هل كان أي من أفلام العميل السري جيمس بوند محفوفاً بالمخاطر أكثر من فيلم "لا وقت للموت - نو تايم تو داي"؟ فقد حدثت انفجارات في موقع التصوير، وتم تغيير المخرج بشكل مفاجئ، وأُحضر كتاب سناريو جدد، وتعرض العميل 007 نفسه للإصابة.
لا عجب إذن في أن الأخبار التي تناولته حملت عناوين تتراوح بين الفيلم "الملعون" و"المشؤوم" و"فوضى عارمة". بالطبع، إنه ليس أول عمل من أفلام بوند يعاني من مشاكله الخاصة - فعلى سبيل المثال، تعطّل فيلم "كَمٌ من العزاء - كوانتوم أوف سوليس" بسبب إضراب الكتّاب - ولكن كان هناك إجماع على أن "لا وقت للموت" سيكون كارثة لا مثيل لها، وبالتأكيد فإن امتياز هذه الأفلام بغنى عن مشكلة من هذا القبيل بعد فيلم "طيف - سبيكتر" المتعثر.
رافقت المشاكل العمل منذ بدايته. لم يكن هناك فقط حسرة جماعية عندما أعلن دانييل كريغ أنه سيعود في شخصية بوند، بعدما قال في السابق إنه يفضل تقطيع عروقه على أداء الدور مجدداً، ولكن كان هناك أيضاً رحيل المخرج داني بويل بسبب "اختلافات تتعلق بالإبداع". وحلّ مكانه المخرج كاري جوجي فوكوناغا مخرج فيلم "وحوش بلا وطن - بيست أوف نو نيشن"، مع الاستعانة مجدداً بكاتبي السيناريو المخضرمَين في أفلام بوند نيل بورفيس وروبرت ويد. وعندما تم أيضاً زج نجوم مثل بول هاغيز وسكوت زي بيرنز وفيبي والر بريدج، كانت التقارير تتحدث عن أن السيناريو لا يزال غير جيد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن الآن، هناك أمل جديد. حيث صدر المقطع الترويجي اخيراً بعد ما بدى كأنه دهر من الوعيد والمبالغة بالشؤم. هذا المقطع الذي يستمر لمدة دقيقتين و32 ثانية، يحمل كل العلامات المميزة لأفلام بوند: المواقع الغريبة (تبدو مدينة ماتيرا الإيطالية جميلة بشكل خاص)، السيارات السريعة، ونعم، النساء الفاتنات.
مع ذلك، وعلى الرغم من غياب أي مواقف ساخرة على الشاشة، أضاف ظهور (الممثلة الشهيرة فيبي) والر بريدج بشكل خاطف أمام الكاميرا لمسة خاصة يمكنكم أن تشعروا بتأثيرها فوراً. وبعيداً عن شخصية بوند الكئيبة ونظريته الفردية في آخر فيلمين، يبدو أن هناك روح دعابة تطوف في "لا وقت للموت". خذوا مثلاً تلك اللحظة التي يقوم فيها بوند بالتعريف عن نفسه لحارس الأمن. "اسمي؟ ... بوند". وهناك وقفة قصيرة. نحن جميعاً نعرف تتمة العبارة، حيث يضيف بتردد: "جيمس بوند". ولا يعني اسمه أي شيء للشاب الواقف أمامه.
والأهم من ذلك، يبدو أن بوند قد أدرك أخيراً العصر الذي يعيش فيه. تقول أول عميلة سرية في تاريخ سلسة الأفلام هذه، والتي لعبت دورها الممثلة لاشانا لينش: "لقد تغير العالم... لذلك، ابقَ في مسارك. إذا اعترضتَ طريقي، سأطلق رصاصة على ركبتك. تلك التي ما زالت سليمة".
كما أن هناك الكثير من الملاحظات الهامة التي يقولها أمثال "إم"، رئيس ومرشد بوند، الذي يلعب دوره الممثل رالف فينيس، والحريص على تذكيرنا بأن "العالم يتسلح بوتيرة أسرع من قدرتنا على الرد عليه"، وحتى بوند نفسه، يفكر قائلاً: "التاريخ ليس لطيفاً مع أولئك الذين يلعبون دور الإله".
وصلنا الآن إلى الحبكة. لقد علمنا بالفعل من التصريح الصحفي للفيلم أن فيلكس ليتر (الممثل جيفري رايت)، الصديق القديم لبوند في وكالة السي آي إيه CIA كان من المقرر أنه سيظهر أمام بوند ويقنعه بالعودة إلى الخدمة لإنقاذ عالِم مفقود. لكن ما سيكون في انتظاره هو شخص "شرير غامض مسلح بتكنولوجيا جديدة وخطيرة".
هذا الشرير آنف الذكر سيجسده الممثل رامي مالك، القادر بالفعل على زيادة معدل الغرابة، حيث سيشهد بذلك أي شخص قد شاهد إعلانه عن فنادق ماندرين أورينتال.
هنا يحمل وجهه ندوباً، ولكنها غير متناسقة. كما هو الحال مع شخصية سيلفا التي يؤديها الممثل خافيير بارديم ولو شيفر (الممثل ماد ميكلسن) ودومينيك غرين (الممثل ماثيو أمالريك)، يفترض أن هناك صلة بين شخصية سافين التي يؤديها مالك وبلو فيلد (الممثل كريستوف فالتز) الذي نراه في الإعلان الترويجي في السجن، بعدما تم اعتقاله وهو شبه ميت على جسر وستمنستر في نهاية فيلم "طيف".
من الأسماء التي تعود للظهور أيضاً، شخصية مادلين سوان التي تؤديها الممثلة ليا سيدو، التي شوهدت آخر مرة متوجهة لقضاء الليلة مع العميل 007، لكنها متهمة هنا بخيانته. يقول لها بوند: "كلنا نمتلك أسراراً خاصة بنا... نحن فقط لم نعرف أسرارك بعد". ما هو الشيء الذي ربما فعلته؟ من المؤكد أنها تعرف شيئاً عن سافين - هل لديه صلة بوالدها الراحل، السيد وايت؟ إنها انعطافة درامية تحمل انعكاسات باهتة لسخصية فيسبر ليند في فيلم "كازينو رويال".
بالتالي، وبعد كل هذه العناوين المثيرة، فإن المؤشرات في الواقع جيدة جداً. ربما طفح الكيل بالنسبة لكريغ مع شخصية بوند، وتعرض الإنتاج بأكمله إلى عثرات مزعجة، لكن إذا نظرنا إلى العمل من خلال المقطع الترويجي، ربما سيثير ضجة مرتفعة في نهاية المطاف وليس التذمر بعد كل شيء.
( يبدأ عرض فيلم "’لا وقت للموت" في دور السينما في المملكة المتحدة في 2 أبريل (نيسان))
© The Independent