ما زالت المعركة بين جمهور مارتن سكورسيزي ومحبي أفلام مارفل حامية الوطيس. وزبدة الكلام هي: السبق الصحافي الذي يحيّر الأذهان يتلخص في أن سكورسيزي، المخرج الموقر الذي يدرج أعمالاً مثل يوغيتسو مونوغاتاري للمخرج الياباني كنجي ميزوغوشي، والفهد للمخرج الإيطالي لوتشينو فيسكونتي بين أفلامه المفضلة، ليس سعيداً بشكل خاص بالنجاح المدوي الذي تحصل عليه أفلام تدور أحداثها حول شخصيات الحركة.
وقال مارتن في مقابلة مع مجلة إمباير الأسبوع الماضي في حديثه عن أفلام مارفل: إنها "ليست أعمالاً سينمائية... إن أقرب ما يمكن أن أفكر فيه، بالنظر إلى سويتها وقيام الممثلين ببذل قصارى جهودهم ضمن تلك الظروف، هو مدن الملاهي". ربما لم يكن تعليقه ليثير هذا الكم من الغضب لو جاء قبل بضع سنوات، لكن المؤسسة النقدية خُدعت منذ ذلك الحين وراحت تنظر إلى هذا المنتوج المصنعي على أنه فن مشروع. بالنسبة لمعجبي مارفل، ليس كافياً أن تهيمن أفلامهم باهظة التكلفة على شباك التذاكر على حساب المحتوى الأصلي، لكن بات واجباً الآن التعامل مع هذه الأشياء بالاحترام المطلوب. يتعين على المواقع التي تمنح تقييم خمس نجوم لأعمال مثل زاما للمخرجة الأرجنتينية لوكريسيا مارتيل، على سبيل المثال، أن تقدم خمس نجوم مماثلة لفيلم "المنتقمون 18: الجيدون يفوزون مرة أخرى". يعرف نقاد السينما في جميع أنحاء العالم أن انتقاد أحد أعمال مارفل، أو الكشف عن إحدى تطورات الحبكة غير المألوفة العديدة، سيواجه بطوفان من الذم من المعجبين المخلصين الغاضبين.
لهذا، فإن ما يسمى "النقاش" يستمر بين عشاق السينما الذين يعتبرونها شكلاً من أشكال الفن المقدس، وأولئك الذين لا يكتفون بالاستمتاع ببساطة بالقيمة الترفيهية لأفلام مارفل، ولكنهم يطالبون بأن يُنظر إليها كجزء مُعتمد . وما يزيد الطين بلة، هو أن هناك للتو شخصيات عامة بارزة مدافعة عن هذه الأفلام - قام باري جينكينز ، مخرج فيلم مونلايت بنشر تغريدة تتحدث عن حبه لفيلم "المنتقمون: نهاية اللعبة" في وقت سابق من العام، قائلاً: "[المخرجان] الأخوان روسو نجحا للغاية في طريقة توصيلهما للعلاقات المكانية بين الشخصيات خلال المشاهد المصورة". (سيتعين علينا أن نتفق على ألا نتفق هنا - المعركة المحورية في فيلم "كابتن أميركا: الحرب الأهلية"، على سبيل المثال، هي عبارة عن هرج جغرافي، تتداخل فيها مشاهد مصورة في مواقع مختلفة بسرعة مذهلة وبطريقة تشوش تماماً الدراما الموجودة). ومع ذلك، وجد سكورسيزي حليفاً لم يكن متوقعاً هو الممثلة جينيفر أنيستون، التي علقت أن الأدوار الجيدة "تتناقص" مع ظهور أفلام مارفل، مضيفة أنها "لا ترغب في العيش على شاشة خضراء."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تجدر الإشارة إلى أنه بالنسبة لكثير من الناس ، تعتبر أعمال مارفل رائدة التنوع على الشاشة، مع نجاحاتها في فيملي "كابتن مارفل" ذي البطولة النسائية، و"النمر الأسود" بنجومه من أصحاب البشرة السوداء، قد يجادل هذا الكاتب بأن تلك الانتصارات هي وسيلة لإرضاء الجماهير في حين أن مارفل تُبْطِلُ رواج أنواع الأعمال التي تقوم بها الأقليات والنساء، لكن هذه نقطة مختلفة. وما هو أكثر من ذلك، أن نعت هذه الأفلام بصيغة الوصفة ليس إهانة بقدر ما هو بيان للحقيقة. لقد حصلت مارفل على وصفة لتحويل الفيلم إلى منتج، وهو ما يجعل هذه الأفلام تصمد ضد الإخفاق. تلتزم هذه الأفلام بنموذج جامد بشكل كامل من الناحية الجمالية والناحية السردية. ولا بد أن يتبع مجموعةَ مشاهد المعركة الكبيرة فترةُ سكون، وبعض التحولات الصادمة، والكثير من المزاح، وبعض المشاهد التي تجمع بين التماثيل المتحابة إرضاء للجمهور، عفواً، أقصد الشخصيات - ومن ثم معركة كبيرة نهائية تجمع كل الشخصيات المفضلة عند المعجبين. إن مقارنة سكورسيزي بمدينة الملاهي تناسب تماماً هذا النوع من الترفيه.
ومما يبعث على السخرية، أن ما يمكن للمرء أن يعتبره سينما "حقيقية" وفقاً لتعريف سكورسيزي - السينما التي تحكي قصصاً عن نفسية الإنسان، مثلاً - قد باتت الآن تتقاطع مع أفلام تلك العلامة التجارية. تمكن فيلم الجوكر من تحقيق أرباح كبيرة في شباك التذاكر في الولايات المتحدة من خلال تقديم شخصية محبوبة من القصص المصورة، ولكن تمت معالجتها بطريقة سكورسيزي نفسه. ومهما كانت صفات الفيلم، فإن الاعتماد على جمهور جاهز سلفاً يحمل في ثناياه أخباراً سيئة لصانعي الأفلام ذات المحتوى الأصلي.
انضم سكورسيزي إلى مجموعة متنامية من المعارضين بين النقاد، وربما بين المشاهدين (على الرغم من أن ما يسمى بـ "تعب الامتياز" لم يترجم حتى الآن إلى انخفاض في أرباح شباك التذاكر). في مراجعة شهيرة للجزء الرابع من سلسلة أفلام "مين إن بلاك" هذا الصيف ، قارن الصحافي نيك بينكرتون هذا العمل بفيلم "نهاية اللعبة"، وكتب بسخرية قاتلة أن "مين إن بلاك 4" كان يعتبر فيلماً تجارياً سيئاً بينما اعُتبر "نهاية اللعبة" عملا جيداً. وكتب: "في الحقيقة، الاختلافات النوعية بين الإثنين غامضة لدرجة يصعب ذكرها؛ الأهم هو أن فيلم "مين إن بلاك" للمخرج إف غاري غري أقصر بساعة كاملة من فيلم الأخوين روسو الملئ بنجوم من الأبطال الخارقين، لذا يمكنك الخروج إلى الشارع ومواصلة حياتك بصورة أسرع قليلاً". وتابع بينكرتون قائلاً: "لدي إحساس يزداد قوة بأن هذه الأشياء ليست أفلاماً: إنها عبارة عن محتوى، ومعرّفات رقمية، وتمارين لإدارة العلامات التجارية."
في مواجهة هذا النوع من القدح، مُنح نجوم من امتياز أفلام مارفل مساحة فاترة جداً للرد. قال الممثل روبرت داوني جونيور، الذي استضافه المقدم الإذاعي هوارد ستيرن للرد على الاقتراح القائل بأن هذه الأشياء ليست أفلاماً: "أقصد ، إنها تُعرض في القاعات". بينما قال الممثل صامويل إل جاكسون، في الوقت نفسه: إن "الأفلام تبقى أفلاماً". وهذا كلام سليم.
من جهة أخرى أعلنت شركة مارفل الآن عن "المرحلة الرابعة" في امتيازها الذي تعادل قيمته مليارات الدولارات - ليست هذه الكلمات صاعقة على الإطلاق - بينما أطلقت شركة ديزني خدمة ديزني بلس للبث التدفقي واشترت حقوق أفلام منافسة سابقة مثل "إكس مين"، مما دفع البعض للقلق، ولديهم سبب وجيه في ذلك، من أن الشركة تحكم قبضتها بشكل يضر بهذه الصناعة. يمكن للشركات الضخمة مثل ديزني ومارفل أن تتحمل الصفعة القوية - لكن عليكم أن تقلقوا على الصغار.
© The Independent