Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النفايات... قاتل صامت يتسلل إلى غزة ويحاصر سكانها

تفشي الأمراض بين النازحين وتكدس 270 طناً من القمامة في شمال القطاع وإسرائيل دمرت شبكات الصرف الصحي

يمكن أن ترى النفايات في كل زاوية او مكان في قطاع غزة (أ ف ب)

ملخص

يواجه سكان غزة ثالوثاً بيئياً خطراً، النفايات والمياه العادمة وحرق القمامة، في تقرير "اندبندنت عربية" نقف على الكارثة الخطرة التي يعيشها سكان غزة.

أصيب الطفل زيد الذي يعيش في قطاع غزة بعدد من الأمراض الجلدية، وبعد مراجعة الطبيب تبين أن السبب هو انتشار القمامة على جانبي الطريق الذي تعيش فيه العائلة، لكن الأب لا يملك حلولاً لإنقاذ بقية صغاره من الأوبئة الخطرة التي تنتج من النفايات الصلبة المتراكمة في شوارع القطاع منذ بداية الحرب التي شنتها إسرائيل.

مستنقع قمامة

يقول زيد "في شمال غزة تنتشر القمامة في كل مكان، يمكن أن ترى النفايات في كل زاوية وهذا خطر كبير، نحن نعيش وسط مستنقع من القمامة، نعيش على هذه الحال أكثر من 16 شهراً منذ اندلاع الحرب".

كنتيجة حتمية لانتشار النفايات الصلبة في جميع أنحاء شمال غزة، بدأت تظهر القوارض والحشرات، وسكان تلك المنطقة يعانون بصمت عجز البلديات عن جمع القمامة وترحيلها، يضيف زيد "تواصلت مع مسؤولين في السلطات المحلية من أجل تلك المشكلة، لكن لم يجر حلها".

وعلى رغم دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ فإن إسرائيل لا تزال تمنع إدخال المعدات والآليات اللازمة لحل المشكلة البيئية في القطاع، ويعتقد المراقبون البيئيون أن السبب جعل غزة تعيش كارثة بيئية تدفع الناس للهجرة.

برك من المياه العادمة

يعاني جمال تدفق مياه الصرف الصحي (المياه العادمة) طوال اليوم إلى جانب خيمة إيوائه، الأمر يجعله يعيش في كارثة بيئية، يقول "ينتج منها مستنقعات مائية في وسط الشارع الذي تعرض لخراب ودمار جراء القصف الإسرائيلي، وتزداد المعاناة مع هطول الأمطار".

 

 

تتدفق المياه العادمة بقوة في شوارع شمال غزة نتيجة تدمير إسرائيل أثناء العمليات العسكرية جميع شبكات الصرف الصحي، وتجرف هذه المياه معها أكواماً من القمامة المتكدسة على جانبي الطريق، مما يؤدي إلى خلق بيئة ملوثة تسبب انتشار الأوبئة وتخلق كارثة صحية وبيئية.

يضيف جمال "عدم حل مشكلة تدفق مياه الصرف الصحي في شوارع القطاع يدفعني للتفكير في الهجرة خارج غزة، باختصار هنا الحياة معدومة، لا إيواء مناسباً ولا خدمات بيئية جيدة، والحصول على الغذاء بمعاناة، لم يتبق لي شيء في هذه البلد الخراب".

حرق القمامة

مشكلة بيئية ثالثة يواجهها سكان غزة، فضمن محاولات التخلص من النفايات الصلبة المكدسة في الشوارع، يضطر بعض السكان إلى حرق تلك القمامة في الطرقات، ويقول هادي "تكرار حرق النفايات يسبب انبعاث الدخان السام منها، في الليل نستنشق هواء ملوثاً في انبعاثات المياه العادمة والنفايات الصلبة، وغازاً ساماً يتطاير نتيجة حرق القمامة، هذه حياة ضنك لا تطاق".

اقرأ المزيد

ووفق إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي فإن إسرائيل دمرت خلال حرب القطاع غالبية البنية التحتية، من بينها 655 ألف متر طولي من شبكات الصرف الصحي، وأكثر من مليوني متر طولي من شبكات الطرق ولهذا السبب تتدفق المياه العادمة في الشوارع.

أما بالنسبة إلى النفايات الصلبة، فإن شمال غزة وحده ينتشر فيه نحو 250 مليون طن من القمامة المتكدسة في شوارع غزة، ويعد جنوب القطاع أفضل حالاً إذ تعمل البلديات بدعم من مؤسسات دولية على جمع النفايات من الشوارع، ولكن تواجه صعوبة في ترحيلها.

خطر على الحياة

جاء في تقرير لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة حول أوضاع غزة البيئية "تنتشر النفايات الصلبة في التجمعات السكانية والطرق والمساحات والمستشفيات، وذلك بسبب عرقلة إسرائيل إدارة القضاء الفضلات، وعدم السماح في دخول المساعدات الإنسانية الضرورية للتصدي للأوبئة المختلفة".

وأورد تقرير الأمم المتحدة أن "ترك النفايات في شوارع غزة يسبب انتشار الأمراض والإسهال والدوسنتاريا والالتهابات الوبائية، والسبب في عدم معالجة الأزمة البيئية يكمن في تدمير نظام جمع وتنظيم النفايات وتدمير مرافق إدارة النفايات ومراكز النفايات الطبية".

ويقول رئيس قسم البيئة في الجامعة الإسلامية سمير حرارة "تكدس القمامة وتسرب مياه الصرف الصحي من بين الكوارث الصحية والبيئية التي تسببت بانتشار الأمراض طيلة الحرب، هذا يشكل خطراً على حياة الفلسطينيين".

خسائر كبيرة

أما مدير مجلس الخدمات المشترك لإدارة النفايات الصلبة عبدالرحيم أبو القمبز يقول "تكدس الكميات الكبيرة من النفايات الصلبة ناجم عن عدم وجود تدخلات من المؤسسات الدولية لإنهاء الكارثة التي حلت ببيئة قطاع غزة".

 

 

ويضيف "استهدفت إسرائيل فرق إدارة النفايات في المكبات الرئيسة، مما حال دون نقل النفايات وأجبر الفرق على تكديسها في وسط المدينة، وأدى إلى خلق ظروف خطرة للغاية على السكان، كما دمرت الغارات الجوية عربات نقل القمامة".

وتابع أبو القمبز "في إحدى الغارات، قتل أكثر من 40 موظفاً كانوا يحتمون في مرأب النفايات الرئيس، كما دمرت ثمانية صواريخ أكثر من 120 مركبة تستخدم لجمع النفايات وإدارة مياه الصرف الصحي وتوزيع المياه، وأصيب نصف الفريق بجروح قد تجعل عدداً منهم غير قادرين على العودة إلى العمل مرة أخرى".

خطة لتفادي الكارثة

في ظل هذه الظروف البيئية القاسية بدأت الأمم المتحدة بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر في إعداد خطة لجمع النفايات من شوارع القطاع بتنفيذ من بلدية غزة، يقول رئيسها يحيى السراج "الخطة تعتمد على استخدام مجموعة متنوعة من الآليات والمعدات لجمع النفايات ونقلها من مختلف الأحياء والشوارع، إضافة إلى مشاركة فرق عمل متخصصة تضم عمالاً وفنيين ومشرفين لتنظيم عملية الإزالة وضمان فاعليتها".

لكن هذه الخطة لا تحل أزمة النفايات وإنما تقتصر على نقلها من شوارع غزة وتكديسها في مناطق حيوية أخرى، وسط عدم وضوح آلية فنية للتخلص من النفايات مما يعني أن الأزمة البيئية لم تحل ولا تزال قائمة وقد تخلق ظروفاً طاردة للسكان.

المزيد من متابعات