Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روسيا تركز مساعيها في ليبيا بعد سقوط الأسد

تريد موسكو الحفاظ على وجودها في حوض البحر الأبيض المتوسط وتحقيق طموحاتها الأفريقية

صورة الرئيس فلاديمير بوتين تعلو مدخل القاعدة العسكرية الروسية في حميميم بسوريا (أ ف ب)

ملخص

أثارت التحركات الروسية انزعاج حكومة طرابلس والقوة الاستعمارية السابقة إيطاليا، بينما يراقبها الاتحاد الأوروبي والـ "ناتو" بقلق، وأكد وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو أن موسكو تنقل "موارد من قاعدتها السورية في طرطوس باتجاه ليبيا".

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

ولموسكو، حليفة الأسد ودمشق منذ أعوام طويلة، ميناء عسكري وقاعدة جوية على الساحل السوري، مما يسهل عملياتها في المتوسط والشرق الأوسط ووسط أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، غير أن إطاحة الأسد بعد ربع قرن في الحكم عرضت هذا الحضور للخطر.

وسعى القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع إلى طمأنة روسيا، واصفاً إياها بأنها دولة مهمة، وقال "لا نريد أن تخرج روسيا من سوريا بالشكل الذي يهواه بعضهم".

لكن في ظل عدم وضوح التشكيل السياسي في سوريا الجديدة فقد باتت موسكو مضطرة إلى بدء تراجع إستراتيجي نحو ليبيا حيث تحالفت مع المشير خليفة حفتر شرق البلاد لمواجهة "حكومة الوفاق الوطني" في طرابلس المعترف بها دولياً والمدعومة من تركيا.

نقل أسلحة وقوات إلى ليبيا

ويقول الباحث في المعهد البريطاني "رويال يونايتد سرفيسز" جلال حرشاوي لوكالة الصحافة الفرنسية إن ذلك يهدف "إلى الحفاظ على المهمات الروسية القائمة في أفريقيا"، مضيفاً أنه "رد فعل لحفظ الذات" من جانب موسكو الحريصة على "التخفيف من تآكل موقعها في سوريا".

وفي مايو (أيار) 2024 كشف اتحاد التحقيقات السويسري " All Eyes On Wagner" (كل العيون على 'فاغنر') الوجود أو الأنشطة العسكرية لشركة "فاغنر" الروسية في 10 مواقع ليبية، من بينها ميناء طبرق حيث وصلت معدات عسكرية في فبراير (شباط) وأبريل (نيسان) الماضيين.

وكان عدد القوات الروسية في فبراير 2024 يناهز 800 عنصر ثم ارتفع إلى 1800 خلال مايو من العام ذاته.

وفي الـ 18 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية بأنه جرى نقل رادارات وأنظمة دفاع جوي روسية من بينها "إس-300" و"إس-400" من سوريا إلى ليبيا، مستندة في ذلك إلى مسؤولين ليبيين وأميركيين.

 

إستراتيجية طويلة الأمد

وفي هذا الإطار يؤكد جلال حرشاوي أنه منذ سقوط الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي "جرى نقل كمية كبيرة من الموارد العسكرية الروسية إلى ليبيا من بيلاروس وروسيا"، مشيراً في الوقت ذاته إلى إرسال مقاتلين.

من جانبها أفادت الاستخبارات الأوكرانية في الثالث من يناير (كانون الثاني) الجاري بأن موسكو تخطط لـ "استخدام سفينتي الشحن 'سبارتا' و'سبارتا 2' لنقل معدات عسكرية وأسلحة".

ويقول الخبير في المجلس الأطلسي في واشنطن عماد الدين بادي إن "هذا التحول لا ينبع من تغيير قسري بسيط للحليف الإقليمي بل من البحث عن الاستمرارية"، معتبراً أنها خطوة "تؤكد أهمية ليبيا باعتبارها عنصراً في إستراتيجية طويلة الأمد".

وإذ يعتبر أن "الأسد قدم لموسكو مرسى على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي ومنصة لاختبار قدراتها"، فهو يشير إلى أن "حفتر يشكل فرصة مماثلة لتعطيل المصالح الغربية واستغلال الانقسامات السياسية الليبية".

وأثارت التحركات الروسية انزعاج حكومة طرابلس والقوة الاستعمارية السابقة إيطاليا، بينما يراقبها الاتحاد الأوروبي والـ "ناتو" بقلق، وأكد وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو أن موسكو تنقل "موارد من قاعدتها السورية في طرطوس باتجاه ليبيا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الوضع في ليبيا أكثر تعقيداً

وتتحدث مصادر عدة عن مساع أميركية إلى إقناع خليفة حفتر برفض تمركز الروس بصورة دائمة في ميناء طبرق، وهو أمر يسعون إليه منذ عام 2023.

لكن الكرملين لن يتمتع بالأريحية ذاتها التي كانت متوافرة في عهد الأسد، ويقول المسؤول عن برنامج الساحل في مؤسسة "كونراد أديناور"، أولف لايسينغ، إن سوريا "كانت ملائمة على الصعيد العملي وكانت صندوقاً أسود من دون دبلوماسيين أو صحافيين أجانب، والروس إجمالاً فعلوا ما أرادوا".

ويضيف، "في ليبيا سيكون الوضع أكثر تعقيداً بكثير، ومن الصعب الحفاظ على الأسرار هناك كما أن الوجود الروسي سيكون أكثر وضوحاً".

وإضافة إلى ذلك سيتعين على موسكو التعامل مع قوى أخرى بينها تركيا حليفة "حكومة الوفاق الوطني" ومصر والإمارات داعمتي حفتر، كما ستكون حريصة على عدم تعريض مستقبلها للخطر إذا ساءت الأمور بالنسبة إليها.

الأخطاء السورية

وفي هذا السياق يقول المراسل العسكري لموقع "تسارغراد" المؤيد للكرملين، فلاد كليبتشينكو، إنه "يجب عدم تكرار الأخطاء السورية والرهان، بلا خيار بديل، على ديكتاتور محلي".

وفي ليبيا المنقسمة والتي تشهد نزاعاً منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011، يحاول كل طرف أن يبقي خياراته مفتوحة مع الآخرين، بحسب ما يؤكد لايسينغ، فمنذ عام تتقرب أنقرة من حفتر عبر مشاريع اقتصادية واجتماعات ذات غايات دبلوماسية، ولكن هذا الأخير الذي اعتاد تقلبات المواقف لن يستطيع أن يدير ظهره للغربيين الذين دعموه سراً، انطلاقاً من قناعتهم بقدرته على وقف تمدد الإسلام السياسي، ويقول لايستينغ "لذلك فهناك بلا شك حدود لما يمكن لروسيا أن تفعله في ليبيا".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات