ملخص
على رغم مسيرته المميزة في الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا لكن سقوط أرسنال أمام نيوكاسل يونايتد في ذهاب نصف نهائي كأس "كاراباو" فتح مجالاً للتساؤل حول جودة الفريق هجومياً ومدى حاجته لصفقات جديدة أو حل مبتكر من مدربه ميكيل أرتيتا.
يدرك المدير الفني لأرسنال ميكيل أرتيتا أن فريقه بحاجة إلى المزيد من "الانفجار" في الهجوم، ويتطلع فريقه المعاون إلى معالجة هذا القصور في فترة الانتقالات الشتوية في يناير (كانون الثاني) الجاري، على رغم أن الكثير من هذا كان واضحاً قبل الهزيمة من نيوكاسل يونايتد في كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة "كاراباو" ليلة الثلاثاء الماضي.
لقد كان ألكسندر إيساك، الذي ارتبط كثيراً بالانتقال إلى النادي اللندني، هو الفارق الواضح، وكان من الصعب عدم التفكير في أن أرسنال سيكون في منتصف الطريق إلى نهائي كأس "كاراباو"، وربما أقرب كثيراً إلى منافسة ليفربول في الدوري إذا كان لديهم السويدي في الفريق أو أي لاعب مثله.
من المُسلم به أن هناك قِلة من اللاعبين مثل إيساك الآن ولكن هذا يؤكد النقطة، ويؤكد أن أرسنال يمكنه فعل شيء ما.
كانت هذه مباراة أخرى، إضافة إلى موسم كامل، حيث شعروا بعواقب امتلاك خط هجوم ضعيف، ومن الصعب أيضاً عدم ربط ذلك، والكثير من المناقشات حوله، ببعض القلق الذي أصاب الفريق بإهدار العديد من الفرص ضد نيوكاسل، ومع ذلك هناك حاجة إلى النظر من منظور آخر.
كان أداء أرسنال جيداً بشكل عام، ولم تكن هذه مشكلة العديد من المباريات الأخيرة، حيث كان معدل الأهداف المتوقعة منخفضاً ولم يخلقوا أي فرص تقريباً، وبدلاً من ذلك، كان المستوى المقدم في المباراة أقرب كثيراً إلى أفضل أداء لأرسنال في المواسم الثلاثة الماضية، حيث يهاجمون الخصوم من جميع الزوايا، وعلى رغم كل التشاؤم والانتقادات، فإن المشروع يسير على الطريق الصحيح.
لا يزالون في المركز الثاني في جدول الدوري الإنجليزي الممتاز وعلى مسافة قريبة من القمة، ويبدو الموقف في دوري أبطال أوروبا جيداً، حيث نجح أرتيتا في جعل أرسنال أحد أفضل الفرق في أوروبا مرة أخرى.
صحيحاً أيضاً أن هذا الموسم عانى من سلسلة من المشكلات المختلفة، من الإصابات إلى الغيابات لأسباب الأخرى، حتى لو كان بعضها من صنع الذات.
ومع ذلك فقد كشفت هذه المشكلات عن بعض القضايا المتبقية التي تحتاج إلى وضع اللمسة الأخيرة في الخطوات الأخيرة من بناء الفريق.
من الاقتراب من مانشستر سيتي في الموسمين الماضيين، يبدو الأمر وكأن أرتيتا أصبح مهووساً بتعويض تلك الفجوة المؤلمة والمغرية مع الأبطال بطرق مختلفة.
ومن هنا جاء التركيز الأكبر على العضلات الدفاعية، مثل ريكاردو كالافيوري وميكيل ميرينو، والتي أثبتت قيمتها في لقاءاتهم مع فريق بيب غوارديولا، حيث تتمثل فكرة أرتيتا في منح فريقه تكوينات تكتيكية متعددة ممكنة في خط الوسط، مما يجعل من الصعب جداً اكتشافها.
لكن في عالم قواعد الربح والاستدامة، جاء التركيز في هذا المجال على حساب عدم القدرة على التنبؤ بأفعال أرسنال في الهجوم، وقد تم إنفاق الكثير من أموالهم أخيراً على اللاعبين الدفاعيين بدلاً من لاعبي خط الهجوم.
وحتى منذ تشكيل المرحلة الأولى من فريقه، بحلول صيف عام 2022، تم إنفاق 243.8 مليون جنيه استرليني (299.53 مليون دولار) على المزيد من مواقع الملعب الدفاعية في مقابل إنفاق 86 مليون جنيه استرليني فقط (105.66 مليون دولار) على دعم مراكز الهجوم.
وتبدو هذه الأرقام منحرفة قليلاً بسبب تطور بوكايو ساكا وغابرييل مارتينيلي، لكن الخلل لا يزال واضحاً على أرض الملعب، فعندما يفتقد أرسنال مهاجميه المفضلين لفترة طويلة من الوقت، فإنه يميل إلى اللجوء إلى الحد الأدنى الذي يتأثر بوضوح بملف الفريق، فكلما زاد عدد اللاعبين الذين يميلون إلى الدفاع زاد دفاعهم، وكانت مباراة التعادل بنتيجة (1 - 1) مع برايتون مثالاً واضحاً على ذلك، فبعد تقدم أرسنال بهدف حاول بسرعة الاحتفاظ به، بدلاً من البناء عليه بالطريقة التي يفعلونها في أفضل حالاتهم.
وبدلاً من "أن يصبح جوزيه مورينيو"، بالطريقة التي تعرض أرتيتا لانتقادات بسببها أحياناً، فإن الأمر يتعلق الآن بقدرة أرسنال على تغيير نهجه التكتيكي بشكل جذري، وعادة ما يكون ذلك مصدر قوة، بخاصة في دوري أبطال أوروبا، لكنه تطور بدلاً من ذلك إلى ضعف في الشكل الحديث للدوري الإنجليزي الممتاز الذي يضع حداً أدنى نحو 90 نقطة لتتويج البطل بينما أصبح أرسنال يلجأ إلى التمسك بالأمان في المباريات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لقد أشار البعض في أندية أخرى إلى انخفاض متوسط أهدافهم المتوقعة، وهذه نقطة رئيسة، ولكن بطريقة مختلفة عما هو مقصود، فكما أظهرت مباراتي برايتون ونيوكاسل، يمكن أن يختلف أداء أرسنال بشكل كبير من مباراة إلى أخرى، حيث لا يزالون ينتجون تلك العروض الهجومية الشاملة ولكن ليس بشكل منتظم بما فيه الكفاية، ويرجع ذلك جزئياً إلى نقص الخيارات.
وهنا تنعكس الأرقام على الأسماء، ففي السنوات الخمس منذ أن بدأ أرتيتا في بناء هذا الفريق، كانت تعاقداتهم الهجومية الوحيدة هي ويليان وماركينيوس وفابيو فييرا وغابرييل جيسوس ولياندرو تروسارد وكاي هافرتز ورحيم سترلينغ وهي تعاقدات غير هامة، حيث أنتجت هذه المجموعة، مع رحيل البعض بالفعل، 13 هدفاً فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، وهذا أقل بخمسة أهداف عما سجله محمد صلاح بمفرده (18 هدفاً).
هذا هو الفارق حيث يمكن بالطبع اعتبار مارتن أوديغارد صفقة هجومية نظراً لدوره المحوري في هجوم أرسنال، لكنه لم يسجل سوى هدف واحد هذا الموسم، وكانت إصابة الكاحل التي تعرض لها النرويجي هي أولى مشكلات الموسم، ويبدو أنه لم يستعد كامل لياقته بعد.
وهذا يعني بطبيعة الحال أن أرسنال لا يتحرك بنفس السلاسة أيضاً، وقد أثر ذلك في وتيرة المباريات، إذ يتحدث البعض داخل النادي عن كيف أن "الأهداف تغير المباريات"، مثل الهزيمة أمام نيوكاسل وكيف أن تسديدة إيساك الأولى جاءت بعد إهدار مارتينيلي، لكن هذا يوضح قضية أخرى، حيث كشفت مثل هذه المواقف عن تعمد أرسنال التسجيل أولاً في العديد من المباريات بطريقة لم تكن كذلك خلال الموسمين السابقين لكن الفرص الضائعة كانت تزيد من القلق في هذا السياق.
مرة أخرى، الكثير من هذه المشكلات ظرفي حيث كان هناك سوء حظ، لكن لا تزال المشكلة بحاجة إلى حل، وهي أشبه بمثال عتيق من تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، في حين أنها ذات صلة بمنافسي كأس الاتحاد الإنجليزي يوم الأحد.
ففي أول موسم للدوري الإنجليزي الممتاز في (1992 - 1993) كان مانشستر يونايتد يعاني من فشل الموسم السابق وعانى من تراجع مفاجئ، وتوقفوا عن تسجيل الأهداف، وكان يونايتد يفتقر إلى بُعد معين في الهجوم، إلى الحد الذي تحدث فيه السير أليكس فيرغسون عن الحاجة إلى "فتاحة علب"، وفجأة قدم إيريك كانتونا الحل من العدم تقريباً، والباقي هو التاريخ، لكن المستقبل مختلف.
مثل هذه التعاقدات لم تعد ممكنة في اللعبة الحديثة، ولكن قد تكون هناك بعض أوجه التشابه، وبنفس الطريقة التي أصبح بها أرتيتا محدداً للغاية في شأن التعاقدات الدفاعية ووسط الملعب التي يريدها، إلى الحد الذي تظهر فيه الأهداف وكأنها مدروسة بشكل واضح، فقد حدد تماماً المثل العليا للمهاجمين، إذ يريد المدرب الباسكي مهاجمين يمكنه تشكيلهم وتطويرهم، ويفضل أن يكونوا ذوي قوة بدنية معينة، ولهذا السبب هناك الآن اهتمام بإيفان فيرغسون - وإلى درجة أكبر بكثير - من لاعب لايبزيغ بنيامين سيسكو.
هناك الآن حجة مفادها أن متطلبات أرتيتا المحددة لهذا المركز أدت إلى نوع من التهرب في التعاقدات، وهو أمر لا يختلف تماماً عن مطلبات ديفيد مويس في السوق، حيث لم يتصرف أرسنال بحزم مع المهاجمين كما فعل في مناطق أخرى من الملعب، وهناك قائمة طويلة من الأسماء التي ارتبط بها أرسنال ولم يحدث أي شيء معها، من دوشان فلاهوفيتش في المواسم الأولى، إلى إيساك نفسه.
ولكن هنا ربما يصبح التشابه مع كانتونا أكثر وضوحاً، وربما يحتاج أرسنال إلى شيء مختلف قليلاً، خارج المعايير المعتادة، ليسمح بتلك اللمسة النهائية الحاسمة.
© The Independent