أظهر بحث أخير أنّ معدل البطالة في بريطانيا سيصل إلى نحو ثلاثة أضعاف الأرقام التي تشير إليها البيانات الرسميَّة، إذا احتسب الأشخاص الذين يعانون "بطالة خفية". ويُلقي التقرير الذي أعدّ بالمشاركة بين "منظمة التعاون الاقتصاديّ والتنمية" و"مركز المدن"، وهو مركز أبحاث بريطانيّ، ظلالاً من الشك على المرونة التي طالما قيل أن سوق العمل في بريطانيا يتمتع بها، منذ الاستفتاء على خروج المملكة المتحدّة من الاتحاد الأوروبيّ 2016 أو ما يُعرف بـ"استفتاء الاتحاد الأوروبيّ".
في التقرير، يقدِّم الباحثون تعريفاً للأشخاص المُدرجين ضمن البطالة الخفيّة بإنّهم أفراد لا يبحثون عن وظيفة لأنّهم يعتقدون ألا وظائف متوافرة في أماكن إقامتهم، أو بسبب معاناتهم مشاكل في الصحّة، أو إعاقات متنوعة. كذلك يشير الباحثون إلى بحث سابق في هذا الشأن أجرته "منظمة التعاون الاقتصاديّ والتنمية" يوضح أنّ بعض الذين يكابدون مشاكل صحيَّة أو حالات عجز، سيكون بمقدورهم العمل في حال وُضعت ترتيبات معينة تصبّ في مصلحتهم على غرار ساعات عمل مرنة أو العمل عن بُعد، كي تكون خياراً متاحاً إمامهم.
وفي المقابل، يتعامل خبراء الإحصاء في حكومة المملكة المتحدة مع النوعين المذكورين آنفاً من الأشخاص المندرجين ضمن البطالة الخفية، بوصفهم أفراداً غير نشطين اقتصادياً ولا يدرجونهم ضمن العاطلين عن العمل، ما يعني أن أولئك الخبراء لا يلاحظون السبب الذي يحمل بعض الناس على عدم البحث عن وظيفة.
وفي الإطار عينه، ذكر "مركز المدن" يوم الخميس الفائت، أنّه "عند إضافة من يعانون بطالة خفية إلى الإحصاءات الرسميَّة عن البطالة، سيقفز عدد العاطلين عن العمل ممن هم في سن العمل (وغير المنخرطين في التعليم)، من 4.6 في المئة إلى 13.2 في المئة".
وأضاف ذلك المركز أنّ "هذا الواقع يطعن في صحة الادعاء الذي يقول إنّ بريطانيا شهدت "معجزة" إيجاد الوظائف في السنوات الأخيرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يُذكر أن معدل البطالة الرسميّ في بريطانيا بلغ 4.6 في المئة في أوائل عام 2017. واستخدم الباحثون هذا الرقم لأن البيانات الأخرى في التقرير تعود أيضاً إلى عام 2017. وكذلك يصل معدل البطالة (مع إضافة "الخفية" منها) في المدن ذات الاقتصادات الضعيفة مثل ليفربول ودندي وسندرلاند، إلى قرابة 20 في المئة، وفقاً للتقرير.
في هذا السياق، لفت أندرو كارتر الرئيس التنفيذيّ لـ"مركز المدن"، إلى أن البحث الأخير أنّ الناس في المدن التي كافحت من أجل التعافي من تراجع التصنيع في القرن العشرين، ربما باتوا عرضة لضربة ثانية لأنهم غير مهيئين للاستجابة لعملية الأتمتة (في النشاطات الاقتصادية)".
في اختلاف آخر عن الإحصاءات الرسميّة، يستبعد الباحثون من معدل البطالة الإجماليّ الأشخاص غير النشطين اختيارياً أو لأسباب غير اقتصادية أخرى، على وجه التحديد الطلاب والمتقاعدين مبكراً ومَن يرعون الأطفال أو الأقارب أو يهتمّون بالمنزل.
وجاء في كلام الباحثين، "كونك طالباً أو متقاعداً في وقت مبكر أو ترعى أسرتك أو المنزل، فذلك لا يرتبط بالضرورة ارتباطاً مباشراً بالأداء الاقتصاديّ للمنطقة المحليّة التي يعيش فيها الناس ويعملون".
ومثلاً، ربما ترك معظم المتقاعدين مبكراً العمل لأنّ لديهم إمكانات مادية وبمقدورهم تحمّل تلك الخطوة، بحسب رأي أولئك البحّاثة.
© The Independent