ملخص
منذ إطاحة الأسد تصاعدت أعمال العنف ضد العلويين في أرجاء سوريا. وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 150 علوياً مذاك، لا سيما في محافظتي حمص وحماة.
أعلن جهاز الاستخبارات العامة في سوريا اليوم السبت إحباطه محاولة تفجير من قبل تنظيم "داعش" داخل مقام السيدة زينب جنوب دمشق، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر في الجهاز.
وقال المصدر، "جهاز الاستخبارات العامة بالتعاون مع إدارة الأمن العام في ريف دمشق ينجح في إحباط محاولة لتنظيم (داعش) القيام بتفجير داخل مقام السيدة زينب"، مشيراً إلى "اعتقال الأشخاص المتورطين في هذه المحاولة".
ميقاتي في دمشق
في الأثناء وصل رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إلى دمشق اليوم السبت للقاء قائد السلطة الجديدة أحمد الشرع في زيارة هي الأولى لرئيس وزراء لبناني إلى سوريا المجاورة منذ 15 عاماً.
واتجه ميقاتي إلى سوريا على رأس وفد يضم وزير الخارجية عبدالله بوحبيب والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري ومدير الاستخبارات في الجيش العميد طوني قهوجي ونائب المدير العام للأمن العام العميد حسن شقير.
وقال الرئيس اللبناني الجديد جوزاف عون أول من أمس الخميس في خطاب القسم الرئاسي إن هناك فرصة تاريخية لحوار جاد ومتكافئ مع سوريا التي كان لها نفوذ كبير على لبنان أثناء حكم عائلة الأسد.
وتعهد الشرع الشهر الماضي في اجتماع بدمشق مع الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، ألا تتدخل سوريا في شؤون لبنان.
اشتباكات بين "قسد" والفصائل
ميدانياً، يتواصل التصعيد العسكري بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والفصائل المسلحة المدعومة من تركيا على محاور القتال بريف منبج شمال شرقي سوريا للسيطرة على مواقع استراتيجية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات عنفية على محوري سد تشرين وتل سيرتيل في ريف منبج، فيما تستمر الاحتجاجات الشعبية المؤيدة لـ"قسد" في محيط سد تشرين، مطالبة بتدخل دولي وفرض حظر جوي لحماية مناطق شمال وشرق سوريا الواقعة تحت سيطرة الأكراد من هجمات الفصائل الموالية لتركيا.
بالتزامن، هاجمت خلايا من تنظيم "داعش" بالأسلحة الرشاشة نقطة عسكرية تابعة لـ"قسد" في قرية الحريجية في ريف دير الزور الشمالي، واندلعت اشتباكات مسلحة بين الطرفين.
وأفاد المرصد السوري اليوم السبت بتوغل قوة إسرائيلية في الجهة الغربية لقرية المعلقة في ريف القنيطرة، حيث عملت آليات تابعة لها على شق طريق من الجولان السوري المحتل باتجاه سرية الدرعية والنقاط العسكرية المحيطة بها في المنطقة.
وكانت القوات الإسرائيلية دخلت المنطقة في الـ19 من ديسمبر (كانون الأول) 2024 وسيطرت على أسلحة ثقيلة في المواقع العسكرية. ورصد المرصد السوري في يناير (كانون الثاني) الجاري توغل قوات إسرائيلية في قريتي العشة وأبو غارة في ريف القنيطرة الجنوبي.
مخاوف العلويين في حمص
في مدينة حمص، ثالث أكبر مدن سوريا، يسيطر القلق على أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس المخلوع بشار الأسد بعد أيام من حملة أمنية للسلطات الجديدة في أحيائهم بحثاً عن "فلول النظام"، اعتقل على أثرها المئات وفق ما أفاد سكان.
في وسط حمص، تضج السوق بسكان أتوا لشراء الفاكهة والخضراوات من باعة وسط مبان ينخرها الرصاص. لكن عند مداخل الأحياء ذات الغالبية العلوية، وقف مسلحون بلباسهم العسكري عند نقاط تفتيش أقيمت حديثاً بعد رفع حظر للتجوال هذا الأسبوع.
وأفاد عدد من سكان المناطق العلوية في حمص التي استهدفتها عمليات التمشيط باعتقال شباب أو حتى جنود سلموا أسلحتهم وخضعوا للتسوية. وطلب جميع من تحدثت إليهم وكالة الصحافة الفرنسية عدم الكشف عن هويتهم لمخاوف ترتبط بسلامتهم.
وقال شخصان من المدينة إن نقطة تفتيش أزيلت بعد شكاوى سكان عقب قيام مسلحين كانوا عندها بسؤال الناس عن طائفتهم.
وقال أحد سكان حي الزهراء ذي الغالبية العلوية، "ما نعيشه ونلمسه حتى الآن هو واقع الخوف". وأضاف، "في البداية كانت حالات فردية، لكن لا يمكن تسميتها بذلك بعدما كثرت".
عشرات الموقوفين
ومنذ وصولها إلى السلطة في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 2024، تحاول القيادة الجديدة في سوريا طمأنة الأقليات، لكن يخشى العلويون من ردود فعل عنيفة ضدهم لارتباطهم الطويل بعائلة الأسد.
ونفت السلطات أن تكون ارتكبت أي انتهاكات.
وأفاد عضو مجلس الشعب عن محافظة حمص سابقاً شحادة ميهوب بأنه وثق انتهاكات واعتقالات للمئات أبلغ عنها سكان حي الزهراء في المدينة.
وقال، "لدي حتى الآن 600 اسم معتقل (في حي الزهراء)"، مضيفاً أن "عدد الموقوفين يتجاوز 1380 شخصاً" في كامل مدينة حمص.
وأشار ميهوب إلى أن من بين المعتقلين "عمداء متقاعدين وعقداء أجروا التسوية في المراكز النظامية، لكن النسبة الكبرى (من المعتقلين) هم مدنيون وجنود" كانوا في الخدمة الإلزامية.
وبعد إطاحتها الأسد، فتحت الإدارة الجديدة مراكز تسوية في مختلف المدن السورية، ودعت الجنود السابقين إلى تسليم أسلحتهم.
العنف ضد العلويين
في حي السبيل في المدينة، أبلغ ميهوب عن تعرض مجموعة من الضباط للضرب أمام زوجاتهم وأبنائهم.
وقال إن السلطات في حمص تجاوبت مع شكاوى المواطنين ووعدت بالإفراج عن المعتقلين قريباً، مضيفاً أن بعض الجماعات الحليفة لـ"هيئة تحرير الشام" ومسلحين آخرين كانوا وراء الانتهاكات.
وقال رجل آخر في حي الزهراء إنه لا يعرف شيئاً عن ابنه الذي كان جندياً في الجيش منذ اعتقاله عند نقطة تفتيش في ريف حماة الأسبوع الماضي.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن الأسبوع الماضي، إنه أوقف 1800 شخص في الأقل في مدينة حمص وريفها، غالبيتهم من العلويين.
ومنذ إطاحة الأسد تصاعدت أعمال العنف ضد العلويين في أرجاء سوريا. وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 150 علوياً مذاك، لا سيما في محافظتي حمص وحماة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
غضب وانتقام
ولقبت مدينة حمص الواقعة في وسط البلاد في بداية النزاع الذي اندلع عام 2011، بـ"عاصمة الثورة". فقد كانت من أوائل المدن التي نزل فيها الناس إلى الشوارع للتظاهر. وتعرضت الاحتجاجات في هذه المدينة خصوصاً لقمع شديد، ووصل فيها العنف الطائفي إلى ذروته خلال الحرب. وتضم حمص غالبية من المسلمين السنة فضلاً عن أقلية علوية ومسيحية.
في الأيام الماضية، أظهرت مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت مسلحين يجمعون رجالاً في حمص ويأمرونهم بالجلوس القرفصاء وإصدار أصوات نباح، بينما ظهر في أحد المقاطع مقاتل يطأ على المعتقلين.
وتعذر على وكالة الصحافة الفرنسية التحقق منها جميعاً، لكنها تحدثت إلى محمد أبو علي (21 سنة) العنصر في "هيئة تحرير الشام"، الذي صور نفسه وهو يأمر عدداً من المعتقلين بـ"النباح".
وقال، "هؤلاء (الذين ظهروا في الفيديو) مجرمون وشبيحة... ارتكبوا مجازر" في حمص خلال الأعوام الأولى للحرب. وأضاف، "نحن اعتقلناهم وسلمناهم للجهات المعنية".
وأوضح أن سبب طلبه للمعتقلين بالنباح مرتبط "بالغضب من أجل الأشخاص الذين قتلوا" ومنهم والداه وإخوته الذين قتلوا في حمص، وفق قوله.
رفض الطائفية
وقال مسؤول في "هيئة تحرير الشام" في حمص يدعى أبو يوسف، إن عناصر وزارة الداخلية عثروا على "ثلاثة مخازن أسلحة وألقوا القبض على عشرات المطلوبين" خلال عمليات تمشيط المدينة.
وأعلنت إدارة الأمن العام في حمص الإثنين الماضي انتهاء حملة تمشيط استمرت خمسة أيام في أحياء المدينة، إلا أن المسؤول أفاد بأن حملة التفتيش مستمرة، والمكان "لم يُنظف بصورة كاملة من فلول النظام". وأوضح، "نريد الأمن والأمان للجميع، للسني والعلوي والمسيحي وللجميع".
في طرف آخر من المدينة، يخيم الدمار على جوانب طرقات حي باب عمرو، معقل فصائل المعارضة الذي استعاد الجيش السوري السيطرة عليه عام 2012. ولا تزال آثار الرصاص والقذائف ماثلة على جدران المنازل وأبوابها.
وبعدما فر إلى لبنان قبل عقد من الزمن، عاد فايز الجمال (46 سنة) مع زوجته وأبنائهم السبعة إلى منزلهم، ووجدوه مدمراً من دون أبواب ولا نوافذ.
ويشير بيده إلى أماكن بين المباني المدمرة حيث قتل أو اختفى جيرانه وأصدقاؤه، لكنه لا يريد الانتقام. ويقول، "لقد سئمنا الحرب والذل، نريد فقط أن يتمكن الجميع من عيش حياتهم، نحن ضد الطائفية".