ملخص
بدأت التكتيك الذي يعتمد على استخدام الشقق لتسوية الديون من قبل المطورين العقاريين في الأيام الأولى لأزمة العقارات
في الأعوام الأخيرة، كان مطورو العقارات في الصين يعانون ضائقة مالية لدرجة استخدامهم الشقق غير المبيعة لتسوية الديون لشركات البناء وموردي الأثاث، والآن بدأت الحكومات المحلية الصينية تسير على النهج نفسه.
وفي أغسطس (آب) 2024، توصل مزود غاز في منطقة شينجيانغ الغربية في الصين إلى حل لتسوية فواتير غاز متأخرة بقيمة 25 مليون دولار متراكمة على بعض الكيانات المملوكة للدولة في مدينة تشانغجي، وبدلاً من دفع النقود، سيتولى المزود الفعلي للغاز تطوير 260 شقة غير مكتملة في مجمع سكني ذي طابع فرنسي، وسيسمى الشارع الرئيس في المجمع "جادة الشانزليزيه".
ووافق مزود الغاز "شينجيانغ يونيفيرس غاز" عام 2022، على تزويد الغاز الطبيعي لمجموعة من شركات التمويل المملوكة للدولة، ومع ذلك لم يسدد عملاؤه الفواتير بالكامل، وفقاً للملفات الخاصة بالأسواق المالية.
لا عجب في ذلك، فإحدى أكبر الكيانات المملوكة للدولة في المجموعة، "تشانغجي سيتي كونستركشن إنفستمنت ديڤيلوبمنت"، تعاني نقصاً حاداً في السيولة. وفقاً لأحدث نشرة سندات لها، كانت تتكبد خسائر وبلغت التزاماتها 1.8 مليار دولار بينما لم يكن لديها سوى 97 مليون دولار نقداً حتى يونيو (حزيران) 2024، لذا توصلت شركة الغاز إلى اتفاق مع عميلها لتولي الشقق التي تملكها شركة التمويل، وسيتعين إيجاد طرف ثالث لبيع هذه الشقق عند اكتمالها واستخدام العائدات لسداد ديونها. وإذا تجاوزت العائدات من البيع قيمة فاتورة الغاز ستحتفظ الشركة بالفائض، وإذا لم تغط العائدات الفاتورة فستتحمل الخسارة.
أمام ضائقة الحكومات المحلية الصينية، فإن الحصول على شقق شبه مكتملة "أفضل من الحصول على لا شيء"، بحسب مقالة كبير الباحثين في "المؤسسة الوطنية للتمويل والتنمية"، بروس بانغ، لصحيفة "وول ستريت جورنال".
الضغط الحالي يهدد نمو الاقتصاد الصيني
وفي إحاطة في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 قال وزير المالية الصيني لان فوآن، إن الحكومة خصصت حتى ذلك الحين 1.2 تريليون يوان (164 مليار دولار)، لمساعدة الحكومات المحلية على سداد الأموال المستحقة للشركات ومعالجة ديونها غير المسجلة.
وتواجه المدن في جميع أنحاء الصين نقصاً حاداً في السيولة وتكافح مع تريليونات اليوان من الديون، ولعقود من الزمن، كانت الحكومات المحلية تجمع تريليونات من مبيعات الأراضي خلال طفرة العقارات الهائلة في الصين، لكن هذه الإيرادات انهارت مع تراجع سوق العقارات، إذ أدت أعوام من الإسراف في البنية التحتية العامة إلى تعزيز النمو الاقتصادي، لكنها تسببت في تراكم الفواتير في المقابل.
ويهدد الضغط المالي الحالي نمو الاقتصاد الصيني، وأدى إلى تأخير رواتب موظفي الحكومة، وارتفاع النزاعات العمالية، وتقليص الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية العامة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الوقت نفسه تراكم في سوق العقارات الصينية ما يصل إلى 90 مليون وحدة سكنية فارغة بعد أعوام من النمو السريع، بحسب ما أفاد تقرير سابق للصحيفة، وهذا يكفي لاستيعاب كامل سكان البرازيل، إذا افترضنا ثلاثة أشخاص في كل أسرة، علاوة على أن قيمة هذه الوحدات السكنية تتدهور شهرياً، إذ انخفضت أسعار المنازل في المدن الكبرى 17 شهراً متتالية.
استخدام الشقق لتسوية الديون
وبدأت التكتيك الذي يعتمد على استخدام الشقق غير المبيعة لتسوية الديون من قبل المطورين العقاريين الصينيين في الأيام الأولى لأزمة العقارات، ففي عام 2022، واجه عديد من مطوري العقارات أزمة سيولة شديدة بعد تراجع مبيعات المنازل وقطع البنوك لخطوط الائتمان الخاصة بهم.
ومنذ العام الماضي، قبلت مجموعة "مونيليزا غروب"، وهي شركة تصنيع بلاط السيراميك مقرها في قوانغدونغ، الشقق كدفعات بدلاً من النقود من عملائها في قطاع العقارات. وبحلول سبتمبر (أيلول) 2024 تراكمت لديها عقارات استثمارية بقيمة 19 مليون دولار على موازنتها العمومية.
وفي يونيو اقترحت شركة "شنغهاي أوربان للهندسة المعمارية والتصميم" الاستحواذ على 115 شقة من مطور العقارات "غرينلاند هولدينغز"، وهي شركة ضمن قائمة "فورتشن 500" التي تخلفت عن سداد ديونها في 2023، لتسوية ديون تقدر بنحو 10 ملايين دولار. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2024 سوت شركة "صنفلاي إنتيليجينت تكنولوجي"، التي تنتج إضاءة LED وغيرها من المعدات الكهربائية، ديوناً بقيمة 50 مليون دولار مع مجموعة من المطورين بما في ذلك "كانتري غاردن" عبر استحواذها على 334 شقة مكتملة وغير مكتملة في مدن عدة.
