لم تكد أزمة التجارة بين أميركا والصين تنفرج، مع توصّل الطرفين نهاية الأسبوع الماضي إلى اتّفاق جزئي بخصوص ملف الحرب التجارية بينهما، حتى خيّمت أزمة عزل الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مجددا على مسار البورصات لتهبط مع بداية افتتاح الأسواق أمس الاثنين بعد ارتفاعات قياسية الأسبوع الماضي.
وقد تصاعدت الأزمة السياسية في واشنطن الأسبوع الماضي، مع اعتقال رجلي أعمال على صلة بمحامي ترمب، رودي جولياني، في وقت يرجح أن يتم التحقيق مع جولياني في قضايا متعلقة بانتهاك القانون في الحملات الانتخابية الرئاسية لسنة 2016، وفي استغلال الرئيس الأميركي نفوذه وسلطته للضغط على رئيس أوكرانيا لفتح تحقيق متعلق بابن منافسه في الانتخابات الرئاسية 2020، جو بايدن.
أزمة العزل
وتركت أزمة العزل الأسواق في حيرة حول مصير الصراع السياسي الأميركي، وكيفية تفاعل المستثمرين معه، خصوصا أن عودة الديموقراطيين إلى البيت الأبيض يعني إمكانية إعادة الضرائب التي خفّضها ترمب على الشركات من 35% إلى نحو 21%، خصوصا أن أغلب المنافسين الديموقراطيين يحملون ملفات لتقليص نفوذ الشركات الكبيرة ورفع الضرائب عليها، في توجّه يتخذ من الدول الأوروبية ذات الاقتصاد الاشتراكي نموذجا.
"رالي" الأسهم لم يستمر
وبعد أن قفزت البورصات فوق 1% في الأسبوع الماضي، عادت للهبوط متأثرة بالأزمة السياسية، حيث تراجع مؤشر "داو جونز"، الذي يقيس الشركات الصناعية، بنسبة 0.11%. وهبط مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، الذي يقيس أكبر 500 شركة أميركية، بنسبة 0.14%. بينما انخفض مؤشر "ناسداك"، الذي يقيس الشركات التكنولوجية، بنسبة 0.1%. ومع أن التراجعات في بداية الأسبوع محدودة، إلا أنها خالفت التوقعات باستمرار "الرالي" بعد أن توصّل المسؤولون الأميركيون والصينيون إلى اتّفاق جزئي، عقب يومين من المباحثات في واشنطن، لحل أزمة التجارة البينية ورفع الرسوم الجمركية التي بدأتها الولايات المتحدة الأميركية في مايو (أيار) الماضي برفعها بنسبة وصلت إلى 25% على الواردات الصينية، ثم تبعتها بكين برفع الرسوم على الواردات الأميركية.
الاتفاق الأميركي الصيني
وتوصل المجتمعون إلى اتفاق يقضي بحل ملفات عدة، تشمل "زيادة بكين المشتريات الزراعيَّة، والتوقف عن استخدام آليَّة خفض عملتها (اليوان) لدعم صادراتها، والإقرار بحماية الملكيَّة الفكريَّة للمنتجات والسلع الأميركيَّة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعرب الرئيس ترمب، الذي يقود هذه الحرب، عن تفاؤله من الاجتماع الثنائي، كما أعلن البيت الأبيض عن تأجيل زيادة جديدة للرسوم الجمركية على البضائع الصينية، ما اعتبر بمثابة انتهاء لخمسة أشهر من الحرب التجارية المفتوحة على كل الاحتمالات بين أكبر اقتصادين في العالم.
وتسرب أمس الاثنين عبر قناة "بلومبيرغ"، ونقلته "رويترز"، أن مصادر مطلعة قالت إن "الصين ترغب في إجراء محادثات في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) على أقرب تقدير للانتهاء من تفاصيل "المرحلة الأولى" من الاتفاق التجاري، وإن الصين قد ترسل وفدا بقيادة ليو خه، نائب رئيس الوزراء الصيني، لوضع اللمسات النهائية على اتفاق مكتوب قد يوقّعه الرئيسان خلال قمة التعاون لدول آسيا والمحيط الهادي المقرر عقدها في تشيلي الشهر المقبل.
حذر من التعثر
وما زال هناك حذر في الأسواق من إشارات التهدئة والاتفاقات الجزئية بين الطرفين الأميركي والصيني، إذ سبق أن ظهرت مؤشرات إيجابية عدة في الأشهر السابقة، لكنها انهارت بين ليلة وضحاها. وهناك ترقب لزيادة جديدة في الرسوم الجمركية على السلع الصينية في ديسمبر (كانون الأول)، ولم يعرف مصيرها بعد.
وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، إن الجولة التالية من الرسوم على الواردات الصينية ما زال من المقرر بدء سريانها في 15 ديسمبر، في حالة عدم التوصل إلى اتفاق بحلول ذلك الحين.
هبوط النفط وصعود الذهب
وترك ذلك التصريح بعض المخاوف، خصوصا في أسواق النفط، حيث هبطت أسعار النفط نحو 2% أمس الاثنين، مع تراجع التفاؤل بإمكانية انتهاء الاتفاق بشكل سريع، ما يعيد الطلب العالمي على النفط إلى مساره ما قبل الحرب التجارية.
وتحدّد سعر التسوية لخام برنت عند 59.35 دولار للبرميل، منخفضا 1.16 دولار بما يعادل 1.92 بالمئة، وأغلق الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط عند 53.59 دولار للبرميل، بتراجع 1.11 دولار أو 2.03 بالمئة.
وعلى العكس، عاد الذهب إلى الارتفاع أمس الاثنين، وإن بصورة طفيفة، حيث زاد الذهب في السوق الفورية 0.3% إلى 1493.91 دولار للأوقية (الأونصة)، بعدما هبط واحدا في المئة الأسبوع الماضي. وصعدت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة 0.7 في المئة إلى 1498.40 دولار.
اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين
يأتي ذلك في وقت يعقد فيه صندوق النقد والبنك الدوليان اجتماعاتهما السنوية في العاصمة الأميركية واشنطن، حيث ستستمر حتى 20 أكتوبر الحالي، وستكون قضايا الحرب التجارية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي وتأثيرها على النمو على رأس المباحثات هذه السنة، إلى جانب قضايا أخرى.