Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

خريجو المؤسسات الفلسطينية لا مكان لهم في مدارس وجامعات إسرائيل

لجنة قضايا التعليم العربي ترى أن قانون الكنيست يتضمن انتهاكاً خطراً في حق الطلاب والمعلمين

قانون جديد يمنع خريجي الجامعات الفلسطينية من العمل في جهاز التعليم الإسرائيلي (اندبندنت عربية)

ملخص

أقرت الهيئة العامة لـ"الكنيست" قبل أيام وبغالبية الأصوات مشروعي قانونين يمنعان خريجي معاهد التعليم العالي الفلسطينية في الضفة الغربية من العمل في جهاز التعليم الإسرائيلي بجميع مراحله.

بعدما جهزت سلمى عزام (20 سنة) كل الأوراق اللازمة والضرورية للتسجيل في الجامعة العربية - الأميركية في جنين لدراسة اللغة الإنجليزية وآدابها فوجئت بأن حلمها قد يصبح صعب المنال. فالهيئة العامة لـ"الكنيست" أقرت قبل أيام وبغالبية الأصوات مشروعي قانونين يمنعان خريجي معاهد التعليم العالي الفلسطينية في الضفة الغربية من العمل في جهاز التعليم الإسرائيلي بجميع مراحله، والذي بموجبه لن يتمكن آلاف الطلاب العرب من فلسطينيي 48 والقدس الشرقية من خريجي هذه المعاهد وآلاف آخرون على مقاعد الدراسة من العمل كمدرس في إسرائيل. وبحسب الموقع الإلكتروني لـ"الكنيست"، فإن "الدراسة في تلك المؤسسات تتضمن في كثير من الأحيان محتوى معادياً للسامية وتلقيناً عقائدياً يهدف إلى إنكار وجود دولة إسرائيل والتحريض بصورة جدية ضدها".

ووفقاً لموقع "تايمز أوف إسرائيل"، فإن "ما يقارب 6 آلاف فلسطيني من عرب الـ48 يدرسون في الجامعة العربية - الأميركية في مدينة جنين وحدها في مجال طب الأسنان والطب المساند (التمريض)". وتشكل نسبتهم 64 في المئة من بين نحو 9 آلاف في نحو 10 جامعات بالضفة الغربية. وبحسب معطيات الباحث في المعهد الأكاديمي العربي للتربية في كلية بيت بيرل وقسم الدراسات العليا في كلية سخنين قصي حاج يحيى فإن نسبة خريجي الجامعتين في جنين ونابلس هي أعلى نسبة نجاح في اختبار الترخيص الإسرائيلي بالطب والتمريض وتبلغ 94 في المئة.

 

 

أهداف سياسية

لجنة قضايا التعليم العربي في إسرائيل ترى أن مشروع القانون يتضمن "انتهاكاً خطراً في حق الطلاب والمعلمين العرب في العمل بجهاز التعليم من دون أي مبرر واقعي ومن دون أي هدف مشروع وقانوني". وأكد رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي شرف حسان أن القرار يخلق التمييز بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على أساس جنسيتهم ومكان الدراسة. وأضاف "آلاف الطلاب العرب تعلموا ويتعلمون في المؤسسات الأكاديمية العاملة في السلطة الفلسطينية سيتضررون كثيراً جراء القانون".

ويقول مركز الحركة الطلابية في التجمع الوطني الديمقراطي يوسف طه "هناك هجمة منظمة لأهداف سياسية تنظمها جهات يمينية عنصرية لملاحقة الطلبة العرب والضغط على المؤسسات الأكاديمية لطردهم من التعليم مستغلة الأوضاع الأمنية". وأضاف "نشهد تواطؤاً خطراً لبعض المؤسسات الأكاديمية مع هذه الحملة". من جهته، قال رئيس جامعة القدس عماد أبو كشك إن القرار يأتي "لمحاصرة الجامعات الفلسطينية بالضفة الغربية ومحاولة إغلاقها وعزل المقدسيين وطلبة الداخل 48 من التواصل مع الحاضنة الفكرية الوطنية التي تمثلها الجامعات، والتي تعتبر مراكز للنخبة ولبنة أساسية في الاقتصاد الفلسطيني". ووفقاً لرئيس الجامعة فإن 55 في المئة من طلبة جامعة القدس (أبو ديس) الذين يبلغ عددهم 13 ألف طالب هم من المقدسيين ومناطق الـ48، وسيكون للقانون الجديد في حال المصادقة عليه بصورة تامة، تأثير كبير في الجامعة.

 

 

في حين يرى المحامي والباحث القانوني علاء محاجنة أن القانون "محاولة للمساس الاقتصادي بالمؤسسات الأكاديمية التي تعتمد في موازناتها على المدخولات من أقساط التعليم التي يدفعها الطلاب العرب من داخل مناطق 48". ويتخوف الطلبة المقدسيون ممن يتخرجون في كليتي الآداب والعلوم ويخضعون لاستكمالات أكاديمية في كليات إسرائيلية من أجل السماح لهم بالتدريس في مدارس تابعة لوزارة المعارف الإسرائيلية من أن التشريع الجديد قد يحرمهم من الالتحاق بهاتين الكليتين. وبحسب الناطق باسم اتحاد أولياء الأمور في القدس رمضان طه فإن "ارتفاع الرسوم في الجامعات الإسرائيلية وصعوبة اختبارات القبول وما يرافقهما من شروط تعجيزية تدفع عدداً من طلبة القدس لهجر الجامعات الإسرائيلية والدراسة في الأردن أو الجامعات الفلسطينية". 

وذكر أن "الجامعات الإسرائيلية تحظر على الطالب الفلسطيني دراسة الطيران وعلم الذرة وأي تخصص يمس بالقضايا الأمنية، بينما الطب فيه معوقات كثيرة تبدأ من "البجروت" (شهادة إنهاء المرحلة الثانوية) وحتى "البسيخومتري" (اختبار القبول الجامعي في إسرائيل). في المقابل، قال عضو الكنيست الإسرائيلي عميت هاليفي الذي بادر لطرح مشروع القانون، في مقابلة إذاعية "خريجو مؤسسات السلطة الفلسطينية لن يكون لهم مكان في مدارسنا. قد يتم الترحيب بهم في رام الله أو طهران، ولكن ليس هنا".

 

استبعاد الطلاب

على رغم الهدوء النسبي الذي أبداه المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل طوال فترة الحرب على قطاع غزة فإن سياسة المنع والتضييق لم تقتصر على الطلبة في الجامعات الفلسطينية، بل إن الملاحقات الأمنية طاولت المئات من طلبة الجامعات والموظفين في المؤسسات والجامعات الإسرائيلية، حيث جرى فصل بعضهم من الدراسة والعمل. كما قدم أعضاء من "الكنيست" أخيراً قانوناً يستهدف الحركات الطلابية ويقترح استبعاد الطلاب من مقاعد الدراسة بتهمة "الإرهاب" و"التماهي" مع الهوية الفلسطينية، إذ يتيح القانون تفكيك لجنة طلاب "تؤيد الإرهاب أو الكفاح المسلح ضد دولة إسرائيل" وتصفها "كدولة احتلال"، كما ويفرض تقييدات وعقوبات أكاديمية مثل إبعاد وسحب الاستحقاق من طالب دين "بدعم أو بالتحريض على الإرهاب". وتذرعت النائبة ليمور سون هار ميلخ التي اقترحت القانون بالقول إن "الهدف هو الردع"، وتوفير "الأدوات للمؤسسات الجامعية للتعامل مع الظاهرة المتزايدة من التحريض ودعم الإرهاب".

وكانت إسرائيل شرعت نهاية ديسمبر (كانون الأول) من عام 2022، سريان نظام "نوميروس كلاوزوس" من أجل تقنين قبول العرب في الجامعات الإسرائيلية. وهو النظام الذي كان متبعاً في إطار ملاحقات معاداة السامية، لتقييد قبول يهود في جامعات أميركية مرموقة، مثل هارفرد وييل، وكذلك في روسيا وبولندا ورومانيا وهنغاريا. وأشارت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية حينها، إلى أن نظام "نوميروس كلاوزوس" لم يعد موجوداً في أي دولة في العالم، باستثناء إسرائيل، التي ما زالت تمارسه ضد المواطنين العرب.

في المقابل حذر طلاب ناشطون من أن هذا القانون لا يستهدف فقط الأطر الطلابية العربية، بل أي إطار لا يتماشى مع "الرؤية الإسرائيلية الرسمية"، مؤكدين أن "الوحدة بين الطلاب العرب هي السبيل الوحيد لمواجهة هذه الهجمة القانونية والسياسية الممنهجة ضد الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية"، حيث تشهد الأعوام الأخيرة تصاعداً كبيراً في القيود المفروضة على نشاطهم السياسي والثقافي، من منع الوقفات التضامنية، إلى فرض عقوبات على الطلاب المشاركين في الفعاليات الوطنية، وصولاً إلى حملات تحريضية من قبل منظمات إسرائيلية يمينية مثل "إم ترتسو".

 

استهداف المعلمين

لم تقتصر القوانين والتضييقيات الجديدة على طلبة الجامعات الفلسطينيين في الضفة وداخل إسرائيل، ففي سياق الاندماج مع سلسلة تلك القوانين صادق "الكنيست" الإسرائيلي على قانون قدمه هاليفي، يقضي بمنح وزير التعليم، أو من يكلفه الوزير، صلاحية قرار فصل موظفين في جهاز التعليم الرسمي، في حال صدر عنه تعبيراً يتضامن فيه مع معاناة الشعب الفلسطيني أو التعاطف مع ما تعتبره السلطات الإسرائيلية "إرهاباً" أو "منظمة إرهابية" أو "عمليات إرهابية". كما ينص القانون على أن من صلاحيات الوزير قطع الموازنات عن مؤسسة تعليمية غير رسمية، لكن معترف بها، في حال ثبت أن في برامجها ما يؤيد نضال الشعب الفلسطيني. وتضمنت بنود القانون أن عملية الفصل تكون فورية من دون سابق إنذار، مع الإبقاء على حق الموظف في أن يستأنف على القرار. ويقضي القانون كذلك، بأن الموظف أو المعلم الذي يحصل على التعويضات والضمانات الاجتماعية، مهدد بفقدانها في حال قررت محكمة العمل حرمانه منها، في سياسة رأى البعض أنها تمهد لحرمانهم من التعويضات المالية. 

ووفقاً لمؤسسة "عدالة" الحقوقية، فإن "الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى توسيع نطاق الجرائم المتعلقة بحرية التعبير عبر خفض الحد الأدنى للأدلة والبينات المطلوبة للتجريم الجنائي". وأكدت "أن القانون يقضي بوجوب إثبات احتمال كبير بأن التعبير الذي يتهم بأنه ينطوي على تحريض سيؤدي إلى عمل إرهابي". وتضمن مشروع القانون بنداً مثيراً للجدل يطالب وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية بتزويد جهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الشاباك" بقائمة سنوية تشمل بطاقات هوية جميع المعلمين لفحص ارتباطاتهم بأنشطة قد يكون لها "صلة بالإرهاب"، إلا أن هذا البند تم استبعاده بسبب اعتراض خبراء ومسؤولي "الشاباك".

خطة خمسية

وترصد الخطة الخمسية الإسرائيلية التي تمتد من عام 2024 وحتى عام 2028، وتحمل اسم "تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية والتنمية الاقتصادية لشرقي القدس "800 مليون شيكل (222 مليون دولار) من أصل موازنة 3.2 مليارات شيكل (نحو 844 مليون دولار) للمدارس الابتدائية والثانوية بالقدس، لزيادة نسبة الطلبة الذين يتعلمون المنهاج الإسرائيلي، وأولئك الذين يلتحقون ببرامج الإعداد للأكاديميات الإسرائيلية. ويعمل القائمون على الخطة لزيادة عدد الطلبة الذين يتخرجون في المدارس بنظام "البجروت" وتقديم الحوافز المادية للطلبة والمعلمين الذين يركزون على تعلم وتعليم اللغة العبرية. كما خصصت وزارة المعارف الإسرائيلية موازنة بقيمة 300 مليون شيكل (نحو 80 مليون دولار) لتمويل المؤسسات التعليمية في القدس بشرط تدريس المنهاج الإسرائيلي، من أجل تهيئتهم للالتحاق لاحقاً بالكليات والجامعات الإسرائيلية.

وفيما يرى القائمون على الموازنة الجديدة أنها تحقق "مزيداً من الاندماج للمقدسيين في المجتمع والاقتصاد الإسرائيليين"، يؤكد مقدسيون أن ربطهم بالمنظومة الإسرائيلية التعلمية والاقتصادية على وجه الخصوص يهدف "لإخضاعهم وكي وعيهم".

المزيد من تقارير