تستمر الجهات الرسمية في إعلان الأرقام التي تؤكد أن العالم يقترب بالفعل من أزمة اقتصادية جديدة، فبخلاف التوترات الجيوسياسية التي تعمق بالفعل من تداعيات الحروب التجارية المشتعلة بين الولايات المتحدة من جانب والصين وأوروبا من جانب آخر، ترتفع حدة الأزمات التي تواجهها الأسواق الناشئة وأسوق العملات، إضافة إلى خسائر أسواق الأسهم والبورصات العالمية.
من جديد، حذر رئيس البنك الدولي، ديفيد مالباس، من أن نمو الاقتصاد العالمي يمكن أن يتباطأ دون الـ2.6% المتوقعة في شهر يونيو (حزيران) الماضي، في أحدث إشارة على المخاوف المتعلقة باتجاه الاقتصاد.
وجاءت تحذيرات رئيس البنك الدولي خلال خطاب ألقاه، الإثنين، في مدينة مونتريال الكندية قبل الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الأسبوع المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقع في كلمته تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي عن الأرقام المتوقعة قبل أربعة أشهر مضت بسبب البريكست والركود الاقتصادي في أوروبا وعدم اليقين التجاري.
وعلاوة على ذلك، فإن نمو الاستثمارات في غالبية الدول النامية بطيء للغاية لدرجة ألا يكون مجدياً لزيادة الدخل في المستقبل، وفقاً لرئيس البنك الدولي.
وأشار رئيس البنك الدولي إلى أنه من الضروري أن يكون لدى الدول إصلاحات هيكلية معدة بشكل جيد بما في ذلك تعزيز سيادة القانون حتى تتمكن الشركات الخاصة من المنافسة مع المؤسسات المملوكة للدولة.
صندوق النقد يحذر من تفاقم ديون الشركات
وفي سياق متصل، حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستاليتا جورجيفا، من ارتفاع ديون الشركات المعرضة لخطر التخلف عن السداد إلى 19 تريليون دولار في حالة حدوث تباطؤ كبير للاقتصاد العالمي.
وأوضحت، خلال تصريحاتها على هامش الاجتماع السنوي في واشنطن، أن هذه الديون تمثل حوالي 40% من إجمالي الدين في ثمانية اقتصادات رئيسة وهو أعلى من المستويات التي شوهدت خلال الأزمة المالية.
وأضافت أن انخفاض معدلات الفائدة يدفع المستثمرين إلى البحث عن عوائد أعلى في الأسواق الناشئة، وهذا يترك العديد من الاقتصادات الأصغر عرضة لانعكاس مفاجئ لتدفقات رأس المال، فالعالم بحاجة إلى أدوات احترازية كبيرة، واستخدام أساليب جديدة لإدارة الديون بشكل أفضل من ضمنها تعاون السياسة المالية مع النقدية.
رئيسة صندوق النقد الدولي التي تولت منصبها قبل أيام، حذرت أيضاً من أن الكل خاسر في الحرب التجارية مشيرةً إلى أن النزاع التجاري سوف يتسبب في خسائر بنحو 700 مليار دولار للاقتصاد العالمي بحلول 2020 وهو ما يمثل 0.8% من إجمالي الناتج المحلي في العالم.
وذكرت أن التوترات التجارية تسبب في ضعف نشاط التصنيع في جميع أنحاء العالم والاستثمار بشكل كبير، مشيرة ًإلى أن هناك خطرا كبيرا من أن الخدمات والاستهلاك يمكن أن تتأثر قريباً. وأوضحت أن الدول تحتاج إلى معالجة المخاوف المشروعة المتعلقة بممارساتها التجارية، وهذا يعني التعامل مع الإعانات، وكذلك حقوق الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا.
وأشارت إلى العالم يحتاج أيضاً إلى نظام تجاري عالمي أكثر حداثة، خاصة لفتح الإمكانيات الكاملة للخدمات والتجارة الإلكترونية. ومن المقرر أن يصدر صندوق النقد الدولي مراجعة لتقديرات النمو الاقتصادي العالمي في الأسبوع المقبل وسوف تكشف عن خفض توقعات النمو خلال العام الحالي والمقبل.
ويرى صندوق النقد أن 90% من العالم سوف يشهد تباطؤاً في النمو خلال العام الحالي، مشيراً إلى أن هذا التباطؤ سوف يدفع النمو الاقتصادي العالمي لأدنى معدل منذ بداية العقد الحالي.
وعلى الرغم من هذا التباطؤ العام، فمن المتوقع أن يكون لدى ما يقرب من 40% من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية معدلات نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي تتجاوز 5% بما في ذلك 19 سوقاً في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
إلى أين وصلت ديون الأسواق الناشئة؟
وفي تقرير سابق، كشفت بيانات معهد التمويل الدولي، عن ارتفاع ديون الأسواق الناشئة لمستوى قياسي بنهاية الربع الأول من العام الحالي، بفعل معدلات الفائدة المتراجعة التي شجعت المستثمرين على تنفيذ مزيد من عمليات الاقتراض.
وكشفت البيانات أن ديون العالم زادت بمقدار 3 تريليونات دولار في الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى مارس (آذار) الماضي إلى 246.5 تريليون دولار. ويبلغ معدل الديون العالمي إلى الناتج الإجمالي المحلي في الوقت الحالي مستوى 320%.
وأوضحت البيانات أن مقدار الأموال المستدانة من جانب الحكومات والشركات والمؤسسات المالية والأسر في الأسواق الناشئة زادت إلى مستوى 69.1 تريليون دولار أو ما يعادل 216% من الناتج الإجمالي المحلي في أول 3 أشهر من 2019، مقابل مستوى 68.9 تريليون دولار في العام الماضي.
وأشارت إلى أن معدلات الديون إلى الناتج الإجمالي المحلي ارتفعت بأسرع وتيرة في شيلي وكوريا الجنوبية والبرازيل وجنوب أفريقيا والصين وباكستان على مدار العام الماضي.
أما على صعيد الأسواق المتقدمة فكانت الزيادة في ديون الربع الأول مدفوعة بشكل أساسي بتراكم الدين الحكومي الذي أضاف تريليون دولار. وشهدت فنلندا وكندا واليابان أكبر زيادة في نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي، في حين واصلت بعض اقتصادات منطقة اليورو لا سيما هولندا وإيرلندا والبرتغال تقليص المديونية.
وفي الولايات المتحدة قفزت الديون بمقدار 2.9 تريليون دولار منذ الربع الأول من عام 2018، لترتفع بذلك إجمالي الديون الأميركية عند أعلى مستوياتها على الإطلاق مُسجلة 69 تريليون دولار. كما زاد معدل ديون الشركات غير المالية إلى الناتج الإجمالي المحلي عند مستوى 75%.
ثقة الشركات الصغيرة تسجل أدنى مستوى في عهد ترمب
على صعيد الأزمة التجارية والركود المتوقع للولايات المتحدة الأميركية، فقد تراجعت ثقة الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة بأكثر من توقعات المحللين خلال الشهر الماضي، لتكون بالقرب من أدنى مستوياتها في عهد الرئيس دونالد ترمب
وأظهرت بيانات صادرة عن الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة، أن مؤشر ثقة الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة تراجع إلى 101.8 نقطة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي مقارنة مع 103.1 نقطة المسجلة في أغسطس (آب) السابق له.
وكانت توقعات المحللين تشير إلى أن ثقة الشركات الصغيرة سوف تتراجع إلى 102.6 نقطة خلال الشهر الماضي.
وتمثل قراءة الشهر الماضي الهبوط الثالث في غضون أربعة أشهر، كما أنها الأدنى منذ شهر مارس (آذار) الماضي وقريبة من أرقام شهر يناير (كانون الثاني) البالغة 101.2 نقطة، التي كانت الأضعف منذ تولى ترمب الرئاسة الأميركية في أوائل عام 2017.
وسجلت ثلاثة مؤشرات من مكونات المؤشر الرئيسي العشرة، مع حقيقة عدم وجود نمو في أي منها خلال الشهر الماضي مقارنة مع أغسطس (آب) السابق له.
وأوضحت نتائج المسح عدم وجود إشارات على ركود في الأعمال مع التأكيد على أن مؤشرات استمرارية عملية خلق الوظائف والإنفاق الرأسمالي والاستثمار في المخزون جاءت قوية لكنها أظهرت تباطؤاً في النمو.
وأبلغ 57% من أصحاب الشركات الأميركية الصغيرة المستجيبة للمسح عن نفقات رأسمالية خلال الشهر الماضي وهي نسبة أقل بنحو 2% من قراءة شهر أغسطس (آب) الماضي.
وبحسب المسح، فإن 22% من المستجيبين قالوا إن الأشهر الثلاثة المقبلة هي فترة جيدة للتوسع وهو أدنى مستوى منذ فبراير (شباط) الماضي، في حين قال 9% فقط أنهم يتوقعون تحسن ظروف العمل في غضون ستة أشهر من الآن وهي أضعف نسبة منذ يناير (كانون الثاني).