ذكر تقرير حديث أن البنوك العالمية تتجه إلى خفض أكثر من 70 ألف وظيفة بحلول نهاية العام الحالي، بقيادة البنوك الأوروبية التي تمتلك معدلات فائدة سالبة تضغط على إجمالي أرباح وعائدات البنوك التي تحولت إلى الخسائر خلال الفترات الماضية.
وأعلنت بنوك عالمية عدة، أخيرا، عن خطط لتسريح 73.4 ألف موظف بنهاية العام الحالي، منهم 86% في أوروبا فقط، وفقاً لما ذكره تقرير حديث أعدته وكالة "بلومبيرغ".
وجاء ذلك بعدما أعلن البنك الإيطالي "يوني كريديت" خطته لخفض 8 آلاف وظيفة ضمن استراتيجية إعادة هيكلة. ويعادل حجم الوظائف المقرر خفضها ما يزيد على 9% من إجمالي القوى العاملة في البنك وسط سعيه للحصول على موافقة تنظيمية لأول عملية إعادة شراء أسهم في عقد.
وتأتي عمليات خفض الوظائف الكثيرة، بخاصة في أوروبا، مع معدلات الفائدة السالبة والنزاعات التجارية الدولية التي تضغط على البنوك وتدفعها لخفض التكاليف. وتعيش منطقة اليورو في بيئة من معدلات الفائدة السالبة خلال السنوات الماضية، حيث تسجل الفائدة على الودائع مستوى -0.5%، لتصبح ثاني أقل فائدة في العالم بعد سويسرا والدنمارك عند مستوى -0.75%.
ويؤدي خفض معدلات الفائدة إلى تراجع أرباح القروض المقدمة من المصارف، خصوصاً إذا عرضت عوائد أعلى على الودائع لجذب الزبائن.
أحد أكبر مصارف إيطاليا يقلّص نفقاته
وأعلن بنك "يوني كريديت" عن خطة جديدة لخفض نحو 8 آلاف وظيفة في سياق خطة إعادة هيكلة وسط مساعي أكبر مصرف إيطالي للحصول على موافقة تنظيمية لأول عملية إعادة شراء أسهم في عقد. وأعلن البنك الإيطالي عبر خطة استراتيجية مدتها 4 أعوام، أنه يعتزم إغلاق 500 فرع كذلك وإنشاء شركة قابضة وسيطة جديدة لكافة أعماله بالخارج. وتهدف هذه الخطوة إلى تقليص متطلبات رأس مال المجموعة.
وأوضح "يوني كريديت"، في بيان عبر موقعه الإلكتروني، أن عملية إعادة شراء الأسهم البالغة نحو 2 مليار يورو (2.2 مليار دولار) تخضع لموافقة الجهات التنظيمية. وحدّد البنك، الذي يتخذ من ميلانو مقراً له، أهدافه الجديدة عن الفترة من عام 2020 وحتى عام 2023، والتي تتمثل في تعزيز مكافآت المستثمرين من خلال مزيج من توزيعات الأرباح وإعادة شراء الأسهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعادل حجم الوظائف التي سيتم تقليصها ما يزيد على 9% من إجمالي القوى العاملة في البنك، والتي ستأتي جزئيا من إغلاق الفروع. كما أعلن "يوني كريديت" عن عملية إعادة شراء منفصلة تعادل 10% من أرباح عام 2019. وتتزامن خطة إعادة الهيكلة مع إشارات حول معاناة المصرف الإيطالي لتعزيز نموه في ظل عصر معدلات الفائدة السالبة.
وقال الرئيس التنفيذي للبنك الإيطالي، جان بيير موستير، إن أهداف الخطة واقعية وقابلة للتحقيق كونها تعتمد على مجموعة واقعية من افتراضات الاقتصاد الكلي، والتي تكون أكثر تحفظاً من تلك التي تفترضها السوق. وتعني خطة إعادة شراء الأسهم البالغة نحو 2 مليار يورو (2.2 مليار دولار) أن البنك سيرفع من توزيع رأس المال هذا العام إلى 40% من صافي الربح الأساسي من الخطة الأصلية البالغة 20%، على أن ترتفع إلى 50% خلال العام 2023.
كما تعهد البنك تسريع خطته لتخفيض الديون المعدومة، عبر خفض القروض المتعثرة إلى أقل من 9 مليارات يورو بحلول نهاية العام الحالي، على أن تقل عن 5 مليارات يورو بنهاية عام 2020. وأكد توقعاته بأن يسجل البنك صافي دخل بقيمة 4.7 مليار يورو هذا العام و5 مليارات يورو في عام 2023، على الرغم من الرياح المعاكسة من معدلات الفائدة السالبة.
"بريكست" يضغط على أعمال "إتش إس بي سي"
وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلنت مجموعة "إتش إس بي سي" المصرفية البريطانية، أنها تعتزم إلغاء نحو 10 آلاف وظيفة جديدة، بعد شهرين من استقالة مديرها التنفيذي المفاجئة، والإعلان عن إلغاء 4 آلاف وظيفة، في ظل تحديات بريكست، والحرب التجارية ومعدلات الفائدة المنخفضة.
وذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن عمليات التسريح ستطال بشكل رئيس وظائف مرتفعة الأجر، وتأتي في إطار حملة جديدة لخفض التكاليف يقودها المدير التنفيذي الجديد، نويل كين، خليفة جون فلينت الذي استقال مطلع أغسطس (آب) الماضي.
وذكر مصدر للصحيفة "نعلم منذ سنوات أن علينا أن نقوم بأمر ما بشأن تكاليفنا التشغيلية، والتي يشمل جزء كبير منها الموظفين"، وأضاف "تجري حالياً عملية إعداد نماذج شديدة الصعوبة. نتساءل لماذا لدينا هذا العدد من الموظفين في أوروبا، فيما لدينا عائدات مكونة من رقمين في بعض الأجزاء من آسيا".
ومطلع شهر أغسطس (آب) الماضي، أعلنت المجموعة البريطانية عن الاستقالة المفاجئة لمديرها التنفيذي جون فلينت بعد 18 شهراً فقط من تسلمه المنصب، من دون أن تعطي سبباً محدداً لقراره. وفي الوقت نفسه، كشفت عن عزمها إلغاء 4 آلاف وظيفة، معظمها وظائف إدارية، في إطار عملية إعادة هيكلة جديدة تهدف إلى التصدي للاضطراب الاقتصادي العالمي.
لكن، وعلى الرغم من هذه الخطوات، ارتفع الربح الصافي للمجموعة في الربع الأول من العام بنسبة 18.6%، بالمقارنة مع العام الماضي، ليبلغ 8.5 مليار دولار.
"دويتشه بنك" وأكبر خطة إلغاء وظائف في 2019
وفي يوليو (تموز) الماضي، أعلن "دويتشه بنك" تنفيذ واحدة من أكبر عمليات الإصلاح في بنك استثماري منذ توابع الأزمة المالية العالمية، والتي تتضمن خفض 18 ألف وظيفة عالميا، باستبعاد أطقم كاملة من عملياته في آسيا.
وأعلن البنك عن خطة جديدة لخفض الوظائف في إطار خطة إعادة هيكلة ستصل تكلفتها في النهاية إلى 7.4 مليار يورو (8.3 مليار دولار)، وستشهد تراجعا عن عمل استمر لسنوات، استهدف جعل بنكه الاستثماري قوة كبيرة في وول ستريت. وفي إطار الإصلاح، سيتخلى البنك عن أنشطته للأسهم العالمية، وسيقلص بعض العمليات في خدمات الدخل الثابت، وهو مجال اُعتيد اعتباره إحدى أكبر نقاط قوته.
ولم يعطِ "دويتشه بنك" تفصيلا جغرافيا لخفض الوظائف، لكن من المتوقع على نطاق واسع أن تكون الغالبية العظمى في أوروبا والولايات المتحدة. لكن وعلى الرغم من ذلك، بدأ الخفض العالمي بتقليص عدد الوظائف في سيدني وهونغ كونغ ومناطق أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، أعلن مصرف "كوميرزبنك"، وهو ثاني مقرض ألماني، أنه يعتزم إلغاء ما يساوي 4300 وظيفة بدوام كامل، أي عُشر موظفيه، وإغلاق 200 فرع في إطار عملية إعادة الهيكلة.
نظرة سلبية لمستقبل البنوك في بريطانيا
في سياق متصل، خفضت وكالة "موديز" نظرتها المستقبلية للنظام المصرفي البريطاني من "مستقرة" إلى "سلبية"، في ظل عدم اليقين بشأن البريكست، والذي يضغط على آفاق النمو الاقتصادي للبلاد.
وذكرت الوكالة، في تقرير حديث، أنها قررت خفض النظرة المستقبلية للنظام المصرفي في المملكة المتحدة مع تدهور البيئة التي تضغط على جودة أصول البنوك وربحيتها. وأوضحت أن بيئة معدلات الفائدة المنخفضة بالإضافة للمنافسة المتزايدة في سوق الرهن العقاري تسهم في تآكل صافي هوامش الفوائد للبنوك، والتي تعني الفارق بين تكاليف الاقتراض والفائدة التي تدفعها مقابل الحصول على قرض.
وقالت "موديز" إن الاقتصاد البريطاني آخذ في الضعف، الأمر الذي يجعله أكثر عرضة للصدمات، كما أن حالات عدم اليقين المطولة بشأن البريكست قللت من آفاق النمو الاقتصادي للبلاد. وأشارت إلى أن تلك الصعوبات ستفوق رأس المال القوي للقطاع والسيولة الاحتياطية.
وتوقعت "موديز"، في تقريرها، تدهور معتدل في ربحية البنوك مع استمرار التحديات المتمثلة في بيئة معدلات الفائدة المنخفضة، إضافة إلى المنافسة الصعبة في أسواق الرهن العقاري.