ملخص
أطلقت الفصائل الفلسطينية خمسة صواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية من المنطقة العازلة، فهل ينجح الشريط الأمني في حماية إسرائيل؟
من منطقة بيت حانون أقصى شمال غزة وأقرب نقطة لدولة إسرائيل، أطلقت الفصائل الفلسطينية خمس صواريخ باتجاه المدن المحاذية للقطاع، مما يُعدّ خطراً ليس لأن المقذوفات رُميت مع وجود الجيش هناك فحسب، بل لأن هذه البقعة حولتها تل أبيب إلى منطقة عازلة.
مع بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، وضعت تل أبيب خطة لمنع تكرار هجمات الفصائل الفلسطينية على مدنها، وتبنت فكرة تشييد مناطق عازلة داخل قطاع غزة بهدف إبعاد حركة "حماس" والفصائل الفلسطينية الأخرى من الحدود.
المنطقة العازلة
شرعت إسرائيل في تشييد المنطقة العازلة مع بدء الحرب، فبعد توغل القوات الإسرائيلية داخل غزة، عملت الفرق الهندسية على رسم ملامح الشريط الأمني الذي تركز في المناطق الشرقية والشمالية، أي بمحاذاة الشريط الحدودي بين القطاع وإسرائيل.
وبغية إقامة منطقة عازلة داخل غزة بعمق كيلومتر واحد شرقاً ونفسه في الشمال، دمر الجيش الإسرائيلي نحو 40 ألف بناية سكنية قريبة من الحدود، مما يشكل نحو 16 في المئة من إجمالي مساحة القطاع التي تقدر بـ356 كيلومتراً مربعاً.
وبعد نحو عام من الحرب، قررت إسرائيل توسيع المنطقة العازلة داخل غزة بخاصة من جهة الشمال، إذ عملت على تدمير منطقة بيت حانون وطرد سكانها ومسح مبانيها عن طريق التفجيرات والعمليات الهندسية، وضمت تلك البقعة إلى المنطقة العازلة.
تصريحات حول الشريط الأمني
في إسرائيل، لم يعُد الحديث عن المنطقة العازلة أمراً سرياً كما كان في بداية الحرب، وتحول الأمر إلى تدابير صارمة لمنع الهجمات الفلسطينية على الأراضي الإسرائيلية، وكذلك الحد من فاعلية الصواريخ التي تطلقها الجماعات المسلحة في غزة.
ويقول وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس "ستكون هناك مناطق عازلة ومواقع سيطرة في غزة، وبهذا نحن سنعمل ذلك لمنع إطلاق صواريخ على أراضينا"، وأعلن وزير الطاقة والبنية التحتية إيلي كوهين أنه "صراحة أراضي غزة ستتقلص".
وقبل إقالته، دعا وزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إنشاء منطقة عازلة إلى أجل غير مسمى داخل القطاع على النحو الذي من شأنه أن يدفع الفصائل الفلسطينية بعيداً من الحدود، وهو موقف يدعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بصورة كبيرة.
صواريخ من المنطقة العازلة
في أي حال، جهزت إسرائيل المنطقة العازلة داخل غزة، وأعلنت أن الهدف منها اتخاذ تدابير حماية إضافية لمنع إطلاق صواريخ على مدنها ومنع تنفيذ أي هجوم كما حدث في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، وفق ما قاله المتحدث باسم الجيش جوناثان كونريكوس.
لكن من قلب المنطقة العازلة، تواصل الفصائل الفلسطينية لليوم الرابع على التوالي إطلاق رشقات صاروخية نحو إسرائيل، مما يعزز فرضية أن الشريط الأمني غير مجدٍ ولا يحمي المدن من الهجوم الصاروخي بصورة فعلية.
بحسب المتابعة الميدانية، نفذت الفصائل الفلسطينية هجومها الصاروخي على إسرائيل من المناطق الشمالية والشرقية للقطاع، وأطلقت ما مجمله 25 قذيفة أرض-أرض، واعترف الجيش بذلك وأصدر بياناً توضيحياً جاء فيه "تمكنا من اعتراض عدد من الصواريخ، لكن سقط مقذوفان فقط منطقة مفتوحة من سديروت ولم يتم تسجيل أي إصابات أو أضرار".
هل فشلت المنطقة العازلة؟
وانقلب الرأي العام في إسرائيل بعد تمكن الفصائل الفلسطينية من إطلاق صواريخ باتجاه المدن الإسرائيلية، واعتبر أن وجود الجيش داخل غزة لا يخيف المقاتلين، والمهم أكثر من ذلك أن المنطقة العازلة أثبتت فشلها سريعاً حتى قبل انتهاء الحرب وعودة "حماس" لتراكم قواتها.
وانتقد سكان المدن القريبة من غزة خطة المنطقة العازلة واعتبروها فاشلة وانتقدوا الحكومة والجيش، وقالوا إنهم لن يعودوا للعيش في البلدات القريبة من غزة ما دام أن "حماس" ما زالت تمتلك صواريخ وتطلقها نحوهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووسط كل التدابير العسكرية الإسرائيلية الصارمة في المنطقة العازلة، هل فشلت خطة حماية المدن عن طريق شريط أمني داخل غزة، وهل فعلاً المنطقة العازلة تحمي إسرائيل وتمنع عنها الهجمات الصاروخية في الأقل؟.
غير مجدية
يقول الباحث السياسي الإسرائيلي تسفي برئيل "الشريط الأمني داخل غزة لن يوفر لإسرائيل الأمن، وإنشاء منطقة عازلة على الحدود ليس فكرة جديدة وكذلك ليس مقترحاً جيداً، لقد جربنا ذلك سابقاً وجربت دول أخرى الفكرة نفسها وفشلنا ولم تتمكن الدول الأخرى من القضاء على التهديدات الأمنية".
ويضيف أن "النتيجة المتوقعة لا تتطلب التخمين، فمن دون أي ترتيبات سياسية بعد الحرب، سيصبح الجيش الإسرائيلي في المنطقة العازلة هدفاً مباشراً للأنشطة المسلحة الفلسطينية، والشريط الأمني لن يمنح مواطني إسرائيل الأمن لأن الصواريخ ببساطة يمكن أن تجتاز تلك المنطقة العازلة".
رسائل ودلالات
ويقول الباحث العسكري رافي سكر من جهته إن "إطلاق الصواريخ من شمال غزة التي باتت منطقة عازلة يحمل رسائل ودلالات على أن الشريط الأمني الإسرائيلي داخل غزة لن ينجح في حماية تل أبيب من الرشقات الصاروخية".
ويضيف أن "الشريط الأمني فشل مبكراً في منع إطلاق صواريخ الفصائل الفلسطينية تجاه غلاف غزة في الأقل، وأثبتت المنطقة العازلة فشلها بصورة كاملة، خصوصاً بعد مرور نحو 450 يوماً على وجود الجيش الإسرائيلي داخل غزة".
ولا يعتقد سكر بأن إسرائيل ستصر على بقاء المنطقة العازلة بعد فشلها، لذلك ستعمل على التنازل عن مطالبها بالبقاء في محاور داخل غزة، مما سيسهل التوصل إلى اتفاق حول إنهاء حرب القطاع.