32.5 ألف دولار هي نصيب الفرد من الديون في العالم، بينما تجاوز حجم الديون ثلاثة أضعاف حجم نمو الناتج المحلي عالميا في النصف الأول من 2019، ويساوي كل ما ينتجه العالم من سلع وخدمات أقل من 33% حجم الديون، السؤال الذي يدور في أذهان كثير من المستثمرين حول العالم هو من أين ستأتي الضربة للاقتصاد هذه المرة؟ بعد أن تجمعت الإشارات الدالة على الركود من تباطؤ اقتصادي إلى انعكاس في منحنى العائد في سوق السندات ونشوب حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم "واشنطن وبكين"، إضافة إلى ارتفاع الديون ذات العائد السالب إلى 17 تريليون دولار. ومع انخفاض معدلات الفائدة عالميا تضخمت أسعار الأصول المالية؛ مثلا ارتفع مؤشر "داو جونز" فوق مستوى 28.000 نقطة للمرة الأولى في تاريخه أمس الأول.
ظواهر الأزمة في أعلى تجلياتها ظهرت في سوق الدين الأميركية عندما ارتفعت الفائدة على الريبو إلى مستويات قياسية في منتصف شهر سبتمبر (أيلول) 2019، إذ ارتفعت الفائدة على الإقراض قصير الأجل في سوق الدين الأميركية إلى 10%، مما دفع الفيدرالي إلى ضخ سيولة في الأسواق ابتداءً من 17 سبتمبر 2019، وارتفعت تدريجيا إلى أن بلغت 120 مليار دولار في اليوم، وتراجع سعر الفائدة على القروض قصيرة الأجل إلى 1.64% أمس الأول. لكل الأسباب أعلاه الأسواق المالية شديدة الحساسية للأخبار المرتبطة بالديون وشح السيولة وأزمة أي من المصارف العالمية الكبرى.
معهد التمويل الدولي يدق ناقوس الخطر بشأن الديون
معهد التمويل الدولي، وهو رابطة أو منتدى تبلغ حجم عضويته 450 عضوا من 70 دولة، وتهتم هذه الرابطة بدعم القطاع المالي عبر إدارة المخاطر (كما تقول نشرات المعهد)، أشار في تقريره الذي صدر الخميس الماضي، إلى ارتفاع حجم الديون حول العالم إلى 250 تريليون دولار وهذا يعادل 320% من الـGDP العالمي، وبلغت الزيادة في حجم الديون 7.5 تريليون دولار في الست أشهر الأولى من 2019، واستحوذت كل من الولايات المتحدة الأميركية والصين على 60% من هذه الزيادة ، وارتفعت ديون الأسواق الناشئة إلى 71.4 تريليون دولار وهذا يعادل 220% من الـGDP للاقتصادات الناشئة.
وتوقع معهد التمويل الدولي أن ترتفع الديون السيادية إلى 70 تريليون دولار في هذا العام 2019 من مستوى 65.7 تريليون دولار في 2018، كما توقع ارتفاع إجمالي الديون إلى 255 تريليون دولار بنهاية 2019، وأشار إلى أن زيادة الديون السيادية وديون الشركات غير المالية تسببت في هذا الارتفاع الكبير.
وعلى صعيد الديون، وفي تقرير حديث للفيدرالي الأميركي تم نشره أمس الأول، عن الاستقرار المالي، جاء في التقرير أن "ديون الشركات الأميركية المرتفعة تشكل أحد مهددات سلامة النظام المالي"، وصرحت لايل بربنارد، أحد مديري الفيدرالي، أن وضع قروض الشركات في غير القطاع المالي يحتاج إلى مراقبة للمخاطر التي تحملها هذه القروض ويبلغ حجمها 1.1 تريليون دولار. وعليه تشكل الديون السيادية وديون الشركات غير المالية المخاطر التي تحيط بالاقتصاد العالمي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بنك دويتشه يتعرض لغرامات مليارية وخسائر كبيرة
في أبريل (نيسان) 2015 صُدمت الأسواق بفضيحة التلاعب بسوق أسعار الفائدة التي حدثت إبان الأزمة المالية العالمية، وبعد تحقيق وتقصٍ استمر سبع سنوات تم فرض غرامات مالية على مصارف عالمية بلغت 8.5 مليار دولار، كان نصيب عملاق المصارف الأوروبية بنك دويتشه 2.5 مليار دولار، فرضها كل من أميركا 2.12 مليار دولار، وبريطانيا 340 مليون دولار، وفي نوفمبر 2019 اضطر البنك إلى دفع غرامة مالية قدرها 258 مليون دولار لخرقه العقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة على عدد من الدول من بينها إيران، وسوريا، وليبيا والسودان، وخلال الفترة بين (1999-2006) قام البنك بإجراء مقاصة لتحويلات مالية لهذه الدول، وفي 2017 توصل إلى تسوية مالية بـ7.2 مليار دولار مع وزارة العمل الأميركية عن بيع أدوات مالية مسمومة قبل الأزمة المالية العالمية في 2008، أيضا في 2017 تم فرض غرامة على البنك في أميركا قدرها 630 مليون دولار بعد فشل البنك في حماية نظام التداول من 10 مليارات دولار في شبه عمليات غسل أموال.
وفي يوليو (تموز) 2019 أعلن البنك خسارة للفصل الثاني بلغت 3.5 مليار دولار (أكبر خسارة فصلية منذ الأزمة المالية العالمية في 2008)، كما أعلن خطوات إعادة هيكلة وتحول، من ضمنها تسريح 20% من قوة العمل في البنك البالغ عددها 18.000 موظف، وبحلول 2022 متوقع أن تكلف البنك أكثر من 7 مليارات دولار، كما خسر البنك أكثر من 4.4 مليار دولار خلال ستة أشهر من مارس (آذار) 2019 - سبتمبر (أيلول) 2019.
مع استمرار الضغوط على البنك تراجعت أسهم البنك في بورصة نيويورك في سبتمبر 2008، وكان السهم الواحد يتداول فوق مستوى 40 دولارا، ومنذ عام 2011 لم يتداول السهم فوق الـ40 دولارا، وخلال عام 2019 الحالي لم يتداول السهم فوق الـ10 دولارات، ومنذ مايو (أيار) 2019 يتداول تحت مستوى 8.00 دولار، هذه الضغوط المستمرة وضعت البنك داخل دائرة الشائعات والتكهنات باقتراب سقوطه.
شائعات إعلان إفلاس بنك دويتشه
في أزمة 2008 بنك ليمان براذرز كان هو قاصم ظهر النظام المالي، وفي 15 سبتمبر 2008 سقط أحد أعرق البنوك الاستثمارية في أميركا بعد 158 عاما (1850-2008)، بعد أن رفضت الإدارة الأميركية حينها إنقاذ البنك، وكان ليمان براذرز أسس في عام 1844 من قِبل مهاجرين أشقاء من ألمانيا في مونتغمري بولاية ألاباما، وبعد أكثر من 11 عاما على انهياره يواجه بنك دويتشه أزمات متلاحقة، فهل سيعيد بنك دويتشه الألماني هذا الكابوس للنظام المالي؟
انتشر الكثير من الشائعات بداية هذا الشهر بأن البنك على وشك أن يتقدم بطلب الإفلاس، ومثل هذه الشائعة مفزعة للأسواق لضخامة محفظة البنك من المشتقات المالية التي تبلغ 49 تريليون دولار بنهاية 2018، ما يعادل تقريبا 13 ضعفا مما تنتجه ألمانيا من سلع وخدمات في العام، وأيضا للتعقيدات التي تحيط بالقطاع المصرفي في منطقة اليورو، ومع الفوائد السلبية تصبح الخدمات المصرفية أقل ربحية، وعليه سيواجه دويتشه صعوبات كبيرة بشأن الحصول على السيولة، مع تولي السيدة كريستين لاغارد قيادة المصرف المركزي الأوروبي.
ومن المتوقع أن تزداد القيود على القطاع المصرفي الأوروبي، مقارنة بالقطاع المصرفي في كل من بريطانيا وأميركا، وتخضع منطقة اليورو البنك المركزي لكثير من القيود والتوازنات بشأن صناعة القرار، مع زيادة مخاطر الركود تراقب الأسواق تطورات أزمة القطاع المصرفي في منطقة اليورو.