ملخص
الإدارة الأميركية حذرت الدول من الرد على الرسوم الجمركية التي فرضتها، ملوحة بتعريفات إضافية على صادراتها إلى الولايات المتحدة.
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم السبت بعد حديثه مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن البلدين أكدا عزمهما على "تنسيق المواقف بشكل وثيق" في المباحثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الرسوم الجمركية.
وأضاف ماكرون في منشور على منصة إكس "الحرب التجارية ليست في مصلحة أحد. يجب أن نقف متحدين وحازمين لحماية مواطنينا وشركاتنا".
In these times of upheaval, one certainty remains: in the face of the world’s great shocks, we must move forward together.
— Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) April 5, 2025
Today, I spoke with British Prime Minister @Keir_Starmer, following my conversation two days ago with President @vonderleyen.…
ودخلت الرسوم الجمركية الإضافية بنسبة 10 في التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على معظم المنتجات المستوردة إلى الولايات المتحدة حيّز التنفيذ صباح اليوم السبت، في تصعيد للحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي يهدد ببلبلة الاقتصاد العالمي.
وتطبّق هذه الرسوم على القسم الأكبر من الواردات الأميركية، إضافة إلى الرسوم المفروضة سابقاً.
غير أن بعض المنتجات معفية منها في الوقت الحاضر، وهي النفط والغاز والنحاس والذهب والفضة والبلاتين والبلاديوم وخشب البناء وأشباه الموصلات والأدوية والمعادن غير المتوافرة على الأراضي الأميركية.
كما أن هذه الرسوم لا تطبّق على الصلب والألومنيوم والسيارات المستوردة التي سبق أن فرض عليها ترمب رسوماً بنسبة 25 في المئة.
وكندا والمكسيك غير معنيتين بهذه الرسوم الجديدة إذ تخضعان لرسوم منفصلة تصل إلى 25 في المئة على منتجاتهما.
وتواجه عشرات الدول عبر العالم رسوماً مشددة جديدة اعتباراً من التاسع من أبريل (نيسان).
واعتبر دونالد ترمب أن الحرب التجارية الأميركية على الشركاء التجاريين ستؤتي ثمارها في الولايات المتحدة، لكن "هذا الأمر لن يكون سهلاً"، داعياً إلى "الصمود"، وذلك غداة رد صيني وتراجع كبير لأسواق المال العالمية.
وكتب الرئيس الأميركي على منصته "تروث سوشال" أن "الصين وجهت ضربة أكثر شدة بكثير من الولايات المتحدة... نستعيد وظائف وشركات كما لم نستعد من قبل... إنها ثورة اقتصادية وسنربح. اصمدوا، هذا الأمر لن يكون سهلاً، لكن النتيجة النهائية ستكون تاريخية".
"السوق قالت رأيها"
وقالت الصين اليوم السبت إن "السوق قالت رأيها" برفضها رسوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمركية، ودعت واشنطن إلى "مشاورات متكافئة" بعد رد الفعل الحاد للأسواق العالمية على الرسوم التجارية، والذي استدعى رداً صينياً.
وأصدر عديد من جمعيات التجارة الصينية في قطاعات متنوعة من الرعاية الصحية والمنسوجات إلى الإلكترونيات، بيانات اليوم تدعو فيها إلى اتخاذ موقف موحد في استكشاف أسواق بديلة، محذرة من أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تفاقم التضخم في الولايات المتحدة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جيا كون في منشور على "فيسبوك" صباح اليوم "السوق قالت كلمتها". ونشر صورة تظهر انخفاضات الأسواق الأميركية أمس الجمعة.
بفرضه رسوماً جمركية عالمية تعهد الرئيس دونالد ترمب إعادة تشكيل أسس العالم بما يخدم مصالح العمال الأميركيين، وقد تكون الصين، الدولة التي يعدها الخصم الرئيس، أحد المستفيدين من ذلك.
وسارعت الصين، أكبر اقتصاد في آسيا، إلى فرض رسوم جمركية مماثلة على الولايات المتحدة، وأعلنت عزمها فرض ضوابط على تصدير العناصر الأرضية النادرة الضرورية في تكنولوجيا الاستهلاك والطب.
لكن على عكس ولايته الأولى، لا يستهدف ترمب هذه المرة الصين فحسب، بل العالم أجمع بمن فيهم حلفاء الولايات المتحدة الذين انضموا بصورة متزايدة إلى موقف واشنطن الحازم تجاه بكين.
وقبل أيام قليلة من إعلان ترمب عن الرسوم في ما سماه "يوم التحرير"، تحركت الصين لإحياء محادثات التجارة الحرة المتعثرة مع اليابان وكوريا الجنوبية، وكلاهما حليفتان للولايات المتحدة ملتزمتان بمعاهدات، لكنهما تشككان بشدة في بكين.
تحذير إيطالي
حذر وزير الاقتصاد الإيطالي جانكارلو جورجيتي اليوم من فرض رسوم جمركية مضادة على الولايات المتحدة رداً على فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية شاملة على شركاء بلاده التجاريين.
وفي حديثه خلال منتدى أعمال قرب ميلانو، قال جورجيتي إن إيطاليا تهدف إلى "خفض التصعيد" مع الولايات المتحدة.
وأضاف "يتعين علينا تجنب إطلاق سياسة الرسوم الجمركية المضادة التي قد تضر بالجميع وبخاصة بنا".
وبموجب خطط ترمب، ستخضع إيطاليا التي تتمتع بفائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة لرسوم جمركية عامة بنسبة 20 في المئة إلى جانب دول أخرى في الاتحاد الأوروبي.
وقال جورجيتي إن من أجل تعويض التأثير الاقتصادي السلبي الذي من المحتمل أن تحدثه الرسوم الجمركية، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يسمح للدول الأعضاء بزيادة الإنفاق من دون انتهاك القواعد المالية للتكتل.
مصلحة تركية
من جانبه قال نائب الرئيس التركي جودت يلماز لشبكة "سي أن أن تورك" اليوم إن الرسوم الجمركية الأساس المنخفضة نسبياً البالغة 10 في المئة التي أعلنت الولايات المتحدة فرضها على تركيا قد تكون في صالح المصدرين الأتراك.
إلى جانب الرسوم الجمركية الأساس التي دخلت حيز التنفيذ اليوم السبت أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم أعلى على السلع من 57 شريكاً تجارياً من بينهم الصين والاتحاد الأوروبي وفيتنام واليابان، ومن المقرر أن يبدأ سريانها هذا الأسبوع.
وقال يلماز إن قرار عدم فرض مثل هذه الرسوم على تركيا "يبدو أنه يصب في مصلحتنا حتى الآن، من أجل الوصول إلى السوق الأميركية".
وأضاف "هناك بالفعل رسوم جمركية على الحديد والصلب والألمنيوم (الصادرات التركية إلى الولايات المتحدة)، وعندما فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية مماثلة على الآخرين، حدث توازن وكان ذلك في صالحنا".
وأشار يلماز إلى أن تركيا كمستورد ستستفيد أيضاً من انخفاض أسعار السلع العالمية، بما في ذلك النفط، وذلك في أعقاب إعلان ترمب عن الرسوم.
وقال وزير التجارة التركي عمر بولات أمس الجمعة إن الحكومة التركية تريد التفاوض مع الولايات المتحدة لإلغاء الرسوم الجمركية الجديدة البالغة 10 في المئة،
ووصف تلك النسبة بأنها "الأفضل بين الأسوأ"، في ظل الرسوم الجمركية الأعلى المفروضة على كثير من البلدان الأخرى.
الاستقواء على الحلفاء
وقالت الباحثة في الاقتصاد الصيني في مركز تحليل الصين التابع لمعهد سياسات جمعية آسيا ليزي لي "إذا استمرت سياسة ترمب الأحادية أتوقع أن تتودد بكين إلى هذه العواصم بقوة أكبر لتصور نفسها مرتكزاً اقتصادياً أكثر استقراراً في المنطقة".
وأضافت "دعونا لا ننسى الصورة العامة. تصور الصين رسوم ترمب الجمركية كدليل على تراجع الولايات المتحدة من خلال اللجوء إلى الاستقواء على الحلفاء والتراجع عن المعايير العالمية".
وقالت الزميلة البارزة في مركز "ستيمسون"، يون صن إنها توقعت أن تكون الصين "أكثر هدوءاً" في ردها على رسوم ترمب الجمركية، لكنها أضافت أن بكين لم تبد قلقة كما في ولايته الأولى.
وتابعت "أعتقد أن الصينيين يرون في هذا فرصة ويعتقدون أن الولايات المتحدة تقوض نفسها". وأضافت "هناك عدد من الأطراف المتضررة التي كانت حليفة قوية ومخلصة للولايات المتحدة. أما الآن فإن ثقتهم في النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة حول العالم قد أصبحت أقله موضع شك، ولا أقول تبددت".
من المؤكد أن الصين ستعاني على الأرجح ضرراً حقيقياً جراء الرسوم الجمركية الأميركية. فقد شحنت بضائع بقيمة تزيد على 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي، وكان الميزان التجاري لمصلحتها بفارق كبير.
وأشاد منتقدو الصين بما اعتبروه ناقوس خطر ينذر بنهاية شبه إجماع سابق في واشنطن حول أهمية دمج هذه القوة الآسيوية في الاقتصاد العالمي.
مخاوف أوروبية
وقال النائب الجمهوري كريس سميث الذي انتقد لعقود قرار بيل كلينتون عام 1994 فصل الامتيازات التجارية للصين عن حقوق الإنسان إن "فكرة أن تكون الصين الشيوعية عضواً مسؤولاً في نظام تجاري دولي، منظمة التجارة العالمية، يقوم على أساس التجارة المتساوية والعادلة، مهزلة".
ورأى سميث أنه "على عكس الرؤساء السابقين يدرك الرئيس ترمب تماماً طبيعة المشكلة ونطاقها والتهديد الوجودي الذي تشكله الصين وما يجب فعله".
وأشار الزميل البارز في مركز الأمن الأميركي الجديد جيكوب ستوكس إلى أنه لا يزال لدى الصين عدد من المشكلات مع دول أخرى، بدءاً بنزاعات إقليمية مع اليابان والهند وجنوب شرقي آسيا، وصولاً إلى مخاوف أوروبية من احتضان الصين لروسيا في حرب أوكرانيا.
وقال ستوكس إن "الصين برعت في تقويض مواقفها وخصوصاً مع جيرانها، من خلال الحزم وحتى العدوان".
لكن ستوكس رأى أن الرئيس السابق جو بايدن كان فعالاً في تشكيل تحالفات مع دول أخرى للضغط على الصين، في قضايا تراوح ما بين الوصول إلى شبكات الإنترنت من الجيل الخامس والأمن.
وقال ستوكس "إلى الحد الذي شعرت فيه بكين ببعض العزلة في نهاية إدارة بايدن، أعتقد أن كثيراً من هذا الضغط قد زال، إذ أصبحت واشنطن الآن بوضوح مصدر الاضطراب".
تواصل مع ممثلين عن فيتنام والهند وإسرائيل
في هذا الوقت، تَواصَل الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع ممثلين عن فيتنام والهند وإسرائيل للتفاوض على صفقات تجارية يمكن أن تخفف الرسوم الجمركية المقترحة على تلك الدول قبل الموعد النهائي الأسبوع المقبل، وفق ما ذكرت شبكة "سي أن أن" الإخبارية أمس الجمعة نقلاً عن مصدر.
وتعد هذه الاتصالات بين ترمب وتلك الدول التي تشكل جزءاً صغيراً من الدول المستهدفة برسومه الجمركية الواسعة النطاق بمثابة الموجة الأولى من المفاوضات في الوقت الذي تضع فيه الدول استراتيجياتها للرد على ترمب.
وقد أعلنت بعض الدول مثل الصين وكندا بالفعل عن خطط للرد بالمثل.
واعتبر ترمب أمس الجمعة أن رد الصين على الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها يعكس "ذعراً" تعيشه بكين فيما واصل التقليل من أهمية التراجع الحاد في الأسواق المالية. وكتب على منصته "تروث سوشيال" قبل التوجه إلى ناديه للغولف "أخطأت الصين في التصرف. لقد أصابهم الذعر، وهو الشيء الوحيد الذي لا يمكنهم تحمله!".
وكانت الإدارة الأميركية حذرت الدول من الرد على الرسوم الجمركية التي فرضتها، ملوحة بتعريفات إضافية على صادراتها إلى الولايات المتحدة، لكن الصين فرضت الجمعة تعريفة بنسبة 34 في المئة على الواردات الأميركية تدخل حيز النفاذ في الـ10 من أبريل (نيسان) الجاري تضاف "إلى معدل التعريفة الجمركية الحالي المطبق".
كما فرضت وزارة التجارية الصينية قيوداً على تصدير سبعة عناصر أرضية نادرة بما فيها الغادولينيوم والإتريوم المستخدم في صناعة المنتجات الإلكترونية.
العواقب السلبية على الاقتصاد العالمي
قالت الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) ريبيكا غرينسبان الجمعة إن زيادة الرئيس الأميركي التعريفات الجمركية في العالم "ستؤثر في الفئات الضعيفة والفقيرة" أكثر من غيرها.
وشددت غرينسبان على أن "هذا هو وقت التعاون وليس التصعيد"، مضيفة أن "قواعد التجارة العالمية يجب أن تتطور لمواجهة تحديات اليوم، لكن يجب أن يتم ذلك مع وضع القدرة على التنبؤ والتنمية في صلبها لحماية الفئات الأكثر ضعفاً".
ومن بين ما يقرب من 200 شريك تجاري للولايات المتحدة فإن نحو 10 منهم فقط يولدون ما يقارب من 90 في المئة من عجزها التجاري، بحسب ما جاء في بيان لـ"أونكتاد".
والبلدان الأقل نمواً والدول الجزرية الصغيرة النامية المسؤولة فقط عن 1.6 في المئة و0.4 في المئة على التوالي من العجز الأميركي تتأثر هي أيضاً بإعلان ترمب في الثاني من أبريل عن فرض رسوم جمركية، مرتفعة جداً في بعض الأحيان، على عدد كبير من البلدان، وعلى أساس حساب يترك الاقتصاديين في حيرة من أمرهم.
وشدد بيان "أونكتاد" على أن هذه البلدان الفقيرة "لن تسهم في إعادة التوازن للعجز التجاري ولا في توليد إيرادات كبيرة".
وأضاف البيان أن "عديداً من الاقتصادات المنخفضة الدخل تواجه الآن عاصفة كاملة من الظروف الخارجية الآخذة في التدهور ومستويات ديون لا يمكن تحملها وتباطؤ النمو المحلي".
وبصورة أعم حذر البيان من العواقب السلبية على الاقتصاد العالمي. وذكر البيان أنه "في اقتصاد عالمي منخفض النمو ومثقل بالديون فإن ارتفاع التعريفات الجمركية يهدد بإضعاف الاستثمارات والتدفقات التجارية، مما يضيف حالة من عدم اليقين إلى بيئة هشة أساساً".
وتابع بيان "أونكتاد"، "يمكن أن يؤدي ذلك إلى تآكل الثقة وإبطاء الاستثمار وتهديد مكاسب التنمية، ولا سيما في الاقتصادات الأكثر ضعفاً".