على الرغم من مرور 50 يوماً على تشكيل حكومة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك ووعدها مواطنيها لدى استلامها مهماتها، بإصلاح اقتصادي سريع من خلال وصفة تناسب وضع البلاد، إلاّ أنّ الوضع الاقتصادي يشهد تدهوراً مستمراً بسبب ارتفاع سعر الدولار بشكل كبير مقابل الجنيه السوداني، ما أحدث تململاً في الشارع، لعجزه عن مواكبة موجة الغلاء الطاحنة التي تضرب الأسواق، بخاصة السلع الأساسية.
ضغوط وأعباء
زيادة الإنتاج
وأوضح المحلل الاقتصادي عز الدين فضل لـ "اندبندنت عربية" أن "الاقتصاد السوداني بحاجة إلى خطة محكمة تعتمد على زيادة الإنتاج في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة ووقف صادرات الخام باستثناء صادر الهدي (الأضاحي)، إضافةً إلى النجاح في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وكبح جماح الفساد"، مشيراً إلى أنه "من المهم أيضاً جلب مدخرات وتحويلات المغتربين السودانيين التي تتفاوت ما بين 6 إلى 8 مليارات دولار سنوياً". وأكد فضل على أهمية استقرار سعر الصرف وتثبيت القيمة الفعلية للجنيه، لافتاً إلى أن "الحاجة تظل ملحّة إلى إعادة هيكلة الدعم أو إعادة توجيهه عبر تحديد الفقراء الذين يستحقّونه وتخصيص دعم مالي مباشر لهم، ومن ثم بالإمكان اتخاذ قرار برفع الدعم عن السلع، لكنّ رفعه مباشرة سيؤدي إلى ارتفاع التضخم الذي يبلغ 19 في المئة. وبالتالي، ليس لدى الحكومة خيار سوى أن تصبر على الوضع الاقتصادي بصورته المشوهة حالياً لمدة سنة على الأقل، حتى تتأكد من التقدم في الإنتاج، لتتجه بعد ذلك إلى الدعم والعمل على وصوله إلى الفئات المستحِقة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أزمات معيشية
وأعدت الحكومة الانتقالية برنامجاً اقتصادياً إسعافياً من ثلاث مراحل يغطي الفترة بين عامَي 2019 و2030، تبدأ المرحلة الأولى من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وتستمر حتى يونيو (حزيران) 2020، وتركز على معالجة الوضع الاقتصادي وعجز الموازنة وهيكلة الجهاز المصرفي.
أما المرحلة الثانية فتستمر بعد ذلك حتى ديسمبر (كانون الأول) 2020، وتُعنى بحشد الجهد المالي لتعزيز الموارد والإيرادات لتصل إلى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتشدّد على تأكيد ولاية وزارة المالية على المال العام، وتوحيد سعر صرف الجنيه، والانتقال من دعم السلع إلى دعم المواطن عبر شبكات الضمان الاجتماعي. وتبدأ المرحلة الثالثة والأخيرة بعد ذلك ويكون تركيزها على تقليل الاستدانة من النظام المصرفي، وترشيد الإنفاق مع مراجعة بنود الموازنة وإدارة السيولة عبر برنامج حساب الخزانة الواحد، وذلك بشمول الصناديق المالية والهيئات العامة والشركات الحكومية.
قائمة الارهاب
وكان حمدوك أجرى في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، محادثات وُصِفت بالـ "مفيدة" مع مسؤولين أميركيين أثناء وجوده في الأمم المتحدة وعبّر عن أمله في أن تتوصل الخرطوم قريباً جداً إلى اتفاق لرفع البلاد من قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب.
ومعلوم أن الإدارة الأميركية وضعت السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب عام 1993 خلال ولاية الرئيس السابق بيل كلينتون، ما حدّ من قدرته على الحصول على تمويل من مُقرضين مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إضافةً إلى الحد من قدرته على جذب الاستثمارات الأجنبية، ما أسهم في فصل البلاد عن الأسواق المالية وخنق اقتصادها. وفي السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 2017، رفعت الإدارة الأميركية بعض العقوبات الاقتصادية عن السودان التي استمرت نحو 20 سنة، وذلك من خلال خطة من خمسة محاور يتّبعها السودان بالتعاون مع الولايات المتحدة، تتضمن تحسين جهود مكافحة الإرهاب وتسيير السودان دوريات على الحدود مع ليبيا لمكافحة تدفق الإرهابيين ومنع تهريب الأسلحة وغيرها من النشاطات غير المشروعة.