Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أهم داعم للاقتصاد السوداني... قطاع الثروة الحيوانية على وشك الانهيار

الحرب تغلق السوق الخارجية والداخلية أمام الرعاة وتكبدهم خسائر فادحة

يعد السودان من أغنى الدول العربية والأفريقية بثروته الحيوانية (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

-يمثل الرعاة رموزاً للثراء والمكانة الاجتماعية في بوادي كردفان ودارفور والجزيرة، ويستفيد نحو 26 مليون سوداني من قطاع الثروة الحيوانية بصورة مباشرة.

-بات السكان الذين يمتهنون الرعي وتربية الحيوان يعانون ظروفاً معيشية قاسية بسبب توقف حركة البيع والصادرات، إلى جانب تزايد عمليات السلب والنهب.

ألحقت الحرب المندلعة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ أكثر من 20 شهراً أضراراً بالغة برعاة الماشية في السودان، نتيجة الخسائر الفادحة بعد نفوق الإبل والأبقار إثر تعرضها للقصف العشوائي، وتوقفت الصادرات وحركة الأسواق في ولايات البلاد المختلفة فضلاً عن عمليات السلب والنهب المتكررة لمئات رؤوس المواشي من الضأن والماعز، إضافة إلى تعرض رعاة كثر للقتل بسبب مقاومة اللصوص والمجموعات المسلحة خلال رحلة التنقل في المراعي.

ويمثل الرعاة رموزاً للثراء والمكانة الاجتماعية في بوادي كردفان ودارفور والجزيرة، ويستفيد نحو 26 مليون سوداني من قطاع الثروة الحيوانية بصورة مباشرة بحسب بيانات البنك الدولي، في بلد يعد من أكبر المصدرين للماشية داخل قارة أفريقيا، وتشكل المهن المرتبطة بهذا القطاع وعلى رأسها التربية والرعي حرفاً أساس لكثير من المواطنين، إلا أن الصراع المسلح وتداعياته أديا إلى انهياره.

خسائر وأضرار

يقول المواطن السوداني بخيت الفايق راعي قطيع ماعز وأبقار في ولاية شمال كردفان، إن "الحرب ألحقت أضراراً بالغة برعاة الماشية في ولايات كردفان الثلاث التي تحولت لمسرح عمليات حربية، مما أدى إلى الاقتتال القبلي الذي أجبرهم على عدم التنقل في مناطق الرعي خشية التعرض للنهب والسلب، وكذلك القتل نظراً إلى انتشار المجموعات المسلحة".

وأضاف أن "أبناء أعمامه تعرضوا لخسائر فادحة بعد سرقة قطيع من الإبل يتكون من 200 ناقة و130 جملاً من قبل مسلحين في منطقة أم روابة داخل ولاية شمال كردفان، وقُتل ثلاثة رعاة وتعرض آخرون لإصابات بجروح خطرة بعد مقاومة اللصوص، وكذلك نهب قطيع من الماعز يتكون من 300 رأس خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2024".

وأوضح الفايق أن المسلحين ارتكبوا انتهاكات واسعة وجرائم بشعة في بلدة ود عشانا داخل ولاية شمال كردفان، شملت القتل والاختطاف ونهب الممتلكات بما في ذلك المواشي. وخسر السكان ما يزيد على 750 رأساً من الماعز و180 من الضأن و90 من الأبقار المنتجة للحليب، فضلاً عن قتل عدد كبير من الرعاة".

توقف الصادرات

على الصعيد نفسه، أفاد حافظ كاكوم راعي قطيع أبقار في محلية رهيد البردي أن "احتدام المعارك في إقليم دارفور أسهم في تدمير وانهيار أهم داعم للاقتصاد السوداني، خصوصاً ولاية جنوب دارفور التي تتميز بثروة حيوانية وحركة نشطة في تجارة المواشي، إذ تضم أكبر وأهم سوق كان يغذي العاصمة الخرطوم قبل اندلاع الحرب بأنواع مختلفة من القطيع ونشوبها أدى إلى إيقاف البيع والشراء. وبات السكان الذين يمتهنون الرعي وتربية الحيوان يعانون ظروفاً معيشية قاسية بسبب توقف حركة البيع والصادرات، إلى جانب تزايد عمليات السلب والنهب".

وأشار إلى أن "القصف الجوي والمدفعي تسبب في نفوق الإبل والأبقار والماعز إثر تعرضها لإطلاق النار العشوائي في ولايات دارفور الخمس، وكذلك تلوث المراعي الطبيعية، فضلاً عن تغيير حركة الحيوانات في مساراتها من الشمال إلى الجنوب والعكس خلال فصول العام، من ثم لم يعد بالإمكان سلك هذه الطرق بسبب العمليات العسكرية".

ولفت كاكوم إلى أن "الحرب أوقفت تجارة الصادرات وأصبحت عملية البيع والشراء محصورة داخل الإقليم، وهي من الخسائر التي طاولت التجار بسبب الصراع المسلح إلى جانب أن الولاية موبوءة بالأمراض، من ثم فإن تنقل المواشي يسهم في انتشار العدوى خلال وقت لا توجد وسائل لمكافحتها في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد".

أزمة المراعي

أحد رعاة المواشي في مدينة الفولة غرب السودان يدعى سعد خليفة قال إن "تصاعد المعارك بين الجيش السوداني وقوات ’الدعم السريع‘ في ولايات دارفور وكردفان أسهم في حرمان مربي المواشي من التنقل في المراعي خلال فصل الخريف وموسم الأمطار، بسبب أخطار الطرقات نظراً إلى انتشار المجموعات المسلحة".

وتوقع خليفة حدوث كارثة للثروة الحيوانية في البلاد جراء نقص المراعي وشح المياه خلال الوقت الحالي، بسبب غياب الأمن وصعوبة التنقل مما أدى لحدوث خسائر فادحة للمربين.

وتابع "همنا الوحيد هو العثور على منطقة بها بعض الكلأ، لنمكث بضعة أيام في انتظار البحث عن أماكن بديلة، إلا أن مساعينا تبوء بالفشل بسبب عدم توافر المراعي الكافية في بعض المناطق الآمنة".

تداعيات الحرب

وعلى صعيد متصل، أوضح المتخصص في الشأن الاقتصادي الطاهر مجذوب أن "الرعاة يمثلون رموزاً للثراء والمكانة الاجتماعية في بوادي كردفان ودارفور، وداخل ولايتي الجزيرة والنيل الأزرق ومناطق البطانة، ويدعمون الاقتصاد السوداني بمتوسط سنوي يصل إلى مليار دولار من عائدات صادرات المواشي والأبقار إلى الخارج".

ونوه مجذوب إلى أن "سكان ولايات غرب البلاد يعتمدون على الثروة الحيوانية في معيشتهم من خلال بيعها وتصديرها وأغلقت الحرب أمامهم السوق الخارجية والداخلية، كما أن رعاتها تركوها بسبب استمرار الصراع المسلح".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأردف "الرعاة في ولايات كردفان الثلاث وأقاليم دارفور الخمسة تعرضوا لخسائر فادحة نتيجة سلب ونهب مئات آلاف القطعان من الحيوانات ونفوق أخرى، بعد استهداف "سوق المويلح" غرب مدينة أم درمان علاوة على فشل مربين كثر في إيصال المواشي إلى الخرطوم أو المعابر الحدودية والموانئ البحرية في ظل استمرار القتال".

وعدَّ المتخصص في الشأن الاقتصادي أن "الاقتتال القبلي أسهم في تفاقم أوضاع رعاة الماشية بصورة كبيرة، خصوصاً بعد تعرض المئات للقتل والاختطاف ونهب الإبل والأبقار، وبخاصة أن رحلة تنقلاتهم وترحالهم بحثاً عن الكلأ والماء تستغرق أكثر من ثلاثة أشهر تعبر خلالها الحيوانات مراعي ألفتها منذ القدم، وعلى مدى عقود من المسير المتكرر كل عام تكونت علاقات اجتماعية واقتصادية بين المجتمعات المحلية والرعاة العابرين، إلا أن تصاعد حدة القتال القبلي أدى إلى حدوث أزمة في المراعي".

الثروة الحيوانية

وتعد الثروة الحيوانية في السودان أحد أهم مصادر النقد الأجنبي من عائدات صادرات المواشي والأبقار إلى الخارج بمتوسط سنوي يصل إلى مليار دولار، وفق إحصاءات حكومية.

ويعد السودان من أغنى الدول العربية والأفريقية بثروته الحيوانية، إذ تقدر أعداد الحيوانات بنحو 103 ملايين رأس منها 30 مليون بقرة و37 مليون رأس غنم، وكذلك 33 مليون رأس ماعز و3 ملايين رأس من الإبل.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير