ملخص
أصبحت أميركا الآن أكبر منتج للنفط في العالم بمعدل إنتاج نحو 13.5 مليون برميل يومياً
في إجراء اللحظات الأخيرة قبل مغادرة البيت الأبيض، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الراحلة عن حزمة عقوبات جديدة على قطاع النفط الروسي، أدت إلى ارتفاع أسعار النفط في تعاملات نهاية الأسبوع الماضي إلى فوق حاجز 80 دولاراً للبرميل.
وبغض النظر عن مسألة دعم أوكرانيا واستمرار الحرب التي اندلعت مطلع عام 2022 أو تسوية الأزمة سياسياً بصفقة مع روسيا، فإن أكثر ما يزعج الإدارة القادمة للرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب هو ارتفاع أسعار النفط، إذ إن ذلك يمكن أن ينعكس على أسعار الوقود في محطات البنزين بأميركا.
يسعى ترمب الذي تتولى إدارته السلطة رسمياً الأسبوع المقبل، إلى خفض أسعار النفط أكثر بزيادة الإنتاج الأميركي، وسبق أن أعلن مرشحه لمنصب وزير الخزانة سكوت بيسينت أن الإنتاج الأميركي من النفط سيزيد بنحو 3 ملايين برميل يومياً في فترة إدارة ترمب، أي بحلول عام 2028. وكثيراً ما كرر ترمب حتى قبل فوزه بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 ما هو أكثر من ذلك بزيادة الإنتاج بنحو 4 ملايين برميل يومياً في أربعة أعوام، وهدفه خفض أسعار النفط بزيادة العرض عن الطلب، إلى جانب زيادة حصة أميركا من أسواق الطاقة العالمية على حساب المنتجين الآخرين، خصوصاً في منظمة "أوبك".
تقديرات مبالغ بها
أصبحت أميركا الآن أكبر منتج للنفط في العالم، بمعدل إنتاج نحو 13.5 مليون برميل يومياً، وهناك اعتقاد سائد بين كثيرين حالياً بأن إدارة ترمب ستتمكن من خفض أسعار النفط بزيادة الإنتاج الأميركي إذا ما ألغيت الإجراءات التي اتخذتها إدارة بايدن. لكن مديرة الأبحاث في شركة "إنرجي إسبكتس" والمؤسسة المشاركة أمريتا سن كتبت مقالاً في صحيفة "فايننشال تايمز" هذا الأسبوع يشرح بدقة لماذا لن يتمكن دونالد ترمب وإدارته من خفض أسعار النفط؟
بداية، وقبل سرد الأسباب المنطقية على أساس واقع السوق ووضع إنتاج الطاقة في أميركا من المهم الإشارة إلى أن أسعار النفط انخفضت بما يكفي فعلاً في ظل إدارة بايدن. حتى قبل أيام، كانت أسعار النفط العالمية في نطاق 70 دولاراً للبرميل منذ أشهر، على رغم سحب بعض تخمة المعروض في السوق بقرار تحالف "أوبك+" وإرجاء التخلي عن خفض سقف الإنتاج الذي كان مقرراً أن ينتهي نهاية 2024.
ربما يعود ذلك جزئياً إلى ضعف معدلات نمو الاقتصاد العالمي والتباطؤ إلى ما قرب الركود في اقتصادات صناعية كبرى، ثم هناك أيضاً الزيادة في صادرات نفط إيران من أقل من نصف مليون برميل يومياً (400 ألف برميل يومياً) في فترة رئاسة ترمب الأولى نتيجة سياسة "الضغط الأقصى" على طهران، إلى نحو مليوني برميل يومياً (1.8 مليون برميل يومياً) بنهاية فترة رئاسة بايدن، إلا أن كل هذه الكمية لا تشكل فارقاً كبيراً في جانب العرض في السوق العالمية، فلدى دول "أوبك" سعة إنتاج فائضة بأضعافها حتى لو توقفت صادرات إيران كلياً.
يرى فريق إدارة ترمب أن زيادة الإنتاج الأميركي بأكثر من ضعف الصادرات الإيرانية سيؤدي إلى خفض أسعار النفط، ربما عن مستوياتها في فترة رئاسة بايدن، لكن المعضلة الحقيقية هي أن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، الذي أدى إلى جعلها حالياً أكبر منتج في العالم، يحتاج إلى مستوى أسعار أعلى من الحالية كي يستمر في الزيادة كما كانت الحال قبل ثمانية أعوام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بحسب راي أمريتا، فإن الزيادة المحتملة في إنتاج الطاقة بالولايات المتحدة ستكون من الغاز والسوائل الغازية وليس من النفط، وتستبعد إمكانية أن تضيف إدارة ترمب 3 ملايين برميل يومياً من النفط بحلول عام 2028، لأن المسألة لا تتعلق بتغيير القوانين وتسهيل الإجراءات، إنما بالموارد المتوافرة في البلاد، بحسب ما تشير بيانات شركة "إنرجي أسبكتس".
ظروف الإنتاج
تتوقع "إنرجي أسبكتس" زيادة إنتاج النفط في الولايات المتحدة في فترة رئاسة ترمب القادمة بنحو ثلاثة في المئة فحسب، أي بمقدار 400 ألف برميل يومياً، أي أقل من ثلث التقديرات التي ذكرها وزير الخزانة القادم بيسينت. حتى لو ألغت إدارة ترمب كل إجراءات إدارة بايدن ومررتها من خلال الكونغرس الذي يهيمن عليه الآن بعد الانتخابات الحزب الجمهوري، فإن هناك ظروف إنتاج عملية تحول دون الوصول إلى الهدف المعلن.
إذا سمحت إدارة بايدن بتخصيص الأراضي الفيدرالية للاستكشاف والإنتاج من دون قيود إدارة بايدن، فإن الاحتياطات المثبتة في مناطق الامتياز المتاحة على الأرض محدودة جداً. وبالنسبة إلى منح التراخيص للتنقيب في البحر فإن الوقت من الحصول على الامتياز وحتى الإنتاج قد يزيد على 10 أعوام، وإن كان تسهيل منح التراخيص وإتاحة الامتيازات بحرية من دون قيود يمكن أن يزيد من إنتاج الغاز للتصدير للخارج.
وتتوقع أمريتا زيادة إنتاج الغاز الأميركي بمقدار 10 أقدام مكعبة يومياً بحلول عام 2028، إضافة إلى زيادة بنحو 0.6 مليون برميل يومياً من السوائل الغازية مثل البروباين، ويوازي ذلك ما يصل إلى 2.7 مليون برميل يومياً من المكافئ الغازي، أي أقل حتى من المستهدف الذي أعلنه بيسينت.
هناك ملاحظة مهمة هي تراجع عمليات الاندماج والاستحواذ في حوض بارميان، المصدر الأكبر للنفط الصخري، بعدما أصبح غالب الشركات العاملة في هذا الحوض والحوض الآخر في لويزيانا وتكساس هي الشركات الكبرى، وتتعرض تلك الشركات المدرجة في السوق لضغوط من مساهميها للحد من ضخ مزيد من الاستثمارات في مشروعات إنتاج مستقبلية لمصلحة زيادة توزيعات الأسهم على المستثمرين.