أجريت انتخابات مجالس المقاطعة الأسبوع الماضي في هونغ كونغ، بمعدل إقبالٍ مرتفع لم يسبق له مثيل، بلغ نحو 71 في المئة. وكما كان متوقّعاً، حقّقت الجبهة المؤيّدة للديمقراطية انتصاراً ساحقاً وسط استمرار الحركة المناهضة لقانون تسليم المطلوبين إلى الصين.
ورأى البعض إن مثل هذا الانتصار الكبير قد يبشّر بمرحلة جديدة في مقاطعة هونغ كونغ. وبعدما وقّعت الولايات المتحدة "قانون حقوق الإنسان والديمقراطية في هونغ كونغ"، تسارعت خطى الدعم الدولي المتعاظم لما تقوم به الحركة. وساد شعور، إلى حد ما، أكثر تفاؤلاً في المدينة مقارنةً بالأيام السابقة.
ولا يمكن طبعاً إنكار أن الفوز الساحق الذي تحقّق في الانتخابات المحلية هو أمر مشجّع. فالتطوّر يبعث برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أن المعسكر المؤيّد للديمقراطية يتمتع بأغلبية في هونغ كونغ. وغني عن القول إن المساعدة التي تلقّاها هذا المعسكر من العالم الحرّ منذ اندلاع الحركة المناهضة لقانون تسليم المطلوبين، لها أهمية قصوى بالنسبة إلى حياتنا الديمقراطية.
ففي المملكة المتحدة، لم يعرب سياسيّون في البرلمان البريطاني عن قلقهم على حقوقنا الإنسانية فحسب، بل قطعوا مسافة طويلة وجاؤوا إلى هونغ كونغ من أجل إظهار دعمهم للحركة. ويتمتع مواطنو المقاطعة بعلاقة وثيقة مع بريطانيا، وقد أثبتت تلك العلاقة أنها طوق نجاة وسط هذه الفوضى القائمة. ومن دون هذا الدعم، ربما لم نكن لنتمكّن من تحقيق النصر الرائع في الاستحقاق الانتخابي.
وطوال مدة الانتخابات، نبّهت الحركة بكين بصرامة إلى وجوب التزامها المبدأ القائل بـ "دولة واحدة ونظامين"، على نحو ما التزمت العاصمة الصينية خلال مفاوضاتها مع المملكة المتّحدة، وبوجوب ألا تحاول أبداً فرض الأنظمة الصينية القانونية والسياسية على هونغ كونغ. فالاحترام المتبادل هو الجوهر الأساسي لتنفيذ القانون ومقاربة النظامين. ومن دونه، فإننا سنواصل طلب المساعدة الدولية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من الآمال المعقودة على المقاومة السياسية، إلا أن مستقبلنا لا يزال ملبّداً بشكل عام. فمن الناحية الإحصائية، لا يزال المعسكر المؤيّد لبكين، كما كانت الحال عليه في الانتخابات السابقة، يستحوذ على نحو 40 في المئة من إجمالي عدد أصوات المقاطعة. وذلك في رأيي، على الرغم من الاضطرابات التي نجمت عن استخدام القوة وقرارات الحكومة البلهاء خلال الأشهر القليلة الماضية.
وتظهر هذه النسبة الأهمية الكبيرة لأنصار المتشدّدين المؤيّدين للحكومة المدعومة من بكين. وعلى الرغم من خلافاتنا، فإننا لن نشعر أبداً بالازدراء تجاه هذه "الأقلية" الكبيرة. فعلى الرغم من كلّ شيء، ستظلّ كفة القوى الموالية للمؤسّسة على المدى الطويل هي الراجحة إذا ما خفّت المشاركة في الاحتجاجات، وإذا زاد المرشحون الموالون لبكين التلاعب في الانتخابات. وهذا ما حصل في الانتخابات السابقة لمجالس المقاطعة في العام 2007.
فبعد نزول نحو نصف مليون شخص من أبناء هونغ كونغ إلى الشوارع واحتجاجهم على قانون الأمن القومي في العام 2003، فاز المعسكر المؤيّد للديموقراطية بأغلبيةٍ في انتخابات مجالس المقاطعة في العام نفسه أيضا. لكن في النهاية، فترت الحماسة واستبدلت الكتلة المؤيّدة لبكين وحملتها الانتخابية وخبراء التنسيق لديها، المعسكر المؤيّد للديموقراطية، بمرشّحين "حمر" (نسبة الى الحزب الشيوعي الصيني) تابعين لها في انتخابات المجالس المحلية بعد أربع سنوات. وهذا يجب أن يكون بمثابة تذكير لنا بوجوب عدم الانشغال عن الهدف بانتصارات سطحية كتلك التي حصلت.
كذلك، على الرغم من أنه من المشجع للغاية أن نرى دعماً لـ "قانون حقوق الإنسان والديموقراطية في هونغ كونغ"، فلا توجد أي ضماناتٍ بأن الولايات المتحدة ستبدأ على الفور إجراء تحقيقٍ في ما حصل، وفرض عقوبات فردية على كبار المسؤولين الذين ينتهكون حقوق الإنسان بشكل متكرّر في المقاطعة. هذه المخاوف تدفعنا إلى التفكير في الردّ على سؤال واحد: أين سنكون بعد أن ينتهي كل هذا؟
والمعركة في الأشهر السابقة لم تخض من أجل نصر انتخابي فحسب أو إنجاز في العلاقات الدولية. فانتخابات المجالس المحلية والضغط الدولي هما بالتأكيد جانب من جوانب قضيتنا، لكن الرفاق الذين يضحّون بحياتهم وحريتهم في هذه الحركة، مثل لينغ كيت لونغ وتسيلوك تشو، يناضلون من أجل فكرة واحدة هي تحقيق مطالبنا الخمسة. فنحن نتوق إلى الديموقراطية والعدالة. لذلك، لا تزال أمامنا طريق طويلة، ولن نحوّل طرفنا أبداً عن أهدافنا بسبب انتصارات صغيرة مثل هذه.
وكما قال رئيس وزرائنا السابق، ونستون تشرشل، في 1942: "هذه ليست النهاية. انها ليست حتى بداية النهاية. لكن ربما تكون نهاية البداية"، فنحن نرغب في أن نوجّه نداءً إلى أصدقائنا القدامى في المملكة المتحدة، للتعاون معنا مرة أخرى من قرب، في هذا الصراع الدائم حتى بلوغ مطالبنا الخمسة.
(شارك في كتابة هذا المقال جوشوا وونغ وبيلي فانغ)
© The Independent