ملخص
قوات "الدعم السريع" وجماعات متحالفة معها توقعان ميثاقاً لتشكيل حكومة موازية في السودان
قال وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي اليوم الأحد إن مصر والسودان اتفقا على تشكيل فريق عمل مشترك للتركيز على ملف إعادة إعمار السودان بعدما يتوقف القتال هناك.
جاء ذلك فيما قال الجيش السوداني في بيان إنه استعاد السيطرة اليوم الأحد على مدينة القطينة بعد تدمير وحدات لقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية، وذكر أنه فتح الطريق إلى مدينة الأبيض.
وقال عبدالعاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوداني علي يوسف الشريف في القاهرة عقب انعقاد جلسة لآلية المشاورات السياسية بين البلدين "توافقنا على تشكيل فريق عمل مشترك مصري - سوداني للتركيز على قضية إعادة الإعمار في السودان".
وأضاف "كلنا أمل في سرعة إنهاء هذه الحرب التي تؤلمنا جميعاً كمصريين، وأيضاً تحدثنا باستفاضة عن مزيد من التعاون في المجال التجاري، وعقد اللجنة المصرية - السودانية المشتركة لتعزيز التعاون في المجال التجاري، أيضاً تحدثنا عن العلاقات الثقافية والعلاقات التعليمية التي تربط بين البلدين".
تحذير سوداني في شأن الحكومة الموازية
أعلن وزير الخارجية السوداني أن حكومته الموالية للجيش "لن تقبل" أي اعتراف بحكومة موازية، وذلك خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المصري بدر عبدالعاطي في القاهرة.
وقال يوسف "لن نقبل أن تعترف أي دولة أخرى بما يسمى بحكومة موازية"، غداة توقيع قوات "الدعم السريع" وحلفاء عسكريين وسياسيين لها ميثاقاً لتشكيل حكومة منافسة في مناطق سيطرتهم في ظل النزاع المستمر مع الجيش منذ أبريل (نيسان) 2023.
ميثاق تأسيسي لتشكيل حكومة موازية
وقعت قوات "الدعم السريع" في السودان مع تحالف مؤلف من جماعات سياسية ومسلحة خلال الليل في نيروبي ميثاقاً تأسيسياً لتشكيل حكومة موازية في البلاد التي تشهد حرباً، بحسب ما أعلنت مصادر الأحد.
وأكد الناطق الرسمي باسم "القوى المدنية المتحدة"، نجم الدين دريسة أحد الموقعين، أن الميثاق وقع.
ووُقع الميثاق خلف أبواب مغلقة في العاصمة الكينية نيروبي، وهو يمهد الطريق لـ"حكومة سلام ووحدة" في المناطق الخاضعة لسيطرة هذه القوات.
وتأتي هذه الخطوة بعد مرور قرابة عامين على حرب مدمرة بين قوات "الدعم السريع" والجيش بدأت في أبريل )نيسان( 2023 وتسببت بتشريد أكثر من 12 مليون شخص وبأكبر أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
ومن بين الموقعين فصيل من الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو، التي تسيطر على أجزاء من ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
ووقع عبدالرحيم دقلو، نائب وشقيق قائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو الميثاق في غياب الأخير.
تأسيس وبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية
يدعو الميثاق إلى "تأسيس وبناء دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية قائمة على الحرية والمساواة والعدالة غير منحازة لأي هوية ثقافية أو عرقية أو دينية أو جهوية".
وتحدث أيضاً عن تأسيس "جيش وطني جديد وموحد ومهني وقومي بعقيدة عسكرية جديدة، على أن يعكس التعدد والتنوع اللذين تتسم بهما الدولة السودانية".
وتهدف هذه الحكومة بحسب الميثاق إلى إنهاء الحرب وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بلا عوائق والحفاظ على وحدة السودان.
وأدت الحرب التي اندلعت بسبب خلافات حول دمج قوات "الدعم السريع" في الجيش، إلى مقتل عشرات الآلاف، مع اتهام الجانبين بارتكاب فظائع.
إبادة جماعية في إقليم دارفور
الشهر الماضي قالت الولايات المتحدة إنها خلصت إلى أن قوات "الدعم السريع" ارتكبت إبادة جماعية في إقليم دارفور (غرب).
وقسمت الحرب البلاد إلى جزءين مع سيطرة الجيش على الشمال والشرق، في حين تسيطر قوات "الدعم السريع" على كل إقليم دارفور تقريباً ومساحات من الجنوب.
ويوشك الجيش حالياً على استعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم بعدما تمكن من التوغل وسط السودان واستعادة أراض.
وبتحالفها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، تسيطر قوات "الدعم السريع" الآن على مزيد من مناطق الجنوب ولديها إمكان الوصول إلى الحدود مع ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.
تحذير أممي من "تفاقم الأزمة"
وحذر الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأربعاء من أن ذلك قد يؤدي إلى زيادة "تفكك" البلاد و"تفاقم الأزمة"، لكن موقعي الميثاق نفوا وجود أي نية لتقسيم البلاد.
وأكد علاء الدين نقد، وهو ناطق سابق باسم تنسيقية "تقدم" وعضو تجمع المهنيين الذي وقع الميثاق، أن الحكومة المقترحة تهدف إلى معالجة فجوات الخدمات في المناطق التي تسيطر عليها قوات "الدعم السريع".
وقال نقد لوكالة الصحافة الفرنسية إن "السبب وراء تأسيس الحكومة الجديدة هو منع الخدمات في مناطق سيطرة 'الدعم السريع' ومنها إجراءات تغيير العملة، ومنع الجيش أيضاً المواطنين من إصدار الجوازات ومن تجديد أي أوراق ثبوتية"، ورأى أن تشكيل هذه الحكومة "أمر شرعي وأمر يحمي كرامة المواطنين".
ويقول محللون إن الخطوة تهدف إلى تعزيز قوات "الدعم السريع" بعد الانتكاسات الأخيرة التي منيت بها في ساحة المعركة.
وقالت المحللة السياسية السودانية خلود خير إن الأهداف النهائية لقوات "الدعم السريع" هي الحصول على قوة جوية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها وتأمين موقف تفاوضي أقوى. وأضافت "يريدون دخول الوساطات كحكومة وليس كميليشيا".
من الصعب أن تكتسب زخماً
ومع ذلك، فإن أي مبيعات أسلحة للحكومة المحتملة ستبقى تشكل انتهاكاً للحظر المفروض على دارفور الذي أوصت الأمم المتحدة بتوسيع نطاقه ليشمل كل السودان.
وقال كامرون هادسن من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "في نهاية المطاف، من الصعب أن نرى هذه الخطوة تكتسب زخماً لدى أي جهة باستثناء أشد المؤيدين لقوات 'الدعم السريع'".
وأضاف هادسن أن هذه الخطوة "تبدو كأنها محاولة من قوات 'الدعم السريع' لتحقق سياسياً ما لا تستطيع تحقيقه في ساحة المعركة"، مشيراً إلى أنه على المدى القريب، فإن الحكومة الجديدة "ستعمل على مزيد من الانقسام بين الشعب السوداني وربما حتى المنطقة الوسعى، فيما قد تختار بعض المجتمعات والدول دعم هذه الحكومة الجديدة".
الحكومة السودانية تنتقد كينيا
وانتقدت الحكومة السودانية كينيا لاستضافتها الحدث، متهمة إياها بانتهاك سيادة السودان، واستدعت الخميس سفيرها لدى نيروبي.
واتهمت وزارة الخارجية الرئيس الكيني وليام روتو بالتصرف بناءً على "مصالحه التجارية والشخصية مع رعاة الميليشيات الإقليميين".
وفي منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي وقعت كينيا والإمارات اتفاقية اقتصادية اعتبرها مكتب روتو "حدثاً تاريخياً" و"أولى من نوعها"، وتواجه الدولة الخليجية اتهامات بمساندة قوات "الدعم السريع" وهو ما تنفيه أبوظبي.