Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحيل جان ماري لوبن لن يبعد شبح اليمين المتطرف من أوروبا

من هولندا إلى السويد إلى المجر، تحظى أحزاب اليمين المتطرف بتمثيل جيد في البرلمانات والحكومات مع استمرار شعبية الآراء المتطرفة في حشد مؤيدين

قضى جان ماري لوبن كامل حياته في خدمة اليمين المتطرف (أ ف ب/غيتي)

ملخص

رحيل جان ماري لوبن يذكرنا بظل اليمين المتطرف الذي لا يزال يخيم على أوروبا، حيث تتقدم أحزابه في الحكومات والبرلمانات، مدفوعة بخطابات الكراهية المدعومة بتأثير الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي

ينبغي لوفاة جان ماري لوبن أن تمنحنا لحظة للتفكير في المسيرة الطويلة لليمين المتطرف الفرنسي وصعود الأحزاب الفاشية إلى السلطة في جميع أنحاء أوروبا.

عندما نشاهد، على سبيل المثال، صوراً للاشتراكي الديمقراطي الملتزم، السير كير ستارمر وهو يجري محادثة ودودة مع جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا والوريثة الأيديولوجية لموسوليني، ننسى كم كان مثل هذا "الوضع الطبيعي" يبدو خيالياً حتى قبل بضعة أعوام. في فرنسا، تتحكم ابنة لوبن الأكثر ذكاءً مارين في الرئيس ماكرون بطريقة لا يمكن تصورها حتى في أوج مجد والدها.

من هولندا إلى السويد إلى المجر، اليمين المتطرف ممثل بصورة جيدة، سواء في البرلمانات أو الحكومات. في ألمانيا، يستعد حزب "البديل من أجل ألمانيا" - اليميني بقدر ما يسمح به الدستور الفيدرالي - مرة أخرى ليصبح حزب المعارضة الرئيس بعد الانتخابات الوشيكة، ويحظى برعاية روتينية الآن من أغنى شخص على هذا الكوكب، إيلون ماسك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قد يكون حلم نايجل فاراج بالتفوق على المحافظين مجرد أمنية لكنه نجح في دفعهم - والمشهد السياسي البريطاني بأسره - نحو اليمين. وبغض النظر عن التصنيف الذي قد تطلقه على دونالد ترمب، فهو بالتأكيد ليس رمزاً للتقدميين.

أما لوبن، فأسهم بدوره في هذه المسيرة العالمية الطويلة لليمين المتطرف، إذ قدم حياة كاملة من الخدمة المدمرة بلغت ذروتها في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2002. ومع ذلك، كان، حتى في ذلك الحين، أشبه بديناصور سياسي [يمثل سياسة قديمة]. وكما هي الحال مع جميع نظرائه على الهامش السياسي في جميع أنحاء أوروبا، كان غريب الأطوار ومتطرفاً - وشخصاً تنضح منه رائحة السياسة التي قادت القارة إلى الحرب والدمار واحتلال الاتحاد السوفياتي لنصفها.

حتى إنه دعا لفترة من الوقت إلى إعادة الملكية وتنصيب سلالة بوربون ملوكاً لفرنسا، وجعل الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ديناً رسمياً للدولة. خليفته السياسية، مارين ومن هم على شاكلتها، كانوا أكثر دهاءً في تقديم أنفسهم كأشخاص عصريين وديمقراطيين وعقلانيين من "التيار السائد" لا يرغبون إلا في التعبير عن مخاوف الناس العاديين – ومن أحدث مزاعمهم أن "القلق في شأن عصابات الاستغلال الجنسي ليس موقفاً يمينياً متطرفاً" (وهو ليس ما اشتكى منه ستارمر بالطبع – فالاتهام اليميني المتطرف هو في تصوير جميع المسلمين على أنهم مذنبون).

[أكد ستارمر ضرورة معالجة هذه الجرائم من دون استغلالها سياسياً أو توجيه اتهامات جماعية ضد فئات معينة من المجتمع، مثل المسلمين أو الأقليات العرقية. وجاءت تصريحاته في سياق ردود على مزاعم بعض الشخصيات اليمينية، بمن فيهم سياسيون في حزب المحافظين وأعضاء في أحزاب متطرفة الذين ركزوا على خلفيات الجناة العرقية والدينية في قضايا استغلال جنسي بارزة].

وهكذا كان جان ماري لوبن المولود عام 1928، في سن سمحت له بأن يكون على معرفة مباشرة بنظام فيشي الصديق للنازية، وظل متعاطفاً مع المتعاونين لبقية حياته. وبعد الحرب، كان نشطاً في "الحركة الفرنسية" Action Française، وهي مجموعة يمينية متطرفة مؤيدة للملكية تمتعت بأعلى شعبية في الثلاثينيات وبقيت آراؤها من دون تغيير.

وفي وقت لاحق، انتُخب عضواً في البرلمانين الفرنسي والأوروبي (حيث كان الأخير منصة أكثر موثوقية من الناحية الانتخابية)، وأسس حركته الخاصة، "الجبهة الوطنية"، وتبنى الثالوث غير المقدس لسياسات اليمين المتطرف في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية: العنصرية الصريحة ومعاداة السامية وإنكار الـ"هولوكوست". لقد كان فاشياً كهنوتياً من الطراز القديم، وربما كان أقرب إلى فرانكو منه إلى هتلر.

لم تكُن هذه الصورة لتجعل من جان ماري لوبن أكثر من مجرد متلقٍّ للتصويت الاحتجاجي. وعلى غرار فاراج والقوميين التائهين في أوروبا الشرقية والوسطى، وجد مقعداً آمناً في البرلمان الأوروبي (وتمويلاً منه) بفضل نظامه السخي للتمثيل النسبي والبدَلات البرلمانية غير المتناسبة.

لقد أرسى جان ماري لوبن الذي أصبح شخصية مثيرة للجدل والكراهية بعض أسس النجاح اللاحق لما يعرف الآن بـ"التجمع الوطني"، ولكن حركته كانت محكومة بالفشل بسبب الإرث التاريخي الكبير الذي حمله لوبن - ليس أقله استخفافه بالـ"هولوكوست"، وهي "تفاصيل" بحسب قوله.

خلال زمن لوبن الأب في الأقل، كان من الصعب أن تسيطر الآراء المتطرفة حول الأحداث الجارية على خيال الجمهور. أما اليوم، فأصبح تأجيج الكراهية أسهل، إذ ضاعفت الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من أصوات أولئك الذين يشاركونه أفكاره.

عاش جان ماري لوبن طويلاً بما يكفي ليشهد تحول السياسة الأوروبية شبه الكامل، واقتراب ابنته من السلطة في فرنسا أكثر مما كان يمكن أن يحلم به على أرض الواقع، حتى لو اضطرها ذلك إلى التنصل منه ومن معظم أعماله. قد يكون رحل الآن، لكن شبح جان ماري لوبن سيظل يطارد أوروبا لفترة أطول.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل