فوجئ أنصار "حركة النهضة" التونسية، والرأي العام السياسي، باستقالة الأمين العام والنائب بالبرلمان زياد العذاري، والتخلي عن كل مسؤولياته داخل الحركة الإسلامية.
أضاف العذاري، في بيان أصدره مساء الخميس 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن "القرار لم يكن سهلاً ولكنه وجد نفسه مضطراً للتخلي عن كل مسؤولية حزبية أو حكومية، لأنه غير مرتاح البتة للمسار الذي أخذته البلاد منذ مدة، لا سيما بعض القرارات الكبرى للحزب في الفترة الأخيرة"، مضيفاً أنه لم ينجح في إقناع مؤسسات الحزب في قضايا قال إنه يراها مصيرية وفي لحظة مفصلية بتفادي خيارات لا يراها جيدة للبلاد، كما لم يقتنع بخيارات أخذتها مؤسسات الحزب وآخرها ملف تشكيل الحكومة الجديدة.
انفعال ونقد
وأظهر بيان العذاري أنه كان منفعلاً لعدم تكليفه بتشكيل الحكومة، خصوصاً أنه كان يعتبر الابن المدلل لراشد الغنوشي الذي اصطفاه وفرضه في عدد من الوزارات، إذ يرى "أن حصول النهضة على رئاسة البرلمان يقتضي الذهاب في الحكومة إلى شخصية انفتاح مستقلة مشهود لها بأعلى درجات الكفاءة والنزاهة والجرأة، تطمئن وتجمع أوسع طيف ممكن من التونسيين وتكون قادرة على استعادة الثقة في الداخل وتعزيز إشعاع تونس في الخارج".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب تسريبات من داخل الحزب الإسلامي، فإن العذاري الذي كان أحد المرشحين لتولي رئاسة الحكومة، تأكد له بعد تكليف الحبيب الجملي أنه لن يكون في الحكومة الجديدة بعد أن أعدت الحركة أسماء مرشحيها الذين ستقترحهم على رئيس الحكومة المكلف، وكلهم من الذين لم يسبق لهم الانتماء إلى الحكومات المتعاقبة ابتعاداً من إمكانية رفضهم من الأحزاب المشاركة في الحكومة.
استقالة غير مهمة
هذا الرأي عبّر عنه عبد اللطيف المكي، القيادي في "النهضة"، ويُعرف بقيادة التيار الإصلاحي في الحركة الذي يجاهر بمعارضته لنهج راشد الغنوشي، والذي قال "الاستقالة شأن خاص بصاحبها، إذ تمت كل الخيارات المتعلقة بملف رئيس الحكومة داخل مجلس الشورى، والحبيب الجملي حصل على نسبة تصويت عالية جداً ولا وجود لما يبرر أي تحفظ ويبقى لكل شخص حريته في التعبير عن رأيه ".
من جهة أخرى، رأى المحلل السياسي نور الدين المباركي أن "زياد العذاري لم يكن رجلاً قوياً داخل "حركة النهضة" على الرغم من خطته كأمين عام، فعدد من أعضاء المكتب التنفيذي، وحتى خارجه، لهم تأثيرهم التنظيمي والسياسي أكثر منه، غير أن استقالته في هذا التوقيت، وشرح الأسباب التي قدمها، يشيران إلى أن حركة النهضة أصبحت تجد صعوبة حقيقية في إدارة الحوار والخلافات داخلها".
والتقليل من أهمية وتداعيات استقالة العذاري على مستقبله أشار إليها الإعلامي والخبير في أحزاب الإسلام السياسي منذر بالضيافي قائلاً "استقالة غير مهمة، ولن يكون لها ما بعدها، لشخصية عادية وعادية جداً، في حركة غير عادية مثل "النهضة"، لكن، هذا لا ينفي وجود صراعات وخلافات وتناقضات داخل الحركة".
هجوم فيسبوكي
استقالة العذاري وانتقاده للحركة، حركا هجوماً فيسبوكياً ضده من بعض أنصار الحركة، وتم نشره على صفحات قيادات بارزة، وجرى وصف العذاري بالوزير الفاشل الذي كان نكرة في الحزب ووصل إلى قيادة "النهضة" بدعم من رئيسها راشد الغنوشي، وقيل إن فشل العذاري سيجعل الأحزاب الأخرى ترفض حضوره في التركيبة المقبلة للحكومة.
ومن المنتظر أن يخصص مجلس شورى الحركة الذي سيجتمع الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) حيزاً لدراسة استقالة الأمين العام، ولو أن نقاطاً أكثر أهمية ستحجب هذه "المسألة الشخصية"، ومنها تركيبة وزراء الحركة التي سيتم تقديمها إلى رئيس الحكومة المكلف، لا سيما بعث لجنة لإعداد المؤتمر المقبل للحركة الذي من المنتظر أن ينعقد الربيع المقبل، في وقت يسعى بعض الأطراف إلى تأجيله وتعديل النظام الداخلي للحزب بما يتيح الإبقاء على راشد الغنوشي مدة جديدة.