ملخص
إلى أكثر من 18 ألف وجبة وصل عدد الوجبات الغذائية التي تقدمها التكايا والمطبخ المركزي العالمي على النازحين في جنين الذين تجاوز عددهم الـ20 ألفاً، بحسب رئيس بلدية جنين محمد جرار.
لم يعد الفقراء والمعوزون وحدهم من يقصدون التكايا المنتشرة في الأراضي الفلسطينية خلال شهر رمضان، فانضمت إليهم فئات جديدة بعد إجبار سلطات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 40 ألف فلسطيني على النزوح من منازلهم في مخيمات اللاجئين شمال الضفة الغربية.
وكما ارتفع عدد المستفيدين من تلك التكايا، فإن عدد الأخيرة تضاعف لمساعدة آلاف النازحين في الحصول على وجبات الإفطار، وانضم "المطبخ المركزي العالمي" إلى التكايا والمطابخ التابعة للجمعيات الخيرية في تقديم الوجبات الغذائية عبر توفير الآلاف منها يومياً للنازحين في محافظتي جنين وطولكرم.
وبعد ثمانية قرون على إقامة التكية الإبراهيمية في مدينة الخليل، تأسست تكية "ياسر عرفات" في طولكرم التي تشهد نزوح أكثر من 20 ألف فلسطيني من مخيمي طولكرم ونور شمس اللذين تجتاحهما قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وتعد حركة النزوح تلك الأولى من نوعها والأوسع منذ احتلال إسرائيل الضفة الغربية قبل 58 عاماً.
وأقيمت التكية في مدينة طولكرم لتكون الأولى من نوعها في المدينة والسابعة في المحافظة.
وارتفع عدد الوجبات التي تقدمها تلك التكايا المنتشرة في بلدات وقرى طولكرم من 100 يومياً إلى أكثر من 800 يومياً، إضافة إلى التكية الجديدة "التي استدعت الضرورة إنشاءها"، وفق محافظ طولكرم عبدالله كميل.
وأشار كميل لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "ضغط النزوح وتردي الوضع الاقتصادي للفلسطينيين دفعا إلى إطلاق التكية الجديدة في المدينة"، مضيفاً أن "اجتياح قوات الاحتلال مخيمي المدينة أوجد ظروفاً اقتصادية واجتماعية صعبة".
ويومياً يعمل متطوعون على توزيع الوجبات التي تعدها التكايا في طولكرم على مراكز إيواء النازحين المنتشرة في المدارس ومقار المؤسسات العامة والشقق السكنية.
وعن مصادر تمويل التكايا قال كميل إن "أهل الخير، بخاصة من الفلسطينيين داخل إسرائيل وفي الشتات يتنافسون على تقديم الدعم المالي لها"، لافتاً إلى أن "معظمهم يقومون بذلك زكاة عن أموالهم".
وفي جنين أجبرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أهالي مخيم جنين وبعض الأحياء المجاورة للمخيم على النزوح عن منازلهم منذ أكثر من شهر، فلجأوا للإقامة في شقق سكنية مستأجرة وفي مقار عامة.
وإلى أكثر من 18 ألف وجبة وصل عدد الوجبات الغذائية التي تقدمها التكايا والمطبخ المركزي العالمي على النازحين في جنين الذين تجاوز عددهم الـ20 ألفاً، بحسب رئيس بلدية جنين محمد جرار.
ومع أن "تكية نادي جنين الرياضي" اعتادت على تقديم مئات الوجبات إلى الفقراء خلال شهر رمضان، لكن وجود آلاف النازحين ضاعف من عدد المستفيدين منها.
ويسهم المطبخ المركزي العالمي في تقديم ستة آلاف وجبة يومياً للنازحين في جنين، إضافة إلى إسهامات تكيتي نادي جنين وتكية برقين.
وداخل شقق سكنية مخصصة لطلبة الجامعة العربية- الأميركية يقيم آلاف النازحين ضمن 12 عمارة سكنية قرب مقر الجامعة.
وتعد "التكية الإبراهيمية" في مدينة الخليل أقدم وأعرق التكايا في فلسطين ويعود تأسيسها لنحو 750 عاماً وتقع قرب المسجد الإبراهيمي، وتقدم أكثر من خمسة آلاف وجبة غذائية من اللحوم والدجاج يومياً خلال شهر رمضان بعدما تضاعف عدد وجباتها خلال السنوات الماضية بسبب زيادة عدد الفقراء في المدينة.
ومع أن التكية تتبع وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، إلا أن "المتبرعين من أهل الخير هم مصدر دعمها العيني والمالي الذين يتنافسون على حجز دور للانضمام إلى قائمة المتبرعين"، بحسب المسؤول عن التكية حازم مجاهد.
ويحضر المتبرعون اللحوم والدجاج إلى مخازن التكية استعداداً لطهيها ثم توزيعها، ويقول مجاهد "تكفي تلك اللحوم لشهرين مقبلين، فالمحسنون من أهل الخير يتسابقون على تخصيص يوم لكل واحد منهم في التكية يتبرعون فيه بكامل مستلزمات وجبة ذلك اليوم لأكثر من خمسة آلاف شخص".
وعلى مدخل التكية الضيق يتزاحم مئات الفلسطينيين صباح كل يوم للحصول على وجباتهم من اللحوم في معظم الأحيان، والدجاج أحياناً.
وتتيح تلك الوجبات لهم الحصول على "طعام دسم" لا يقدرون على إعداده بسبب فقرهم وارتفاع كلفته.
وأشار مجاهد إلى أن التكية "تعمل بحدها الأقصى لتوفير الطلب المتزايد عليها على رغم صغر حجمها وصعوبة الوصول إليها بسبب وجودها قرب الحرم الإبراهيمي داخل البلدة القديمة للخليل".
وفي تمام الساعة السادسة صباحاً من كل يوم يبدأ الطهاة بإعداد وجبات الطعام قبل أن توزع بعدها بأربع ساعات.
ويوضح مجاهد أن "كل متبرع يحدد الوجبة التي يريد إعدادها على حسابه"، قائلاً إن "المتبرعين يحضرون ما يلزم لإعدادها من لحوم ودجاج ورز وبقوليات وألبان".
ويضيف، "كنا نعد ونوزع ألف وجبة يومياً، لكن ذلك تضاعف ليصل حالياً إلى خمسة آلاف بسبب ازدياد عدد السكان وارتفاع نسبة الفقر".
وتعود إقامة "التكية الإبراهيمية" لعام 1279 خلال الحكم الأيوبي على فلسطين، على رغم أن فكرة توزيع الطعام على الفقراء والضيوف ترجع إلى أربعة آلاف سنة، وفق مجاهد.