ملخص
نفى وزير الخزانة الأميركي احتمالات حدوث ركود في أكبر اقتصاد بالعالم، على اعتبار أن سبب عمليات البيع الكبير للأسهم الذي هوى بمؤشرات الأسواق خلال اليومين الأخيرين من الأسبوع الماضي هو خشية المستثمرين من أن تؤدي قرارات التعريفة الجمركية إلى ركود الاقتصاد الأميركي.
"من يعرف كيف ستتصرف السوق خلال يوم أو خلال أسبوع؟"، هكذا علق وزير الخزانة الأميركي سكوت باسينت على هبوط الأسواق بشدة يومي الخميس والجمعة الماضيين عقب إعلان الرئيس دونالد ترمب قرارات فرض التعريفة الجمركية على شركاء بلاده التجاريين.
وخلال مقابلة مع برنامج "قابل الصحافة" على شبكة "أن بي سي" قلل باسينت من تأثير هبوط مؤشرات الأسواق، قائلاً إنه "كثيراً ما قللت السوق من أهمية سياسات الرئيس ترمب".
ونفى وزير الخزانة احتمالات حدوث ركود في أكبر اقتصاد بالعالم، على اعتبار أن سبب عمليات البيع الكبير للأسهم الذي هوى بمؤشرات الأسواق خلال اليومين الأخيرين من الأسبوع الماضي هو خشية المستثمرين من أن تؤدي قرارات التعريفة الجمركية إلى ركود الاقتصاد الأميركي.
وقال باسينت "في الواقع معظم الأميركيين لا يحتفظون بكل ما لديهم في السوق، الناس لديها وجهة نظر بعيدة المدى، إنما تعتبر أسواق الأسهم استثماراً جيداً لأنها استثمار طويل الأمد، إذا نظرت إلى المسألة على أساس يومي أو أسبوعي فهناك مخاطرة كبيرة، أما على المدى البعيد فهي استثمار جيد".
وطبعاً فإن هذه التعليقات متوقعة من المسؤول عن السياسة المالية لإدارة ترمب، حتى لو كان للمستثمرين والأسواق رأي آخر، ومع ذلك من المرجح أن الأسواق ستعود مع تعاملات الأسبوع المقبل للنظر إلى الأساسات، بمعنى متابعة بيانات الاقتصاد، خصوصاً أن موسم إفصاحات الشركات عن الأداء المالي لها في الربع الأول من العام يبدأ الأسبوع المقبل.
عودة للأساسات
ومن المتوقع أن يعود المستثمرون للاهتمام بالأساسات التي يستندون إليها في خططهم للمستقبل والتي يحمل الأسبوع المقبل بعضاً من أهمها، فاليوم الإثنين ستصدر أرقام ائتمان المستهلكين، وهي مؤشر إلى ثقة الناس بالاقتصاد بصورة عامة وإلى معدلات الإنفاق الاستهلاكي الذي يشكل النسبة الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي.
ثم غدا الثلاثاء سيصدر مؤشر التفاؤل "أن أف أي بي"، أما الأربعاء المقبل فسيكون يوماً مشحوناً بالنسبة إلى السوق، إذ ستصدر أرقام مخزونات مستودعات الجملة، لكن الأهم سيكون صدور تفاصيل محضر اجتماع "الاحتياط الفيدرالي" (البنك المركزي) الأميركي لمارس (آذار) الماضي.
وبالنسبة إلى المستثمرين والأسواق ستكون تفاصيل محضر اجتماع البنك المركزي مؤشراً على توجه السياسة النقدية، إذ إن سعر الفائدة من العوامل الرئيسة المحركة للسوق. ومع أن البنك يتخذ نهجاً حذراً الآن بالنسبة إلى مسار التيسير النقدي، أي خفض سعر الفائدة بالأساس خشية زيادة الضغوط التضخمية، لكن محادثات أعضاء لجنة السوق المفتوحة ستعطي إشارات للمستثمرين حول حجم وتوقيت الخفض التالي المتوقع في سعر الفائدة على الدولار.
والأربعاء المقبل أيضاً سيبدأ تطبيق التعريفة الجمركية التي أعلنها ترمب قبل أيام، والخميس سيبدأ تطبيق التعريفة الجمركية التي أعلنتها الصين على الصادرات الأميركية كردّ فعل على تعريفة ترمب.
والخميس أيضاً تصدر أرقام طلبات إعانة البطالة التي تؤشر على مدى قوة سوق العمل، وهو مؤشر مهم يأخذه "الاحتياط الفيدرالي" في الاعتبار لدى تحديد سعر الفائدة. كذلك ستصدر أرقام مؤشر أسعار المستهلكين لمارس وهي "باروميتر" معدلات التضخم في الاقتصاد.
والجمعة المقبل ستصدر بيانات مؤشر أسعار المنتجين إضافة إلى القراءة الأولية لمؤشر ثقة المستهلكين، ويتوقع أن يظهر رد فعل الأسواق بوضوح الأربعاء المقبل مع بداية صدور بيانات وأرقام مؤشرات الاقتصاد الكلي المهمة.
موسم الإفصاح
وتبدأ الشركات الأميركية بالإفصاح ربع السنوي عن أدائها المالي وتقديراتها للأداء المستقبلي من أول أيام الأسبوع، لكن الإفصاحات الأهم ستكون بنهاية الأسبوع أي الجمعة، عندما تصدر بيانات بنوك كبرى ومؤسسات مالية، مثل بيانات الإفصاح من "جيه بي مورغان تشيس" و"بلاك روك" و"ويلز فارغو" وغيرها، وسينظر المستثمرون إلى تلك البيانات على أنها مؤشر لكل القطاع المالي الأكثر تأثراً بحركة السوق.
ومع أن القطاع المالي وشركات قطاع الصحة لا يتأثران مباشرة بقرارات التعريفة الجمركية، إلا أن الإفصاح عن قوائمهما المالية وتوقعاتهما للمستقبل مهم للمستثمرين في السوق. ومع استيعاب الأسواق لقرارات التعريفة الجمركية يتوقع أن يكون لبدء تطبيق الرد العقابي الصيني تأثير واضح في السوق، بخاصة إذا لم تصدر أية إشارات من بكين وواشنطن إلى احتمالات التفاوض حول تفادي تصعيد الحرب التجارية.
لكن في النهاية ستكون كل هذه التطورات في سياق المؤثرات المعتادة، حتى لو كانت بسخونة أكبر وأدت إلى تحركات أكبر للمؤشرات. وكتب محلل استراتيجيات الاستثمار في "إداورد جونز" بروك ويمر ينصح المستثمرين بتجنب القرارات المتسرعة التي تتأثر بالعامل النفسي والتزام استراتيجيات الاستثمار طويلة الأسهم.
ويذكّر ويمر المتعاملين في السوق بأنه من المعتاد أن يشهد مؤشر "أس أند بي 500" سنوياً تراجعاً من ثلاث إلى أربع مرات بنسبة خمسة في المئة لكل منها، ويشهد تراجعاً بنسبة 10 في المئة مرة كل عام، كما أنه كثيراً ما شهد المؤشر تراجعاً بنسبة 15 في المئة مرة كل سنتين وأيضاً مرة كل ثلاث سنوات أو أكثر يشهد تراجعاً بنسبة 20 في المئة.
جانب المخاطرة
ومن المهم أيضاً الإشارة إلى أن هبوط أسعار الأسهم في الأسبوع المنتهي الجمعة سيغري المستثمرين من "صيادي الفرص" للعودة لشراء الأسهم التي هبطت بشدة لكنها تحمل إمكان الصعود مجدداً. وصحيح أن عمليات الشراء هذه تكون انتقائية وليست بحجم البيع الكبير الذي حدث، لكن في النهاية سيعني ذلك بعض التوازن في السوق.
وتبقى احتمالات الأخطار قائمة مع حال عدم اليقين وصعوبة توقع سياسات الإدارة الأميركية، خصوصاً أن تصريحات فريق ترمب الاقتصادي خلال عطلة نهاية الأسبوع اتسمت بتقليل أهمية تحركات الأسواق في ما يشه التجاهل تقريباً، ولا يبدو أن مقابلاتهم الإعلامية طمأنت المستثمرين والأسواق أو في الأقل هدأت مخاوفهم من تأثير قرارات التعريفة الجمركية في الاقتصاد الأميركي، فضلاً عن أن "الاحتياط الفيدرالي" لم يعُد منذ أعوام يعطي أولوية لموقف السوق حين يقرر السياسة النقدية، بل يهتم أكثر بمؤشرات التضخم والنمو وسوق العمل.