Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يخطط رجال نتنياهو لإحباط هدنة غزة في ساعات الحسم؟

يتهم ذوو 800 جندي إسرائيلي في الخدمة النظامية والاحتياط الحكومة بقيادة حرب بلا أفق لا مثيل لها تاريخياً

مشهد لشمال قطاع غزة يظهره مدمرا وغير صالح للسكن (أ ف ب)

ملخص

كشف استطلاع حديث للرأي نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن 88 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون إبرام صفقة تبادل، في حين أن ستة في المئة فقط من المستطلعة آراؤهم يعارضون الصفقة.

تشهد المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس" بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة، تحركات مكثفة وتقدماً كبيراً جداً لبلورة اتفاق نهائي في شأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، وعلى رغم ذلك سارع 112 إسرائيلياً من عائلات الأسرى المحتجزين في القطاع إلى تقديم التماس لاستصدار أمر قضائي احترازي عاجل يلزم حكومة بنيامين نتنياهو بعدم المماطلة في إتمام الاتفاق لكونه يمثل خطراً فورياً واحتمالاً مرتفعاً للغاية ويكاد يكون مؤكداً على حياة ذويهم.

عائلات المحتجزين اتهمت الحكومة الإسرائيلية بأنها طوال فترة الحرب المستمرة منذ أكثر من 465 يوماً تنتهك قانوني أساس هما "كرامة الإنسان وحريته" و"القومية"، معلنين أن التماسهم يمثل "دعوة يائسة" من المخطوفين للمحكمة بطلب المساعدة في تطبيق الحكومة لواجبها والعمل من أجل تحريرهم.

وينص البند السادس (أ) من قانون أساس الدولة "أن إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي تحرص على ضمان سلامة مواطنيها الذين يواجهون مصيبة وأسراً بسبب جنسيتهم".

 

 

ولأكثر من مرة، تعثرت مفاوضات تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل، جراء إصرار نتنياهو على استمرار السيطرة على محور فيلادلفي الحدودي بين غزة ومصر ومعبر رفح، ومنع عودة مسلحي الفصائل الفلسطينية إلى شمال القطاع عبر تفتيش العائدين من خلال "ممر نتساريم" وسط القطاع، وهو ما تقابله الحركة الفلسطينية بالإصرار على مبادئها التي أعلنتها منذ بداية التفاوض بضرورة انسحاب كامل ووقف تام للحرب، بغية القبول بأي اتفاق.

وما بين هذا وذاك، كشف استطلاع حديث للرأي نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن 88 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون إبرام صفقة تبادل، في حين أن ستة في المئة فقط من المستطلعة آراؤهم يعارضون الصفقة.

معركة احتجاجية

في وقت تظاهرت فيه عائلات الأسرى للمطالبة بإعادة ذويهم، اتهم ذوو أكثر من 800 جندي إسرائيلي في الخدمة النظامية والاحتياط، ممن شاركوا أو لا يزالون يشاركون في الحرب على قطاع غزة، نتنياهو بـ"قيادة حرب بلا أفق لا مثيل لها في التاريخ"، مهددين بخوض معركة احتجاجية لإنهائها.

وشددوا في رسالة بعثوها إلى رئاسة الوزراء قبل أيام على أنهم سيخوضون "معركة بلا هوادة" وأنهم لن يسمحوا بأن "تتحول غزة إلى مقبرة لأبنائهم".

 

 

وجاء في الرسالة "أبناؤنا خرجوا إلى حرب حتمية فرضت عليهم بسبب سياساتك، فقدوا أصدقاءهم ويواصلون الموت والإصابة، نفسياً وجسدياً، قاتلوا لأنهم التزموا بأهداف الحرب، وعلى رأسها إعادة الرهائن".

واتهم الأهالي في رسالتهم رئيس الحكومة بالتخلي عن الرهائن والجنود، داعين إلى إنهاء الحرب وإعادة الرهائن والجنود الذين تواصل الحكومة استخدامهم "كوقود للمدافع" حسب تعبيرهم.

ويضم الحراك الاحتجاجي الذي أطلقه أهالي الجنود تحت اسم "أهالي المقاتلين يصرخون كفى"، 837 والداً لجندي في الخدمة النظامية والاحتياط يخدمون في غزة، ووفقًا لما أعلنوه، فإنهم يخططون لتنظيم أنشطة احتجاجية ضخمة خلال الأيام المقبلة تدعو إلى إنهاء الحرب، بما في ذلك فعاليات في عشرات المواقع الإسرائيلية.

خطوات متسارعة

وفي وقت أصبحت تفاصيل الصفقة شبه مكتملة، بحسب ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، وإيفاد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو رئيسي الموساد دافيد برنياع والشاباك رونين بار، وممثل الجيش نيتسان ألون، والمستشار السياسي أوفير فلك، إلى الدوحة "للمضي قدماً في الدفع نحو صفقة تبادل"، يدفع أعضاء الكنيست دان إيلوز من حزب "الليكود" وميخال فولديغر من حزب "الصهيونية الدينية"، ويتسحاق كرويزر من حزب "عوتسما يهوديت"، مشروع قانون في شأن مصادقة الكنيست وسنه أن يمنع إمكانية التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى، وكذلك وقف الحرب على غزة.

ووفقاً لما ذكرته القناة "13" الإسرائيلية فإن الهدف المعلن لمشروع القانون الذي بات مطروحاً على أجندة اجتماع اللجنة الوزارية للتشريع، هو "مأسسة الكفاح ضد الدول التي تمول وتدعم عمليات إرهابية نُفذت في إسرائيل". وينص أحد بنوده على أن "دولة إسرائيل لن تسمح لدولة داعمة إرهاب أن تكون ضالعة في تسويات سياسية بين إسرائيل ودول أخرى وكيانات أجنبية". وأشارت القناة إلى أن هذا البند سيسمح بعد المصادقة على مشروع القانون "بإحباط الوساطة القطرية البالغة الأهمية في إطار الاتصالات" حول صفقة تبادل أسرى، مؤكدة أن مشروع القانون في حال صادقت اللجنة الوزارية للتشريع عليه ونقله إلى الكنيست قد يخضع لتعديلات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحسب القناة "12" الإسرائيلية، فإن حركة "حماس" وافقت بعد تلقيها قائمة إسرائيلية تتضمن أسماء 34 محتجزاً في غزة، على الإفراج عن الأسرى الأحياء المذكورين في هذه القائمة، وبضمنهم أسرى رجال دون سن 50 سنة، ووُصفوا بأنه "حالة إنسانية". وأضافت أن الحركة لا تزال تصر على مطالبها، بخاصة الإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين مقابل إفراجها عن كل واحد من الأسرى الرجال الإسرائيليين دون 50 سنة، إلى جانب مطلبها بوقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.

ويعارض حزب "الصهيونية الدينية" بزعامة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير صفقة تبادل أسرى، لكن وزراءه وأعضاءه في الكنيست لم يوضحوا إذا كانوا سيعارضونها فقط أم أنه سينسحبون من الحكومة في حال المصادقة عليها. ووصفت وزيرة الاستيطان، أوريت ستروك، الصفقة بأنها "جائزة للإرهاب". وقالت خلال مقابلة إذاعية إن "نتنياهو يعرف خطوطنا الحمراء، وآمل ألا يتحداها". وحسبما ذكر موقع "واللا" الإلكتروني، أجرى نتنياهو محادثات مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، في الأسابيع الأخيرة، على أثر إدراكه أن ثمة احتمالاً مرتفعاً أن ينسحب بن غفير ووزراء حزبه من الحكومة في حال المصادقة على صفقة التبادل.

وأوضح الموقع أنه بهدف منع انسحاب حزبي الصهيونية الدينية و"عوتسما يهوديت" من الحكومة، سيحاول رئيس الحكومة إقناع سموتريتش بمعارضة الصفقة وألا ينسحب من الوزارة، لأنه في حال انسحاب الحزبين لن يكون لنتنياهو أغلبية داعمة في الكنيست حتى الانتخابات العامة المقبلة. ووفق "كان 11"، فقد "برر" نتنياهو ذلك لسموتريتش "بمساعدة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خطط الحكومة" في الضفة الغربية.

إلا أن جهود نتنياهو لإقناع سموتريتش بدعم صفقة التبادل باءت بالفشل، إذ أصر وزير المالية على وصف صفقة التبادل التي يُتباحث حولها بـ"الكارثة" على الأمن القومي لدولة إسرائيل. وقال إنه لن يكون جزءاً مما سماه صفقة استسلام تشمل الإفراج عن كبار الإرهابيين ووقف الحرب وإهدار الإنجازات التي تحققت، على حد قوله. وذكر سموتريتش أنه حان الوقت لاحتلال القطاع والسيطرة على المساعدات وفتح أبواب الجحيم حتى استسلام "حماس" وإعادة المختطفين، وفق تعبيره. وقالت صحيفة "يسرائيل هيوم" في هذا الصدد إن عائلات المحتجزين الإسرائيليين تواجه سموتريتش في لجنة المالية بالكنيست لمعارضته صفقة التبادل ووصفها بالكارثة.

مراحل عدة

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر أميركية وصفتها بالمطلعة قولها إن ملامح الصفقة المحتملة التي قد تفضي إليها المحادثات غير المباشرة الجارية بين "حماس" وإسرائيل على مراحل عدة، وتضمن إعادة كل المحتجزين الإسرائيليين، مشيرة إلى أن التعهد الإسرائيلي بعدم العودة إلى القتال والتزام "حماس" إعادة الرهائن. وعلى رغم أن معالم المرحلتين الأولى والثانية من الصفقة المحتملة لا تزال غير معلنة، فإن وسائل إعلام من بينها هيئة البث الرسمية، تقول إن المرحلة الأولى تتضمن الإفراج عن كبار السن والمرضى، في حين أن المرحلة الثانية تتضمن الإفراج عن عسكريين.

وقالت مصادر أجنبية مطلعة لقناة "كان" الإسرائيلية، إن "تل أبيب وافقت على التقدم في المفاوضات حول المرحلة الثانية من صفقة الأسرى بالتوازي مع تنفيذ المرحلة الأولى، بهدف ضمان استمرارية العملية حتى إطلاق سراح جميع المحتجزين". ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أنه سُدت بالفعل 90 في المئة من الفجوات في صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين.

 

 

ووسط كل تلك الجهود المكثفة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإيجاد صفقة لتبادل الأسرى والمحتجزين، قبل تولي ترمب منصبه في الـ20 من يناير (كانون الثاني) الجاري، حذر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس من الانجرار في حرب استنزاف مع حركة "حماس"، قائلاً إن المحتجزين "بالأنفاق في خطر".

وبحسب القناة "12" الإسرائيلية، أكد كاتس "أن على إسرائيل تغيير طريقة العمل في قطاع غزة ليُقضى على ’حماس‘ وتنتهي الحرب". وتأتي تصريحاته هذه بعد أكثر من أسبوع على تهديدات أطلقها بتوجيه ضربات "لم تشهدها غزة منذ وقت طويل" إذا لم تتوقف الفصائل الفلسطينية في غزة وعلى رأسها الحركة عن إطلاق الصواريخ وتفرج عن المختطفين.

حرب استنزاف

وعلى رغم أن كل التفاصيل التي نشرت عن الصفقة المحتملة تظل غير مؤكدة، فإن المحلل في شؤون "حماس" وفق ما وصفته صحيفة "معاريف" إيال عوفر يرى أن الحرب على قطاع غزة ستتوقف عملياً، بعد اليوم السابع من الشروع بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ضمن المرحلة الأولى من الصفقة المرتقبة، بزعم أن عودة نحو مليون نازح لمنازلهم شمال القطاع ستضع عقبات أمام الجيش لاستئناف الحرب بعد نهاية المرحلة الأولى التي حسبما يُتفاوض عليه الآن ستستمر 60 يوماً في الأقل.

 

 

ولفت الانتباه إلى أن وثيقة "مبادئ تبادل المختطفين والأسرى واستعادة الهدوء المستدام" التي سربت بتاريخ الـ27 من مايو (أيار) 2024، التي هي أساس المحادثات الجارية في الدوحة، تنص في المادة الثالثة منها على عودة النازحين إلى أماكن إقاماتهم في اليوم السابع من الصفقة. ويفترض عوفر أن نجاح "حماس" في إعادة النازحين في بداية الاتفاق، قد يدفعها إلى التراجع عن المرحلة الثانية مع استمرار احتفاظها بالأسرى الإسرائيليين.

وجاءت تحليلات عوفر وتخوفاته في وقت أكد فيه رئيس الوزراء نتنياهو أنه سيعود للقتال في قطاع غزة بعد أية صفقة تبادل هناك، معززاً المخاوف من أنه لا ينوي مطلقاً إنهاء الحرب، وترك القطاع في المدى القريب. ويرى مراقبون أن نتنياهو يصر على أنه سيعود للقتال بعد أية صفقة، لأنه لا يريد تسليم غزة للسلطة الفلسطينية أو "حماس"، من دون أن يُحدد ما رؤيته لليوم التالي للحرب، وهو ما أثار مخاوف جدية فلسطينية وعربية وأميركية، وحتى داخل إسرائيل من أنه ينوي إقامة حكم عسكري هناك.

المزيد من تقارير