Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

إسرائيل تضع معادلة جديدة مع لبنان وتهدد من استقطاب دولي رافض لهجومها

قيادات بلدات الشمال يطالبون الجيش ونتنياهو بإنشاء منطقة عازلة كشرط لعودة السكان إلى منازلهم

عناصر من فرق الإنقاذ في موقع الغارت الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، في 28 مارس الحالي (رويترز)

ملخص

لم تخف تل أبيب غضبها من زيارة الرئيس اللبناني جوزاف عون القصيرة إلى فرنسا، وعدت شكوى لبنان أمام باريس ضد السياسة الإسرائيلية محاولة لتجنيد فرنسا مقابل الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل، من ثم التأثير في موقف لجنة تنفيذ اتفاق وقف النار.

لم تتوقف إسرائيل عن إطلاق تهديداتها بوجه لبنان و"حزب الله"، واستمرت حتى ساعة متأخرة من ليل اليوم السبت الاجتماعات التشاورية والتقييمات لسبل التعامل مع الجبهة اللبنانية، في أعقاب المطالبة الدولية بوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وتحديداً على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.

"مقابل كل صاروخ يُطلق على إسرائيل سيكون هناك هجوم على لبنان، و’حزب الله‘ تحديداً" معادلة اتفق عليها، خلال اجتماع شارك فيه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش أيال زامير وقادة الأجهزة الأمنية.

المعادلة الجديدة طرحها نتنياهو قبل هذا الاجتماع عندما أعلن أن "المعادلة تجاه لبنان تغيرت، فما كان قبل ’السابع من أكتوبر‘ لن يتكرر. ولن نسمح بإطلاق النيران على بلداتنا ولن نسمح باستمرار تهديد السكان وتقويض الهدوء". وعدَّ نتنياهو القصف المكثف على الضاحية الجنوبية لبيروت "رداً ضرورياً وأولياً" على إطلاق صاروخين باتجاه كريات شمونة صباح أمس الجمعة، سقط أحدهما في لبنان بينما اعترضت منظومة الدفاع الثاني.
وأضاف نتنياهو "من أراد أن يعلم في لبنان عن الوضع الجديد فقد تلقى، بعد إطلاق الصواريخ، مثالاً آخر على إصرارنا على ضمان أمن الحدود وسكان الشمال"، مهدداً "باستمرار مراقبة تنفيذ اتفاق وقف النار ومهاجمة كل مكان في لبنان لمواجهة أي تهديد ضد إسرائيل".

"بيروت مقابل كريات شمونة" كانت المعادلة التي طرحها وزير الدفاع يسرائيل كاتس بعد أقل من ساعة على إطلاق الصاروخين، وسرعان ما اتخذ قرار قصف الضاحية بهجوم نفذه سلاح الطيران الحربي واستهدف مواقع ادعى الجيش الإسرائيلي أنها تابعة لـ"حزب الله" ومخزناً لمسيراته، لتصبح هذه المعادلة واقعاً على الأرض، ثم اتفق أن تصبح نهجاً سينفذ فور تعرض إسرائيل لأي إطلاق صاروخي.

المعادلة الإسرائيلية أبقت الضاحية الجنوبية وبيروت في مركز أهداف سلاح الجو الإسرائيلي، بل إن كاتس أوضح تهديدات إسرائيل بالقول إن "بيروت لن تنعم بالهدوء بحال لم يقابله هدوء في كريات شمونة والجليل". وأضاف "أسطح المنازل في مربع الضاحية ببيروت سترتعد مقابل كل محاولة لمهاجمة بلدات الجليل".

معادلة "مقابل كل صاروخ سيرد الطيران الإسرائيلي فوراً على لبنان وصولاً إلى بيروت"، رافقها تقرير إسرائيلي تحدث عن بنك أهداف جديد يشمل مختلف المناطق في الجنوب وما بعد نهر الليطاني وداخل الضاحية، موضحاً أن لدى الجيش خريطة مفصلة لمواقع تابعة لـ"حزب الله".

إسرائيل المقتنعة بأن "حزب الله" لم يقف خلف هذا القصف ولا القصف الذي سبقه، قبل قرابة أسبوع نحو منطقة المطلة، أبقت الحزب هدفاً لها في الرد على الصواريخ بل حملت الحكومة اللبنانية المسؤولية. ولشرعنة ضرباتها روجت لتقرير تدعي فيه أن الجيش اللبناني غير قادر على تنفيذ اتفاق وقف النار "وهو ما يدفع إسرائيل إلى التفكير في تعزيز تمركز الجنود في المواقع الخمسة التي لم ينسحب منها، بل بُحثت إمكانية تعزيز الجنود وتوسيع نطاق وجودهم حول المواقع العسكرية".

غضب من باريس ودعم من واشنطن

تهديدات إسرائيل لم تقتصر على الرد بقصف على لبنان، إنما عدت إثارة بيروت حملة دولية ضد القصف الإسرائيلي دافعاً إلى مزيد من القصف. ولم تخف تل أبيب غضبها من زيارة الرئيس اللبناني جوزاف عون القصيرة إلى فرنسا، وعدت شكوى لبنان أمام باريس ضد السياسة الإسرائيلية محاولة لتجنيد فرنسا مقابل الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل، من ثم التأثير في موقف لجنة تنفيذ اتفاق وقف النار.

وفي مقابل الحملة التي قادتها إسرائيل ضد تجنيد فرنسا، روَّجت لدعم أميركي لقصفها على الضاحية ومعادلتها الجديدة. وبعد مشاورات أميركية، صرحت نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس بأن واشنطن ترى قصف الضاحية عملاً شرعياً لإسرائيل، واتهمت لبنان بانتهاك اتفاق وقف النار.
وكانت أورتاغوس أجرت محادثات مع مسؤولين إسرائيليين كبار، مشددة على أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل لكنها تريد تجنب مزيد من التصعيد على الحدود الشمالية.

المتخصص في الشأن العسكري الإسرائيلي باراك رابيد الذي أجرى مقابلة مع أورتاغوس رأى أن "الرسالة الإسرائيلية في الرد على الضاحية كانت واضحة، محاولات معارضة الشروط الإسرائيلية أو الاستعانة بالوساطة الدولية ستثير رداً عسكرياً قاسياً". وقال رابيد "أدى الهجوم على بيروت إلى خلط الأوراق ووضع لبنان على طريق السعي إلى تخفيف الهجمات بدل البحث عن طرق للضغط على إسرائيل للانسحاب وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين. وفي لبنان يعتقدون أن هذا الوضع يخدم استراتيجية دفع بيروت على طريق السلام الذي تعمل إسرائيل والولايات المتحدة بلا كلل من أجله".

وخلافاً للتصريحات اللبنانية، عدَّ رابيد أن "التغيير في الموقف اللبناني واضح في رد الرئيس جوزاف عون على سؤال حول المفاوضات مع إسرائيل بناءً على طلب الولايات المتحدة، والذي أكدته مرة أخرى أورتاغوس في تعليقاتها على الهجمات الإسرائيلية الجديدة داخل لبنان. وهذه المواقف تشير إلى أن لبنان أصبح أكثر مرونة في المفاوضات مع إسرائيل، إذا انسحبت من النقاط الخمس وأطلقت سراح الأسرى اللبنانيين من أجل السماح بترسيم الحدود البرية".
وفي أعقاب التطورات بين بيروت وتل أبيب، ذكر رابيد أن "الواقع الجديد الذي تحاول إسرائيل فرضه يقوم على خيارين، إما الاستسلام للمفاوضات المباشرة التي ستؤدي حتماً إلى التطبيع، أو الاستسلام للواقع الجديد المتجسد في البقاء تحت عبء الغارات الجوية في كل مكان داخل لبنان. وهذه معضلة يكون فيها الخاسر الأكبر هو الرئيس اللبناني، الذي قاتلت الدول الغربية والعربية من أجل توليه المنصب، لكنها فشلت في دعمه بصورة صحيحة عند الضرورة".

اقرأ المزيد

إجراءات ميدانية والمنطقة العازلة

المعادلات التي وضعتها إسرائيل ووجهت برفض ليس فقط من قبل رؤساء بلدات الشمال و"منتدى بلدات خط المواجهة" إنما أيضاً من قبل أمنيين وعسكريين، ممن عدُّوا أن الاكتفاء بوضع معادلات وتنفيذها عندما تتعرض إسرائيل لصواريخ من لبنان سيجعل منطقة الشمال شبيهة بالجنوب تجاه غزة، التي شهدت على مدى أكثر من 20 عاماً حال استنزاف بالصواريخ التي تطلق على الجنوب بين الفينة والأخرى، حتى وصلت إلى يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2023، وفق ما قال رئيس بلدية المطلة ديفيد أزولاي الذي حذر، باسم رؤساء بلدات الشمال باتخاذ إجراءات غير مسبوقة إذا لم تتخذ القيادة خطوات فورية في مقدمها إقامة منطقة عازلة. وقال "نحن ندعو رئيس الحكومة للعودة إلى لبنان وضمان الأمن لنا وإقامة منطقة أمنية عازلة. وأقول بصورة واضحة إننا لن ندعو السكان للعودة إلى الشمال قبل ضمان منطقة عازلة. ومن عادوا لا يشكلون ثمانية في المئة من السكان وعدد قليل من البلدات تجاوزت 50 في المئة، وهذا يبقي الشمال منطقة مهجورة وهو أمر يتطلب خطوات فورية من الحكومة والجيش واستكمال القتال للقضاء على ’حزب الله‘ وإفراغ الجنوب من سلاحه". وأضاف أزولاي "لا يعقل أننا تركنا الشمال عاماً ونصف العام ثم نعود إلى ذات الوضعية. ويجب إلغاء اتفاق وقف النار والقرار 1701، لأنه غير مناسب لإسرائيل وليس في صالحها، والعودة إلى القتال واحتلال مناطق".
العقيد احتياط رونين كوهن الذي سبق وشغل منصب الرئيس السابق لساحة الإرهاب في الاستخبارات العسكرية، عدَّ طروحات نتنياهو وكاتس للمعادلات أموراً من الماضي، "هذه المعادلات لن تساعدنا ولن تضمن أمننا، وهي غير كفيلة بضمان حياة لا سكان كريات شمونة ولا المطلة ولا أية بلدة في الشمال. والحاجة في إسرائيل اليوم تتطلب تغيير الاستراتيجية". وأضاف "لا يختلف اثنان، ليس فقط في إسرائيل إنما في لبنان وحتى عدد من دول العالم على أن الجيش اللبناني غير قادر على القيام بمهمته والدولة اللبنانية غير قادرة على ممارسة الحكم في لبنان، فلماذا ننتظر وماذا أصلاً ننتظر؟ على الجيش الإسرائيلي أن يباشر بإقامة منطقة أمنية عازلة، ومن حيث يوجد في لبنان يشن هجوماً عند الضرورة، حتى وإن اضطره الأمر للقتال براً. أما أن نتحدث عن معادلات فهذه اليوم أمر ثانوي، بل تبقي المنطقة في خطر مع كل الاحترام أننا وصلنا إلى العاصمة بيروت".
من جهته، أبقى سلاح الجو هدير طيرانه في حركة متصاعدة منذ ساعات صباح أمس من قاعدة رمات ديفيد وحتى مستوطنات الشمال، على أن يستأنف الجيش تدريباته العسكرية غداً الأحد في الشمال لمحاكاة مختلف السيناريوهات المتوقعة لتصعيد أمني تجاه لبنان.

المزيد من متابعات