليار دولار"

بعد تصريحاته المتكررة التي تطالب كندا بالانضمام إلى الولايات المتحدة لتصبح الولاية الأميركية 51، ثم تهديده بالاستيلاء على قناة بنما، متهماً السلطات البنمية بزيادة الرسوم على عبور السفن الأميركية فيها، أثار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب جدلاً جديداً بتكرار عرض شراء جزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك.

,سبق لترمب المطالبة بشراء غرينلاند خلال فترة رئاسته الأولى، وهو الطلب الذي قوبل بالرفض القاطع، وكان مبرره آنذاك عام 2019 أن شراء أميركا للجزيرة من الدنمارك "صفقة عقارية ضخمة" قد تساعد الدنمارك على تخفيف أعبائها المالية، أما حجته هذه المرة، فتتمثل في أن سيطرة الولايات المتحدة على الجزيرة يعد أمراً ضرورياً للأمن القومي.

,تقبع الجزيرة في أعلى المحيط الأطلسي ما بين قمته الشمالية والمنطقة القطبية الشمالية، وهي المملوكة للدنمارك منذ أكثر من 600 عام ومنحت الاستقلال عام 1979، وتتمتع بصورة من صور الحكم الذاتي منذ عام 2009.

وتتميز الجزيرة بموقع استراتيجي، فضلاً عن أنها أكبر جزيرة في العالم، إذ تزيد مساحتها على مساحة المكسيك، لكن معظمها مغطى بشريط ثلجي والمنطقة المأهولة فيها صغيرة ويبلغ عدد سكانها 57 ألف نسمة.

رد دنماركي فوري

وغرينلاند ومحيطها البحري غني بمصادر طاقة غير مستغلة من النفط والغاز، إضافة إلى احتياطات من المعادن، بعضها من المعادن المهمة المستخدمة في الصناعات الحديثة، بالتالي ينظر إليها على أنها مطمع للقوى الكبرى مثل روسيا والصين، فضلاً عن الولايات المتحدة.

وتوجد على الجزيرة قاعدة أميركية كبيرة تضم قوات جوية ومحطات رادار ورصد تعتمد عليها الولايات المتحدة في نظام الإنذار المبكر لإطلاق الصواريخ عليها، وتستخدم القاعدة أيضاً في الرصد الفضائي.

في المقابل جاء الرد على اقتراح ترمب السابق قبل خمس سنوات سريعاً وفورياً، فقد أكد رئيس وزراء غرينلاند موتي بوروب إيغيدي أن الجزيرة ليست للبيع و"لن تعرض للبيع أبداً"، قبل أن يستدرك "لكنها منفتحة على التعاون والتجارة بصورة أكبر مع بقية دول العالم، خصوصاً مع جيرانها ودول أميركا الشمالية".

أما السلطات الدنماركية، بعد ساعات من تصريح ترمب الأخير، فسارعت بالإعلان عن موازنة إضافية للإنفاق الدفاعي في غرينلاند وتعزيز الوجود القوي في المنطقة القطبية، كما قال وزير الدفاع الدنماركي ترويلز لوند بولسن إلى صحيفة "غاي لاندز بوستن"، معلناً أن "حجم الزيادة في الإنفاق الدفاعي تصل إلى 1.5 مليار دولار".

أضاف أن "الخطط الدنماركية تتضمن شراء سفينتي مراقبة وتفتيش وطائرتين من دون طيار طويلة مدى الطيران وفريقين من الزلاجات التي تقودها الكلاب وزيادة عدد الأفراد في القيادة القطبية الدنماركية"، مشيراً إلى أن بلاده ستطور مطار كانغرلوسواك بما يجعله صالحاً للاستخدام من قبل الطائرات المقاتلة "أف–35".

واعترف وزير الدفاع الدنماركي بأن استثمارات بلاده في غرينلاند كانت ضعيفة، مضيفاً أن حكومته ستعمل من الآن على زيادة تلك الاستثمارات وتقوية وجودها في المنطقة القطبية كلها.

ومن شأن ذلك أن يعزز أكثر من مكانة غرينلاند الاستراتيجية، خصوصاً مع وجود قاعدة "بيتوفيك" الجوية الأميركية التي تعتمد عليها واشنطن كمقدمة مهمة للإنذار المبكر في شأن الصواريخ الباليستية.

على أية حال، كل ذلك مفيد لسكان غرينلاند الذين يعتمدون حالياً في معظم اقتصادهم على الصيد وغيره من النشاطات الأولية مع تغطية الطبقة الثلجية نحو 80 في المئة من الجزيرة، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للجزيرة نحو 3.2 مليار دولار عام 2021 بحسب أرقام البنك الدولي، وتتلقى الجزيرة إعانة سنوية تقدر بنحو 600 مليون دولار من الدنمارك.

سوابق الشراء

على رغم أن تصريح ترمب حول شراء أميركا لغرينلاند مهم من الناحية الاستراتيجية، فإن تصريحاته في فترة رئاسته الأولى تبدو الأقرب إلى المنطق، إذ يعدها "صفقة عقارية مغرية".

من قبل، فعل الرئيس السابق أندرو جونسون الأمر نفسه، عندما أشرف على صفقة شراء جزيرة ألاسكا من روسيا عام 1867، بقيمة 7.2 مليون دولار آنذاك، وهو ما يعادل 150 مليون دولار بالقيمة الحالية بحساب معدلات التضخم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحتى القرن الـ20 كانت صفقات شراء الأراضي السيادية شائعة نسبياً، فقبل شراء ألاسكا، اشترت الولايات المتحدة إقليم لويزيانا من فرنسا عام 1803 مقابل 15 مليون دولار وقتها (أي ما يقارب 300 مليون دولار بالأسعار الحالية)، وفي الدنمارك نفسها، باعت كوبنهاغن ما يعرف الآن بجزر فيرجن الأميركية عام 1917.

وصحيح أنه ما زال هناك كثير من الجزر الأخرى متاحة للبيع، لكنها غالباً أصغر حجماً وتقع في مناطق ذات مناخات أكثر دفئاً، وليست مثل غرينلاند التي تبلغ مساحتها 2.1 مليون كيلومتر مربع.

وكتب جوزيف بلوتشر من كلية الحقوق بجامعة "ديوك" عام 2014 أن "عروض بيع الأراضي السيادية أصبحت نادرة للغاية"، بحسب ما نقلت عنه وكالة "بلومبيرغ" في تقرير لها هذا الأسبوع.

عراقيل قانونية

ومع افتراض موافقة الدنماركية على البيع، هل يستطيع ترمب شراءها؟ فبموجب الدستور الأميركي، يتعين على الكونغرس الموافقة على أي أموال تخصص لشراء الأراضي، لكن ترمب أظهر سابقاً استعداده لتجاوز سلطة الكونغرس فيما يتعلق بالإنفاق، إذ استخدم موازنة وزارة الدفاع "البنتاغون" لتمويل بناء جدار حدودي مع المكسيك، بعدما رفض الكونغرس تخصيص الأموال لذلك، وحظي بدعم المحكمة العليا آنذاك، كما أشار تقرير "بلومبيرغ".

وحين طرح ترمب فكرة شراء الجزيرة عام 2019، أوضح البروفيسور راسموس ليندر نيلسن من جامعة "غرينلاند" لوسائل الإعلام المحلية وقتها، أن "الدنمارك لا يمكنها بيع غرينلاند، نظراً إلى أن قانون الحكم الذاتي لعام 2009 يؤكد بصورة واضحة أن سكان غرينلاند يشكلون شعباً مستقلاً". وأضاف أن "أفضل فرصة لترمب قد تكون في حال حصول غرينلاند على استقلالها التام واختيارها بيع الإقليم للولايات المتحدة، إذ كانت مسألة الانفصال عن الدنمارك محل نقاش داخل غرينلاند، بعدما كشف المشرعون المحليون العام الماضي عن مسودة دستور تمهيداً لإنشاء دولة مستقلة، إلا أن تحقيق الاستقلال الكامل لا يزال بعيد المنال".

اقرأ المزيد