يتقاضى ما يقارب نصف العمّال الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً رواتب تجعلهم هم وعائلاتهم لقمة سهلة للفقر، على الرغم من ازدهار الاقتصاد الأميركي الذي شهد نموّاً قياسياً خلال السنوات الأخيرة.
جاء ذلك في دراسةٍ جديدة وجدت أن 53 مليون أميركياً ضمن هذا النطاق العمري يُصنّفون بين "ذوي الأجور المنخفضة" إذ يبلغ متوسّط دخل هؤلاء 10,22 دولاراً (7,86 جنيه استرليني) في الساعة، وبالكاد يصل معدّل دخلهم السنوي إلى 18 ألف دولار (13,849 جنيه استرليني).
وتُدرج نتائج الدراسة الجديدة بشكل مفصل جانباً بشعاً ومقلقاً من الاقتصاد الأميركي القويّ، ولاسيّما أن العمال من أصحاب الأجور المنخفضة لم يعودوا طلاباً فحسب ، أو أشخاصاً في مستهلّ حياتهم المهنية أو أفراداً يبحثون عن دخل إضافي للإنفاق، وباتوا مخالفين تماما لصورتهم النمطية. فالغالبيّة، بحسب الدراسة التي أجراها معهد بروكينغز، هم بالغون في ذروة حياتهم العملية ويعتمدون على الوظيفة المتدنّية الأجر كمصدر دخل رئيس لهم.
في هذا السياق، اعتبرت مارتا روس ونيكول باتيمان، مؤلفتا الدراسة، في رسالةٍ الكترونية بعثتا بها إلى صحيفة "اندبندنت" أنّه "أمر مقلق. بالنسبة للأشخاص الذين يحاولون إعالة أنفسهم وعائلاتهم من خلال وظيفة متدنية الأجر، الصورة قاتمة فعلاً.. لنفكّر مثلاً بمساعدة تمريض مع ولدين تعيلهما، أو بشخص فُصل من عمله كعامل صيانة وليس بوسعه سوى إيجاد وظيفة براتبٍ متدنّ، أو بعاملة نظافة في مستشفى تبلغ 50 عاماً ولا تملك أيّ مدّخراتٍ للتقاعد."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابعتا "ما يقارب نصف العمّال الذين يتقاضون أجوراً متدنية هم معيلون رئيسون أو مساهمون اساسيون في الأجور العائلية الإجمالية وبالتالي لم يدخلوا سوق العمل لمجرّد أنّه سيكون من الجميل الحصول على دخل إضافي. ففي حين أنّ الوظيفة المتدنية الأجر هي محطّة مؤقتة للبعض، إلا أنّها المحطّة النهائية للآخرين".
وتفيد الدراسة أيضاً، أن الوظائف المنخفضة الأجور تُشكّل بين ثلث وثلثي مجموع الوظائف في حوالي 400 مدينة كبرى في أرجاء الولايات المتحدة الأميركية، وتقع النسبة الأكبر في المدن الصغيرة في الجنوب والغرب.
وأضافت مؤلفتا الدراسة أنّ "ثلثي العمّال من ذوي الأجور المتدنية (33 مليون شخص) هم في مقتبل سنوات العمل وتتراوح أعمارهم بين 25 و45 عاماً ونسبة كبيرة من هذه المجموعة (40% أي 13 مليون شخص) لديهم أولاد. وأظهر بحث آخر أنّه كلّما طالت فترة أدائكم وظيفة متدنية الأجر وكلّما تقدّمتم في العمر في وظيفة من هذا النوع، تراجعت فرص انتقالكم إلى وظيفة أخرى."
ووجدت الدراسة أنّ 60% من العمّال في لاس كروسيس في نيو مكسيكو وجاكسونفيل في كارولينا الشمالية يتقاضون أجوراً متدنية. وكتبت روس وباتيمان في الدراسة أنّ "الأماكن التي تحظى ببعض أعلى نسب الأجور وأكثر الاقتصادات انتاجية تستوعب عادة أعداداً كبيرة من العمّال أصحاب الدخل المنخفض، أي ما يقارب مليون شخص في منطقة واشنطن، و700 ألف في كلّ من بوسطن وسان فرانسيسكو، و560 ألفاً في سياتل."
تقدم الدراسة سلسلة من الحلول للمشكلة بما في ذلك الدعوة إلى المزيد من الالتزام من جانب أرباب الأعمال وتخصيص الأموال للبرامج "التي تستند إلى الأدلّة". كما تذكر الدراسة أنّ أيّ جزء صغير من أيّ جهدٍ يُبذل لتحسين الوضع سيتطلّب إرادة سياسية ضخمة.
ويتزامن إصدار الدراسة مع الانطلاقة الرسمية لموسم الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي لاختيار مرشّحه للانتخابات الرئاسية عام 2020 مع تركيز العديد من المرشّحين على معاناة العمّال ذوي الأجور المتدنية في البلاد.
يُذكر أنّ من بين هؤلاء المرشّحين، سيناتور فيرمونت بيرني ساندرز وسيناتور ماساشوستس اليزابيث وارن اللذين أيّدا قانوناً فيدرالياً يحدد متوسط الأجر بـ 15 دولاراً (11,54 جنيه استرليني) في الساعة. ويمثّل المرشّحان تياراً يساري الميول في الحزب الديمقراطي، واستهدفا مخزونات الثروة الضخمة التي تكدست في الولايات المتحدة على حساب العمّال العاديين.
© The Independent