Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

لماذا يخشى معارضون مشروع "قانون الأحزاب" الجزائري؟

اعتبرته أطراف "تهديداً للديمقراطية" ومطالب بطرحه للمناقشة وإعادة صياغته

منذ أن سلمت الرئاسة الجزائرية الأحزاب مسودات قانوني الأحزاب والجمعيات لإثرائها لم تتوقف الملاحظات والانتقادات (مواقع التواصل)

ملخص

أمام الانتقادات والمخاوف الصادرة من أحزاب المعارضة بشكل خاص، ترى السلطة أن التحديات السياسية الراهنة فرضت ضرورة إعادة النظر وتحيين بعض القوانين والعمل على تكييفها مع المستجدات والتحولات التي يشهدها العالم اليوم، ومن بينها مشروع القانون المتعلق بالأحزاب السياسية الذي "يعزز قوة الطبقة السياسية والجبهة الداخلية، ويبعث النشاط في المشهد السياسي".

لا يزال مشروع قانون الأحزاب يطغى على نقاشات الطبقة السياسية في الجزائر، بين تحفظات على ما جاء في الوثيقة من نصوص يرى معارضون أنها تهدد الديمقراطية وحرية التعددية التي يقرها الدستور، ومطالب بإعادة صياغتها أو تأجيل اعتماد المشروع إلى حين فتح نقاش جدي حوله، في حين تلتزم السلطة الصمت.

منذ أن سلمت الرئاسة الجزائرية الأحزاب مسودات قانوني الأحزاب والجمعيات لإثرائها لم تتوقف ملاحظات وانتقادات فئات واسعة من الطبقة السياسية على رغم قبول بعضهم، إذ اعتبرت أحزاب أنها تثير القلق بينما وصفتها أخرى بـ"المفزعة" تهدد الممارسة السياسية، لا سيما في ما يتعلق بمنع قيادة الأحزاب لأكثر من عهدتين، وحظر إقامة علاقات مع قوى سياسية خارجية من دون موافقة السلطات، إضافة إلى فرض نسب معينة من الشباب والنساء في هياكل التشكيلات الحزبية.

وصاية وتعسف وتقييد

وقال "جبهة القوى الاشتراكية"، أقدم حزب معارض في الجزائر، إن مضمون القانون بصيغته الأولية لا يعزز إلا سطوة الإدارة وفرض الوصاية على المجتمع السياسي، معبراً عن أمله أن تتدارك صياغته النهائية كل الاختلالات المسجلة في هذا الصدد، وتفرز نصوصاً في مستوى التطلعات الديمقراطية وتجسد التعددية السياسية.

وأوضح حزب جيل جديد أن "مشروع الإصلاح السياسي كما هو معروض مزيج من القوانين القمعية والتنظيمية التي تحول الأحزاب السياسية إلى مجرد ملحقات إدارية، وبدلاً من تنظيم حياة سياسية حرة ومسؤولة فإن هذه القوانين تقيد الأحزاب السياسية في لائحة داخلية قاتلة لا تسمح باستمرار الأحزاب السياسية التي تحمل لواء التجديد والانفتاح بسبب التدابير الخانقة والتعسفية".

واعتبر حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن المسودة بصيغتها الحالية تمهد الطريق لمحو أية قاعدة سياسية حزبية، وتجعل وزارة الداخلية هي الآمر الناهي في الحياة الحزبية، وبخصوص المواد التي تمنع القياديين في الاستمرار على رأس الأحزاب لأكثر من عهدتين، أشار إلى أن هذا الإجراء يعوق بروز شخصيات سياسية، محذراً من بنود تخص التحكم في خطاب الأحزاب السياسية بصورة تفرض الرقابة على أي انتقاد سياسي.

وأوضح حزب العمال أن محرري مشروع قانون الأحزاب الجديد ينظرون إلى الأحزاب السياسية كمؤسسات اقتصادية أو إدارية تفرض عليها إجراءات لا تمت بصلة إلى العمل السياسي وتضعها تحت رقابة الإدارة المطلقة في المجالات المتعلقة بعملها وحتى مبادئها وطبيعتها التي هي من صلاحية مؤسسيها ومؤتمراتها وقياداتها المنتخبة والمفوضة لاتخاذ القرارات حصرياً.

ودعا حزب حركة مجتمع السلم إلى ضرورة تحرير القوانين الناظمة للحياة السياسية والجمعوية والنقابية من ذهنية التحكم وكل صور التضييق، وتسهيل وتخفيف الإجراءات أمام كل من يريد الإسهام في تدبير الشأن العام، مشدداً على أهمية حماية الحريات السياسية والإعلامية والنقابية باعتبارها حقوقاً دستورية غير قابلة للتقييد أو التسقيف.

ضبط العمل السياسي

أمام الانتقادات والمخاوف الصادرة من أحزاب المعارضة بصورة خاصة ترى السلطة أن التحديات السياسية الراهنة فرضت ضرورة إعادة النظر وتحيين بعض القوانين والعمل على تكييفها مع المستجدات والتحولات التي يشهدها العالم اليوم، ومن بينها مشروع القانون المتعلق بالأحزاب السياسية الذي "يعزز قوة الطبقة السياسية والجبهة الداخلية، ويبعث النشاط في المشهد السياسي".

وجاء تصريح عضو اللجنة البرلمانية المكلفة إثراء مشروع قانون الأحزاب زكرياء بلخير، ليكشف عن بعض الجوانب، قائلاً إن "الوثيقة تستهدف أخلقة وضبط العمل السياسي، كذلك يتيح المشروع الفرصة أمام القيادات الشابة من أجل الوصول إلى أعلى الهيكل الهرمي للأحزاب، وهو ما يسمح بضخ دماء جديدة في الحياة السياسية".

في السياق يرى النائب البرلماني السابق عدة فلاحي أن "المبادرات دائماً ما تأتي من السلطة للأسف الشديد، سواء على المستويين السياسي أو التشريعي، وتكتفي الأحزاب السياسية بالتعليق وردود الفعل مما يجعلها قابلة للترويض أو الطاعة، وزاد الأمر ترهلاً بغياب الشخصيات السياسية وحتى البرلمانية الفاعلة والقوية التي تمتلك رؤية سياسية وتحظى بكاريزما".

وقال إن "العالم بما فيه الغرب الذي كان نموذجاً للديمقراطية والتعددية يتجه إلى الديكتاتورية الناعمة، ومن ثم فإن السلطة عندنا ولدى غيرنا من الدول العربية ودول العالم الثالث ستجد نفسها في راحة من أمرها بفرض هيمنتها وشروطها على الأحزاب السياسية، سواء كانت من الموالاة أو من المعارضة".

وتابع فلاحي أن مشروع قانون الأحزاب مطروح على الساحة للنقاش الأولي، وسينتقل إلى البرلمان للنقاش المؤسساتي، وهذه حركية إيجابية يعود فيها الفضل للسلطة بعد سبات عميق عاشته الأحزاب السياسية، معتقداً أن مجمل ما جاء في المشروع إيجابي، وعلى رأسه تحديد عهدات رئاسة الحزب.

وقال "في كل الحالات السلطة محقة في ضبط ميكانيزمات الأحزاب السياسية التي أثبتت خلال الفترات السابقة أنها تحولت إلى سجل تجاري للاسترزاق وليس مرجعية للنضال"، مؤكداً أن هناك تجارب تمثل نموذجاً للصراعات التي تحولت إلى مواجهات وخصومات استخدم فيها العنف الجسدي.

قوى عدمية غير منظمة

من جانبه يعتبر المتخصص في علم الاجتماع السياسي مصطفى راجعي أن مشروع قانون الأحزاب يهدف إلى تقوية وتعزيز الديمقراطية، لهذا يجب أن تشارك جميع الأحزاب كبيرة وصغيرة عبر جميع المنصات لإثرائه، مشدداً على أن الحوار هو السبيل للتوصل إلى توافق الجميع.

وأضاف أنه "من جهة هناك رغبة في التخلص من الانتهازية لدى الأحزاب، مقابل سعي الأخيرة إلى تخفيف القيود البيروقراطية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية"، موضحاً أن الأحزاب هي قوى وسيطة بين الحكومة والمجتمع، وإذا زالت الثقة في الأحزاب فإن المجتمع سيلجأ إما إلى قوى عدمية أو غير منظمة، وهو ما يشكل مصادر تهديد للاستقرار المجتمعي والسياسي.

ويواصل راجعي "إذا فرض طرف نفسه في الموضوع فلن تكون هناك معارضة سياسية منظمة، بل سيشجع ذلك على معارضة غير سياسية وغير شرعية، وإذا رفضت الأحزاب مشروع القانون فإن المصلحة السياسية الوطنية تتطلب مراجعة محتويات الوثيقة، أما إذا فُرض القانون في غياب الأحزاب فإن هذا سيخلق فراغاً في الساحة السياسية يؤدي إلى مستويات متدنية جداً من المشاركة السياسية اهتماماً وترشحاً وتصويتاً، وهو أمر خطر على الدولة".

المزيد من تقارير