Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مزارع عائلية بريطانية على المحك بسبب ضريبة الميراث الجديدة

الحكومة، إضافة إلى ارتباكها في تحديد عدد المزارع التي ستتأثر بالتغييرات، تتغاضى عن أثرها الأوسع في أمننا الغذائي الوطني

تحقق المزارع في بريطانيا أقل من واحد في المئة دخلاً سنوياً (صور أنسبلاش)

ملخص

تواجه المزارع العائلية البريطانية خطر الانهيار بسبب ضريبة الميراث الجديدة مما يؤثر في الأمن الغذائي الوطني ومستقبل الأسر الزراعية

بينما أنظر إلى الوادي الواقع خلف مزرعتنا، والذي يبدو مفعماً بأجواء عيد الميلاد إذ يتنقل أحد طيور أبو الحناء بين ماشيتنا التي لا تخشى برد الشتاء، وهي ترعى بقايا العشب المكسو بطبقات الصقيع، لا يدور في خلدي شيء غير مستقبل عائلتي، وكذلك مستقبل عديد من العائلات مثل عائلتي، التي أصبح مستقبلها مشوباً بحال من عدم اليقين منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

استأجرت أنا وزوجي المزرعة الواقعة في ساوث بيناينز قبل 20 عاماً وشغلناها في البداية كمزرعة ألبان، ثم طورناها تدريجاً لتنتج لحوم الأبقار بأساليب مراعية للمناخ. وكانت رحلتنا تزخر بالعمل الجاد والتفاني، ومررنا بأوقات بدا لي فيها النجاح صعب المنال. لكن بفضل الجهد المتواصل، الدم والعرق والدموع كما يقول المثل، وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.

الآن، يتولى أبناؤنا الذين نشأوا في المزرعة بوصفها ملعبهم مزيداً من مسؤولياتها. لكن ما خططنا له كله من أجلهم يبدو الآن مهدداً. فالتغييرات المعلنة في موازنة وزيرة المالية راشيل ريفز تعني أن المزارع المشمولة بالإعفاء الخاص بالممتلكات التجارية والإعفاء الخاص بالممتلكات الزراعية، والتي تتجاوز قيمتها مليون جنيه استرليني (1.26 مليون دولار)، ستخضع إلى ضريبة ميراث بنسبة 20 في المئة. وقد يبدو هذا مبلغاً كبيراً من المال، لكن بالنسبة إلى مستأجرين مثلي فإن قيمة الآلات والماشية والممتلكات الأخرى اللازمة لتشغيل أعمالنا ستتجاوز بسهولة عتبة المليون جنيه ضمن بند الإعفاء الخاص بالممتلكات التجارية وحده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى غرار عديد من الأعمال الزراعية في أنحاء البلاد كلها، نحن نحقق دخلاً ضئيلاً للغاية. تستخدم معظم أرباحنا السنوية لتغطية إيجار الأرض وتعويض أبنائنا عن عملهم في المزرعة. ولا يتبقى لدينا كثير من المال. وحالتنا ليست حالة فريدة: في المتوسط، تحقق المزارع أقل من واحد في المئة دخلاً سنوياً وغالباً ما يتقاسم هذا المبلغ الشركاء في الأعمال.

لذلك، عندما نموت أنا وزوجي أخشى ألا يتمكن أولادنا من تحمل فاتورة الضرائب، التي قد تصل بسهولة إلى مئات الآلاف من الجنيهات. ليس هناك من طريقة تمكنهم من تغطية تلك الضريبة، إضافة إلى كلفة الإيجار ونفقات معيشتهم، من دون بيع الآلات أو الماشية أو أجزاء أخرى من المزرعة. وهذا قد يعني انهيار كل ما عملنا عليه على مدار العقدين الماضيين. كأم ومزارعة وشخص مهتم برعاية الريف والحفاظ عليه، يحطم ذلك قلبي.

وتزعم الحكومة أن هذا الإصلاح سيغلق فجوة ضريبية، وأنه بفضل الإعفاءات الزوجية والشرائح المعفاة من الضرائب يمكن لشخصين نقل أصول تصل قيمتها إلى 3 ملايين جنيه استرليني دون دفع ضرائب. وقد يكون هذا ممكناً نظرياً، لكن الواقع مختلف تماماً لكثر. أولاً، يفترض هذا أن مالكي المزارع متزوجون، ويتجاهل تماماً الأرامل والمطلقين والأشخاص غير المتزوجين.

حتى لو قال قائل متفائل إن الضريبة لن تفرض إلا على المزارع التي تتجاوز قيمتها مليوني جنيه، سيؤدي توزيع فاتورة ضريبة الميراث على 10 أعوام إلى القضاء على معظم العوائد الخاصة بكثر من أصحاب المزارع المتوسطة الحجم، إن لم يكن عوائدهم كلها. أما بالنسبة للمزارع الأكبر حجماً فستنخفض العوائد إلى النصف، وعند حد المليون جنيه ستتجاوز فاتورة الضريبة متوسط عوائد المزرعة المتوسطة الحجم، وستستهلك الغالبية العظمى من دخل المزرعة الأكبر حجماً. ليست الخطوة عبارة عن "إغلاق لفجوة ضريبية"، إنها ناقوس موت يقرع لعديد من المزارع العائلية.

بالنسبة إلى مزرعة مثل مزرعتي، يعني ذلك أننا لن نتمكن بعد الآن من التركيز على تنمية أعمالنا وإنتاج مزيد من الغذاء للبلاد. بدلاً من ذلك، سنضطر إلى إنفاق الأموال على استشارات ضريبية مكلفة، لمجرد أن نفهم كيفية حماية مستقبل أطفالنا والحفاظ على ما بنيناه.

قد يكون الجزء الأكثر إثارة للقلق في هذا الإصلاح الضريبي الجديد هو الفهم الخاطئ التام لدى الحكومة في شأن عدد المزارع التي ستتأثر. وفق تحليل للتأثيرات أجراه الاتحاد الوطني للمزارعين، تواجه 75 في المئة من المزارع العائلية التجارية خطراً بسبب هذه التغييرات. ليس ذلك مجرد رقم على ورقة، هو يمثل عائلات مثل عائلتي تعمل بجد للحفاظ على مزارعها وتطويرها، لكنها الآن تواجه مستقبلاً غير مؤكد.

من دون إلغاء هذه السياسة الضريبية، أشعر حقاً بقلق من أنني لن أتمكن من منح أبنائي المستقبل الذي عملوا من أجله، المستقبل الذي تخيلوه منذ أن كانوا صغاراً، يلعبون بجرارات صغيرة في المزرعة. وأشعر بقلق من أننا لن نتمكن من توظيف عاملين محليين لمساعدتنا في زراعة أعلاف تخدم التنوع الحيوي أو الاستثمار في البنية التحتية التي نحتاج إليها لإنتاج غذاء عالي الجودة ومراع للمناخ. وأشعر بخوف من أننا لن نتمكن من توفير الطعام للبلاد، كما كنا نفعل دائماً.

بدلاً من الدفع بإصلاحات تهدد بقاء المزارع العائلية مثل مزرعتي، ينبغي على الحكومة أن تركز على تحقيق مستقبل مستدام ومربح للزراعة. لقد حان الوقت للحكومة لحماية المزارع التي توفر الغذاء لنا جميعاً، قبل فوات الأوان.

راشيل هالوس مزارعة مستأجرة لمزرعة جبلية في ساوث بيناينز، تعمل بالشراكة مع زوجها وأولادها، وهي أيضاً نائبة رئيس الاتحاد الوطني للمزارعين

© The Independent