ملخص
أرسل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيس جهاز الموساد إلى قطر لرئاسة وفد التفاوض حول ملف غزة الذي يبدو أنه أكثر استعداداً لإبرام اتفاق، إذ حشد نتنياهو أصواتاً مؤيدة من وزراء حكومته.
من جديد عاد الزخم الدولي لمحادثات صفقة تحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وبسرعة علق سكان القطاع أمالاً كبيرة هذه المرة في التوصل إلى اتفاق يعلن قريباً، إذ أنهكت الحرب المدمرة قلوب النازحين وجوعت بطونهم.
وقبل أسبوع كان طرفا الحرب أقرب ما يكونان للتوصل إلى اتفاق هدنة في غزة، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استدعى فريق التفاوض الخاص بتل أبيب لإجراء مشاورات داخلية، وهذا ما عرقل إعلان التهدئة في القطاع.
حشد إسرائيلي
خلال الأسبوع حشد نتنياهو الذي يبدو أنه مستعد لإبرام اتفاق أصواتاً مؤيدة من وزراء حكومته، وعقد أمس الأحد اجتماعاً أمنياً حضره رئيس حزب شاس الديني أرييه درعي ليقنع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بأن لا معارضة دينية في إبرام صفقة تبادل للرهائن والأسرى الفلسطينيين.
وبعد هذا اللقاء وافق نتنياهو على إرسال وفد بلاده للتفاوض من فئة متوسط المستوى، ومنحه صلاحيات جيدة لإتمام المفاوضات، وضع الفريق مسؤولين من أجهزة الاستخبارات (الموساد والشاباك) وقيادات في الجيش الإسرائيلي، وهؤلاء يشاركون للمرة الأولى في محادثات الهدنة.
ثم وافقت إسرائيل على إيفاد رئيس جهاز الموساد ديفيد بارنياع، الذي يرسل للمحادثات عندما تنضج، ومن المقرر أن يسافر إلى قطر لإجراء مفاوضات بنفسه وبحضور الوسيط الأميركي والمصري وفريق "حماس" للتفاوض.
وبحسب الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية مازن عبيد فإن جميع هذه المؤشرات توحي بأن تل أبيب باتت جاهزة لإبرام اتفاق حقيقي، ليس لأن مهلة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب شارفت على النهاية، وإنما لأن جميع أهداف المؤسسة الأمنية حققت وحان وقت الصفقة.
تأجيل الخلافات
وأبرز التطورات في محادثات صفقة غزة، أن الوسطاء اتفقوا مع طرفي الحرب على تأجيل أية خلافات شأنها أن تعرقل التوصل إلى هدنة إلى المرحلة الثانية من الصفقة، وأن يقتصر التفاوض حالياً على مناقشة ملفات المرحلة الأولى التي تسمى المرحلة الإنسانية.
أكد نتنياهو ذلك الطرح، وقال "إذا التزمت ’حماس‘ في مناقشة تفاصيل المرحلة الإنسانية حينها يمكن إحراز تقدم في المفاوضات"، وبدورها أيدت "حماس" ذلك العرض، إذ قال عضو فريق التفاوض عن الحركة باسم نعيم "نبدي مرونة في ما طلبه الوسطاء من تأجيل القضايا الخلافية".
حلول لقائمة الرهائن
وفي غرف المفاوضات كان وفد إسرائيل يحمل حلولاً لأهم نقطة خلافية مع "حماس"، وهي قائمة أسماء الرهائن في غزة، إذ عرض فريق تل أبيب التفاوضي على الوسطاء قائمة بها أسماء 34 رهينة للإفراج عنهم ضمن المرحلة الإنسانية من الاتفاق.
وبحسب المعلومات الواردة، فإن القائمة الإسرائيلية لأسماء الرهائن تتضمن عسكريين ومدنيين وقصراً وكباراً في السن ونساء ومرضى، ويتوقع أن يكون بينهم أموات، ووفقاً للقيادي نعيم فإن "حماس" وافقت على إفراج الرهائن الواردة أسماؤهم في القائمة، لكنها اشترطت أن يكون هناك ثمن لذلك.
تفيد "حماس" بأن قائمة إسرائيل للرهائن تتضمن 13 جندياً، ولتحرير هؤلاء لا بد أن تدفع تل أبيب ثمناً، وهو عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم، ونوعية جديدة قد تضمن سجناء أمنيين، وذكرت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية "كان" أن المستوى الأمني جاهز لذلك الطلب ويعد الأسماء حالياً.
الملفات المؤجلة
بناء على تلك الأجواء الإيجابية، قال نتنياهو "سمحت لوفد من الموساد والشاباك والجيش، مواصلة المفاوضات في الدوحة، المحادثات هناك بلغت مرحلة حاسمة وتم جسر مزيد من الخلافات، ولذلك تقرر إرسال رئيس الموساد ومنحته إذناً أن يترأس فريق التفاوض لإتمام البنود".
أما في شأن القضايا التي جرى تأجيلها، فإنها تتلخص في انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وإعلان وقف إطلاق النار الدائم، وعودة النازحين لشمال القطاع، وتنفيذ خطة اليوم التالي للحرب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم تأجيل هذه الملفات إلا أن "حماس" ما زالت تصر على كثير من النقاط، إذ يوضح نعيم أن الحركة جاهزة لأي اتفاق يكون نهايته التوصل إلى اتفاق في شأن الانسحاب الإسرائيلي من غزة ووقف إطلاق النار الدائم.
ويضيف نعيم "نلاحظ أن نتنياهو يرفض الالتزام بإنهاء كامل للحرب، في وقت تبدي فيه ’حماس‘ جدية في السعي إلى التوصل إلى اتفاق، ولكن في جميع الظروف نبدي مرونة كبيرة مع الوسطاء ونأمل في التوصل إلى اتفاق".
أميركا تحاول تطبيق اليوم التالي للحرب
وتعقيباً على هذه التطورات، يرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه يمكن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة خلال الأيام المقبلة، وقال "هذا الاتفاق هو السبيل الأسرع والأكثر ديمومة لإنهاء حرب غزة".
ويضيف "قد ننجح في تطبيق خطة اليوم التالي للحرب التي عملنا على إعدادها مع بلدان عربية، وقد يتم تأجيلها، إذا لم تسنح فرصة لتنفيذها سيتم تسليمها لإدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، وهو الذي يقرر المضي قدماً بها أو تغييرها".
ويعقد الباحث السياسي مازن عبيد أن الظروف الحالية نضجت بما يكفي لإبرام اتفاق حقيقي لإنهاء القتال في غزة، وكل ما تسعى إسرائيل إلى تحقيقه ليس سوى تغيير حكم "حماس" في القطاع، وهي تعمل على تجريف قيادات العمل الحكومي التابعة للحركة، استعداداً لتسليم البديل الحكم.