Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قتل الأبناء" يدخل قاموس الخلافات الزوجية في الأردن

تحولوا إلى وسيلة للابتزاز والتهديد لدى البعض ومطالبات بإجراء فحوص شاملة نفسياً وجسدياً للمقبلين على الزواج

توزعت جرائم القتل الأسرية خلال عام 2024 في مختلف المحافظات الأردنية (مواقع التواصل)

ملخص

انتقادات لاستمرار وجود المادة 62 من قانون العقوبات الأردني، التي تجيز أنواع التأديب التي يوقعها الوالدان بأولادهم على نحو لا يسبب إيذاءً أو ضرراً لهم ووفق ما يبيحه العرف العام.

تتصاعد جرائم القتل والإيذاء ضد الأطفال في الأردن، بخاصة تلك التي يكون مرتكبوها أحد الوالدين بهدف الانتقام من الآخر، حيث شهدت مدينة الزرقاء واحدة من هذه الجرائم التي ألقى فيها أب طفليه في نهر الزرقاء انتقاماً من والدتهما إثر خلاف بينهما، وعثر على جثتي الطفلين لاحقاً.

ووفقاً لمديرية الأمن العام فإن بلاغاً ورد إلى قسم حماية الأسرة عن احتمال تعرض الطفلين للإيذاء، إذ غادر الأب المنزل بصحبتهما إلى جهة غير معلومة، قبل أن يعترف في اتصال هاتفي أنه ألقى بهما في النهر.

ويطالب مراقبون بإجراء فحوصات جسدية ونفسية للمقبلين على الزواج لتجنب حدوث مثل هذه الجرائم التي يقوم بها آباء وأمهات غير أسوياء أو غير قادرين على تحمل مسؤولية رعاية الأطفال.

كل هذا العنف

وأثارت هذه القضية صدمة واسعة في المجتمع الأردني، لكنها لم تكن الأولى بعدما تحول الأطفال لدى بعض الأسر إلى وسيلة للابتزاز والتهديد.

ففي عام 2022 عثرت الأجهزة الأمنية على جثة طفلين مدفونين في حديقة منزل بمنطقة الرمثا تبين أن والدهما قتلهما بعد تعذيبها انتقاماً من طليقته.

وفي عام 2023 كُشف عن تفاصيل تعذيب أم طفلها وحرقه بالماء الساخن في مدينة الكرك جنوب البلاد. كما صادق القضاء الأردني على حكم بالإعدام شنقاً لأب قتل طفليه اللذين لم يزد عمرهما على سنتين خنقاً وأرسل صور جثتيهما لأمهما من أجل قهرها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والعام الماضي أقدم رجل على قتل طفلته الرضيعة بسكب الماء الساخن عليها في مدينة إربد شمال المملكة.

ولا توجد إحصاءات رسمية أو بيانات محددة حول عدد جرائم قتل الأطفال في الأردن التي ارتكبت لدواع انتقامية، لكن ثمة تقارير صادرة عن جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، تتحدث عن وقوع 25 جريمة قتل أسرية عام 2024 نتج منها 32 ضحية، من بينهم 25 وفاة وسبع إصابات بليغة.

ومن بين الضحايا ثمة 18 أنثى، منهن أربع طفلات قتلن بشكل مروع. إحدى هذه الجرائم تضمنت قتل أب طفلته البالغة من العمر سنتين في منطقة سحاب شرق عمان، حيث خنقها وأرسل تسجيل الجريمة إلى زوجته لرفضها العودة إليه.

وتوزعت جرائم القتل الأسرية خلال عام 2024 في مختلف المحافظات، حيث سجلت 10 جرائم في عمان، وست في إربد، وثلاث في الزرقاء، وجرائم أخرى في الكرك والبلقاء، إضافة إلى جريمتين وقعتا خارج الأردن من قبل أردنيين على أسرهم.

وتشير "تضامن" في السياق ذاته إلى أرقام متضاربة، إذ إن 13 في المئة من الأطفال في الأردن تعرضوا لعقاب جسدي خطر، في حين أن 86 في المئة من المجتمع الأردني لا يؤيدون مثل هذا العقاب. مشيرة في الوقت ذاته إلى الآثار السلبية لاستمرار وجود المادة 62 من قانون العقوبات الأردني، التي تجيز أنواع التأديب التي يوقعها الوالدان بأولادهم على نحو لا يسبب إيذاءً أو ضرراً لهم ووفق ما يبيحه العرف العام.

الواقع أم الإحصاءات؟

يعلق المتخصص في علم الاجتماع حسين الخزاعي على هذه الجرائم بالقول، إنها تندرج ضمن جرائم العنف الأسري، موضحاً أن بعض الآباء والأمهات يقعون فريسة الرغبة في الانتقام من دون اللجوء إلى حلول سلمية لحل خلافاتهما فيكون الأبناء الضحية.

وأشار إلى أن العنف الأسري في الأردن يتزايد، حيث سجلت إدارة حماية الأسرة 58 ألف حالة العام الماضي، بينما بلغ عدد القضايا المتعلقة بالخلافات الزوجية أكثر من 129 ألفاً في 2023.

وقال الخزاعي إن الأردن شهد خلال العام الماضي 25 جريمة أسرية، وفي العام الذي قبله 27 جريمة، وغالب الضحايا فيها كانوا من الأطفال والأمهات.

من جهته يقول مستشار الطب الشرعي هاني جهشان إن الصورة السائدة لدينا في ما يتعلق بالوفيات الناتجة من العنف ضد الأطفال هي صورة غير مكتملة وتعكس فقط عدداً قليلاً من الحالات التي غُطيت بصورة قوية في وسائل الإعلام، ولا تمثل الواقع بأي شكل من الأشكال.

كما أن مدى انتشار العنف القاتل ضد الأطفال، بحسب جهشان، لا يمكن قياسه من خلال إحصاءات مرتكزة على مسح السكان وسؤال الوالدين، أو من خلال سجلات الحالات التي تصل لمقدمي الخدمات، لأن غالب هذه الوفيات تحصل بصورة متسارعة لا يوفر فرصة لعرض الطفل على الأطباء الشرعيين، وقد تُدفن جثة الطفل من دون إجراءات التشريح القضائية.

ويطالب جهشان بتطبيق نظام الكشف الطبي الشرعي التشريحي على جميع وفيات الأطفال المفاجئة لمعرفة الرقم الحقيقي لوفيات الأطفال الناجمة عن العنف. مضيفاً "حصر مواجهة العنف المميت ضد الأطفال في البحث عن المعتدي هل هو أب، أم زوجة أب، أم خالة، أم أم، يتصف بتبسيط الأمور، لأن مواجهة العنف ضد الأطفال مسؤولية وطنية وتحد كبير يتجاوز حماية صحة الفرد والأسرة والمجتمع إلى التزام حماية حقوق الطفل والإنسان بالشرائع السماوية والقانون والاتفاقات الدولية".

ويعتقد أن العنف ضد الطفل لا يزال غائباً عن الاستراتيجيات الوطنية للصحة العامة، وهناك تردد واضح في اعتبار العنف، بما في ذلك العنف ضد الطفل، مشكلة صحية عمومية لها أولوية في برامج الوقاية الأولية وتوفير البيئة الملائمة في القطاع الصحي، للاكتشاف المبكر والتبليغ عن حالات العنف ضد الأطفال، ومن ثم الوقاية من وفيات الأطفال بسبب العنف.

المزيد من متابعات