Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

هل أنقذ "بريكست" بريطانيا من فخ الحرب التجارية؟

الرئيس الأميركي فرض تعريفات 10 في المئة على صادرات لندن إلى الولايات المتحدة

فرض ترمب رسوم جمركية 10 في المئة على السلع البريطانية (رويترز)

ملخص

يبدو أن استراتيجية رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في التعامل مع رسوم ترمب الجمركية الشاملة تعتمد على نهج هادئ مصحوب بمفاوضات مكثفة خلف الكواليس

قال وزير الأعمال في حكومة الظل المحافظة أندرو غريفيث إن الرسوم الجمركية على بريطانيا "مخيبة للآمال"، لكنها تمثل "ثمرة من ثمار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) التي ستسهم في حماية آلاف الوظائف البريطانية والشركات".

ويبدو أن استراتيجية رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في التعامل مع رسوم ترمب الجمركية الشاملة تعتمد على نهج هادئ مصحوب بمفاوضات مكثفة خلف الكواليس.

وتظهر المؤشرات أن هذه المقاربة بدأت تؤتي ثمارها، إذ أعلن ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة على الصادرات البريطانية إلى الولايات المتحدة وهو معدل أقل من 20 في المئة المفروض على الاتحاد الأوروبي.

وفي حين ينظر إلى هذا التطور على أنه نتيجة لجهود ستارمر في بناء علاقات إيجابية مع ترمب، بما في ذلك دعوته إلى زيارة الملك تشارلز في يونيو (حزيران) المقبل، لكن لندن تدرك أن هذه التعريفة لا تزال تشكل عبئاً اقتصادياً، ويظل هدف ستارمر التفاوض على خفضها أو إلغائها.

في المقابل حذرت مجموعات الأعمال من أن السياسات التجارية الجديدة التي تبناها ترمب ستضر بالاقتصاد البريطاني، إذ وصفت رئيسة اتحاد الصناعات البريطاني راين نيوتن سميث هذه الرسوم بأنها "مقلقة للغاية".

وحتى الآن لم تنجح الحكومة في تحقيق إعفاء من الرسوم عبر تقديم تنازلات في شأن ضرائب الشركات التقنية الأميركية أو خفض الضرائب على واردات اللحوم والأسماك، ومع ذلك هناك تفاؤل بإمكان التوصل إلى اتفاق اقتصادي سريع.

وقالت ليزلي فينغاموري من "تشاتام هاوس" لصحيفة "ذا غارديان" إن "بريطانيا لعبت أوراقها بذكاء وقد تكون في مقدمة الدول التي ستبرم اتفاقاً مع واشنطن".

لكن ديفيد هينيغ من المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي حذر من اتباع هذا النهج الذي لا يخلو من الأخطار، إذ قد يؤدي إلى تركيز ترمب على بريطانيا، مما يفتح الباب أمام مطالب جديدة في مجالات مثل قوانين السلامة الرقمية ومعايير الغذاء أو ضريبة القيمة المضافة.

وخلال خطاب تلفزيوني من حديقة الورد في البيت الأبيض، أعلن ترمب عن فرض حد أدنى للرسوم الجمركية بنسبة 10 في المئة على الواردات من جميع البلدان حول العالم، مع فرض رسوم أعلى تصل إلى 49 في المئة على بعض الدول.

وأشار إلى أن هذه الضرائب الجديدة ستخلق الازدهار في أميركا من خلال استعادة الوظائف والاستثمارات إلى الولايات المتحدة، قائلاً "هذا واحد من أهم الأيام برأيي في تاريخ أميركا، إنه إعلان استقلالنا الاقتصادي".

وفشل إتمام اتفاق تجاري بين بريطانيا والولايات المتحدة كان قيد التفاوض لأسابيع، على رغم تلميح ترمب خلال لقائه ستارمر في فبراير (شباط) الماضي، إلى احتمال إعفاء بريطانيا من الرسوم الجمركية.

وصرّح ستارمر قبل الإعلان بأن حكومته "مستعدة لجميع الاحتمالات" وتعمل مع الشركات البريطانية التي قد تتأثر بالقرارات الجديدة.

وقال وزير الأعمال البريطاني جوناثان رينولدز "الولايات المتحدة هي أقرب حليف لنا، لذا فإن نهجنا هو البقاء هادئين ومتمسكين بإتمام هذا الاتفاق الذي نأمل في أن يخفف من تأثير ما أُعلن عنه اليوم"، مضيفاً أن "لدينا مجموعة من الأدوات تحت تصرفنا، ولن نتردد في التحرك، سنستمر بالتواصل مع الشركات البريطانية، بما في ذلك تقييمها لتأثير أي خطوات إضافية قد نتخذها".

وأكد أن "لا أحد يريد حرباً تجارية، ويبقى هدفنا إبرام اتفاق، لكن ليس هناك أمر مستبعد، وستقوم الحكومة بكل ما هو ضروري للدفاع عن المصلحة الوطنية للمملكة المتحدة".

بريطانيا جاهزة لإبرام صفقة اقتصادية مع أميركا

في النهاية، يراهن ستارمر على موازنة دقيقة بين الحفاظ على العلاقات الأميركية-البريطانية والسعي إلى تخفيف الأثر الاقتصادي للرسوم الجمركية، في وقت يترقب الجميع مدى استجابة ترمب لهذه الدبلوماسية الحذرة.

وتقول التقارير الحكومية إن بريطانيا جاهزة لإبرام صفقة اقتصادية مع الولايات المتحدة، مرجحة التوصل إليها في غضون أيام.

وسيقيّم نجاح نهج ستارمر بناء على سرعة إتمام هذه الصفقة، في وقت تسعى دول مثل كوريا الجنوبية واليابان والهند وأستراليا إلى توقيع صفقات مماثلة.

اقرأ المزيد

أما بالنسبة إلى رئيس الوزراء وفريقه، بمن فيهم وزير الخارجية ديفيد لامي، فإن الاستراتيجية المعتمدة هي اتباع النهج الذي وضعه رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي، إذ أقام آبي علاقة جيدة مع ترمب خلال ولايته الأولى بفضل الثناء المدروس والدبلوماسية خلف الكواليس.

أخطار دخول بريطانيا في حال ركود

وحذر اقتصاديون من أن الرسوم الجمركية قد تدفع بريطانيا إلى الركود، مما يعرض آلاف الوظائف للخطر، ومن جانبها رفضت وزيرة الخزانة راتشيل ريفز، أول من أمس الأربعاء استبعاد رفع الضرائب رداً على ذلك، وسط تزايد المخاوف من أنها قد تتجاوز قواعدها المالية.

ودعا اتحاد الصناعة البريطاني (CBI|) إلى اتباع "نهج متزن ومتناسب" رداً على إعلان ترمب فرض الرسوم الجمركية.

وقالت رين نيوتن سميث "لقد كان موقف قطاع الأعمال واضحاً، لا يوجد رابح في الحرب التجارية"، مضيفة أن "الإعلانات الصادرة اليوم مقلقة للغاية للشركات وستكون لها تداعيات كبيرة على مستوى العالم".

وتابعت أن "رد فعل هادئ ومتزن من الحكومة البريطانية هو الاستجابة الصحيحة، إذ تحتاج الشركات البريطانية إلى نهج متوازن يتجنب مزيداً من التصعيد".

وقال كبير الاقتصاديين في المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (Niesr) أحمد كايا لصحيفة "تلغراف" إن "فرض رسوم جمركية تزيد على 10 في المئة قد يعرض بريطانيا لخطر الدخول في حال ركود إما هذا العام أو العام المقبل". وأضاف أن "الرسوم الجمركية، بأي صورة من الصور، تفرض كلفاً على الشركات والأسر، ولا سيما في الدولة التي تفرضها، ومع ذلك تظهر التجربة التاريخية مدى الدمار الذي يمكن أن تخلفه حرب تجارية واسعة النطاق".

وحذر اقتصاديون من أن تباطؤ النمو في الداخل والخارج قد يؤدي إلى فجوة مالية في موازنة وزيرة الخزانة، مما يزيد من احتمال فرض مزيد من الخفوض في الإنفاق أو رفع الضرائب في الخريف.

وخلال جلسة استماع أمام لجنة الخزانة أول من أمس الأربعاء، التزمت راتشيل ريفز فحسب بتجنب زيادات ضريبية بحجم تلك التي بلغت 40 مليار جنيه استرليني (52.4 مليار دولار) في موازنة أكتوبر (تشرين الأول) عام 2024. وقالت "لن أضع موازنة لأربع سنوات أخرى مقدماً، فهذا لن يكون مسؤولاً"، مستدركة "لكن يمكنني أن أؤكد للجنة أنني لن أحتاج إلى تكرار موازنة بهذا الحجم لأننا طوينا الصفحة وأعدنا الاستقرار للمالية العامة".

الاتحاد الأوروبي لديه "خطة قوية"

وحذر القادة الأوروبيون من التأثير الكبير لرسوم ترمب الجمركية في اقتصاداتهم قبل الإعلان الرسمي عنها.

ونبّهت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريماس من "اضطراب اقتصادي كبير"، بينما قال رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن إن "سياسة ترمب التجارية تمثل بلا شك أخطر قضية تواجه الاقتصاد الإيرلندي منذ زمن طويل".

أما رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، فصرحت بأن الرسوم الجمركية الواسعة النطاق "ستكون سلبية على مستوى العالم".

وحتى رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، المعروفة بعلاقتها الوثيقة بترمب، حذرت من أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى "تداعيات ثقيلة" على المنتجين الإيطاليين.

وفي بروكسل أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي لديه "خطة قوية" لمواجهة الخطوة الأميركية، مع وضع مجموعة من القطاعات المستهدفة المحتملة، بدءاً من شركات التكنولوجيا الكبرى والأدوية وصولاً إلى سراويل الجينز من علامة "ليفايس".

ومع ذلك من المتوقع أن يستغرق مسؤولو الاتحاد بعض الوقت لتحديد القطاعات الأميركية التي ستستهدف في أي رد انتقامي محتمل.

وفي هذا السياق دعا زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي إد ديفي، رئيس الوزراء البريطاني إلى العمل مع الحلفاء لتشكيل ما سماه "تحالفاً اقتصادياً للراغبين" للرد على رسوم ترمب الجمركية.