ملخص
أعلن الجيش الإسرائيلي أنه لا يخطط للانسحاب من مناطق أخرى عدا بنت جبيل والناقورة والقطاع الغربي، في الفترة القريبة. وبحسبه، ستواصل وحدات مراقبة انتشارها في لبنان وعند الحدود والبلدات الإسرائيلية المطلة على هذه المنطقة لتتعقب عن كثب مدى تنفيذ الجيش اللبناني، الذي انتشر في هذه المنطقة، الاتفاق، واذا سيتعاون مع "حزب الله"، أو سيمنع إعادة تموضعه في هذه المناطق.
أثارت تصريحات أحد أعضاء المجلس الوزاري الأمني المصغر في إسرائيل حول بقاء الجيش في لبنان لأشهر وربما لسنوات طويلة، نقاشاً إقليمياً وداخلياً في إسرائيل، إذ عكس هذا التصريح عدم استقرار الوضع تجاه لبنان، وهو ما لا يعكسه المسؤولون الإسرائيليون في تصريحاتهم أمام سكان الشمال وبدعوتهم إياهم للعودة إلى بيوتهم.
ونقل الخبير في الشؤون السياسية الإسرائيلية، عميت سيغل عن مسؤول في المجلس الوزاري قوله إن الوضع الحالي في لبنان لن يسمح للجيش الإسرائيلي بالانسحاب الكلي بعد انتهاء الستين يوماً من المرحلة الأولى من الاتفاق، بل سيضطره للبقاء أشهر وربما سنوات.
عدم وضوح بنود الاتفاق
يأتي هذا الموقف في أعقاب ما يعتبره الإسرائيليون عدم وضوح بعض بنود الاتفاق من حيث تنفيذها على أرض الواقع، وتحديداً ما يتعلق بالبيوت اللبنانية التي حوّلها "حزب الله" إلى قواعد ومخابئ له، وفق ما نُقل عن مسؤول إسرائيلي، وإذا سيعود السكان إلى هذه البيوت.
هذا إلى جانب الادعاءات الإسرائيلية بأن الجيش اللبناني غير قادر على نشر عشرة آلاف جندي في الجنوب ولا تطبيق بنود الاتفاق. ووضع الإسرائيليون شرطين للانسحاب من لبنان وهما: تنفيذ الجيش اللبناني بنود الاتفاق من دون تنسيق مع "حزب الله"، وابتعاد عناصر الحزب إلى شمال نهر الليطاني. وقال المسؤول ذاته إن الجيش الإسرائيلي لن يتنازل عن هذين الشرطين، وإن أدى هذا الأمر لبقائه فترة طويلة في لبنان. وضمن ذرائع استمرار انتشاره في لبنان إلى ما بعد الستين يوماً، القول بأن الجيش اللبناني لا ينسق مع "حزب الله" وحسب، بل أن عناصر في الجيش هم من الحزب ما يمنع الجيش من تنفيذ كافة بنود الاتفاق، خصوصاً في البلدات التي تُعتبر مركزاً للحزب. وربط الخبير في الشؤون السياسية الإسرائيلية، عميت سيغل، خطة البقاء لسنوات في لبنان، بتصريحات وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش الأخيرة، التي قال فيها إنه لن يكشف مخططات إسرائيل في لبنان قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
وشدد سموتريتش على أن إسرائيل لن تعود إلى "سياسة الاحتواء التي استمرت مدة عشرين عاماً على الحدود مع لبنان"، قائلاً، "بطبيعة الحال، أرغب في أن أسمح لنفسي بالتريث لمدة خمسة عشرة يوماً لأقول بشكل كامل ما أفكر فيه وما نخطط له، لكن أؤكد لسكان الشمال أننا لن نعود إلى ما كنا عليه قبل عشرين عاماً من الاحتواء وسنسعى إلى ضمان واقع أمني مختلف في الشمال.
التمترس في التلال والعيون على البقاع
وأعلن الجيش الإسرائيلي أمس الأربعاء، أنه لا يخطط للانسحاب من مناطق أخرى عدا بنت جبيل والناقورة والقطاع الغربي، في الفترة القريبة. وبحسبه، ستواصل وحدات مراقبة انتشارها في لبنان وعند الحدود والبلدات الإسرائيلية المطلة على هذه المنطقة لتتعقب عن كثب مدى تنفيذ الجيش اللبناني، الذي انتشر في هذه المنطقة، الاتفاق، وإذا سيتعاون مع "حزب الله"، أو سيمنع إعادة تموضعه في هذه المناطق، معتبراً الأيام المقبلة اختباراً لمدى قيام الجيش اللبناني بمهماته.
وأعلن مسؤول عسكري في تل أبيب أن "الجيش يكثف نشاطاته وعملياته في هذه الأثناء في مختلف المناطق اللبنانية حيث ينتشر ويركز على نشاطه في البقاع وفي منطقة القطاع الأوسط في الجنوب حيث سيتمركز في تلال، من بينها "تلة وادي العيون"، لضمان مراقبة أوسع وقدرة على السيطرة بالنيران في مناطق عميقة حتى نهر الليطاني ومدخل صور وصيدا.
وإلى حين استكمال الجيش اللبناني انتشاره وتنفيذ ما تدعيه إسرائيل من انسحاب "حزب الله" إلى ما بعد شمال الليطاني يكثف الجيش نشاطاته في المناطق التي ما زال منتشراً فيها بمرافقة وحدة الهندسة لضمان ما يسميه "تطهير" المنطقة من "حزب الله" وأسلحته، وفي الوقت نفسه يعمل على إقامة قواعد عسكرية وأعمدة مراقبة على طول الحدود بإصراره على جعل الخط الأزرق الدولي هو الخط الحدودي بين لبنان وإسرائيل.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه يستعد لاحتمال تجدد القتال مع "حزب الله" وإعادة إطلاق الصواريخ على إسرائيل. ودعا أكثر من مسؤول أمني وعسكري الحكومة والمؤسسة العسكرية إلى قول الحقيقة للسكان وعدم تخديرهم بوعود وهمية لإعادتهم وإظهار صورة انتصار على "حزب الله"، في وقت ما زالت الحدود الشمالية غير آمنة، وسط توقعات الجيش باستئناف القتال مع الحزب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تسريبات تكشف الموقف الحقيقي
يأتي هذا النقاش في وقت سُرّب حديث لقائد منطقة الشمال، أوري غوردين، خلال جلسة مع رؤساء بلديات الشمال وسكان المنطقة لاطلاعهم على الوضع القائم عند الحدود وتنسيق عودتهم بعدما حدد سموتريتش الأول من مارس (آذار) موعداً لبدء إعادتهم. وكشفت التسريبات أن تقديرات الجيش الإسرائيلي بأن الجيش اللبناني لن ينجح في الانتشار في جميع المناطق المتفق حولها في لبنان والقيام بمهمته، وفق ما هو مطلوب، وتحديداً منع إعادة تموضع "حزب الله".
كما اعتبر غوردين أن إبعاد "حزب الله" إلى شمال الليطاني غير مضمونة أيضاً، ما استدعى متخذي القرار إلى وضع خطط للبقاء في لبنان لما بعد الستين يوماً وفق المرحلة الأولى من الاتفاق.
وإزاء مطلب سكان الشمال ورؤساء البلدات بإقامة منطقة عازلة في العمق اللبناني وضمان إخلاء القرى اللبنانية المطلة على بلدات الشمال، أكد غوردين أنه "لا يمكن لإسرائيل أن تمنع سكان جنوب لبنان من العودة إلى قراهم". وبحسبه فإن الجيش اللبناني يجمع الأسلحة والمعدات القتالية ولكن "هل يتم ذلك وفق الوتيرة المطلوبة؟ جوابنا لا. وإذا يوجد تعاون بين الجيش اللبناني و'حزب الله'؟ جوابنا نعم يوجد ونحن نرى هذا ونرد ونعمل من أجل تحسين آلية تطبيق الاتفاق".
وفي ملخص لحديث غوردين، فإن عناصر "حزب الله" وقوات مسلحة أخرى ستواصل عملها في جنوب لبنان في المستقبل المنظور "وعلى رغم الإنجازات الكبيرة في المعركة، لن يتمكن أحد من منع عودة عناصر الحزب إلى قرى جنوب لبنان وبناء البيوت التي تم تدميرها". وأضاف "بالنظر إلى المستقبل، سواء سمحنا بذلك أم لا، فهذه ليست أرض دولة إسرائيل. لا توجد سابقة لهذا الأمر ولم يتم كتابته في الاتفاقية، لأنه يمثل إشكالية دولية"، لكنه طمأن السكان إلى أن "الجيش يعتزم الحفاظ على حرية العمل الكاملة وفرض عدم قيام 'حزب الله' بعمل عسكري جنوب الليطاني".
واعتبر غودرين الطريق نحو لبنان "طويلة وصعبة"، مشيراً إلى توقعات باحتمال تبادل الهجمات بين الطرفين بوتيرة أقل ولكن هذا قد يعني سقوط صواريخ في منطقة الشمال والجليل.
من جهته، قال وزير الطاقة ايلي كوهين، إن الحكومة الإسرائيلية في حوار مستمر مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين والإدارة الأميركية، وأوضحت لجميع الأطراف أنها لن تنسحب بعد الستين يوماً وستبقى في لبنان حتى التأكد من تنفيذ الاتفاق وتحديداً انسحاب "حزب الله" وتنفيذ الجيش اللبناني بنود الاتفاق من دون تعاون مع "حزب الله"، وليس فقط انتشاره في المنطقة.
هذه التهديدات تعكس الموقف الإسرائيلي الساعي إلى استمرار السيطرة على مناطق في لبنان تحت مختلف الذرائع مع إعلان تقييمات عسكرية وسياسية بأن المواجهات ستعود بين "حزب الله" وإسرائيل وإن كانت بوتيرة منخفضة، وأن الجيش يستعد لمختلف السيناريوهات المتوقعة.