يبدو مصير الاستشارات النيابية التي دعا إليها رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، يوم غد الاثنين، غامضاً حتى اللحظة، سياسياً وميدانياً، مع بروز دعوات المحتجين إلى تظاهرات، في مختلف المناطق اللبنانية، تحت عنوان "لا لحكومة (سعد) الحريري"، اليوم الأحد، على الرغم من تأكيد مصادر القصر الرئاسي عدم تأجيلها، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية عديدة، السبت.
ويتوقع أن تشهد ساحات الاحتجاج، خصوصاً في العاصمة بيروت، زخماً إضافياً بعد العنف الذي قوبلت به محاولة عدد من المحتجين الدخول إلى ساحة البرلمان، مساء السبت. إذ استخدمت القوى الأمنية الضرب والقنابل المسيلة للدموع في ردعهم، في حين وثق محتجون استخدامها الرصاص المطاطي، في حالات قليلة.
وأسفرت المواجهات، التي استمرت حتى فجر الأحد، عن سقوط ما لا يقل عن 30 جريحاً نقلوا إلى المستشفيات، من المحتجين والقوى الأمنية، فيما عولجت عشرات الحالات الأخرى في ساحة الشهداء، على ما أعلنت فرق الصليب الأحمر اللبناني والدفاع المدني.
وأوضح الصليب الأحمر، في بيان، أن غالبية الاصابات كانت تعاني من مشكلات في التنفّس والإغماء جراء الغاز المسيل للدموع، مشيراً إلى وقوع إصابات أخرى جراء الرشق بالحجارة.
وقالت وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن، في بيان الأحد، إنها "تابعت طيلة ليل أمس، بقلق وحزن وذهول ما جرى من مواجهات في محيط مجلس النواب وفي شوارع بيروت"، مشيرة إلى "دخول عناصر مندسة (كانت) توزع المهمات المنوطة بالقوى الأمنية".
وأضافت "منعاً لضياع المسؤوليات، وحفاظاً على حقوق المتظاهرين، طلبت من قيادة قوى الأمن الداخلي إجراء تحقيق سريع وشفاف لتحديد المسؤولين عما جرى ليبنى على الشيء مقتضاه".
ودوليّاً، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن على المسؤولين اللبنانيين أن "يتحركوا" ويضعوا حداً للأزمة التي تعطل البلد في ظل حركة احتجاج شعبية تطالب برحيل السلطة السياسية.
أضاف لودريان، الأحد خلال برنامج "مسائل سياسية" على راديو "فرانس إنتر"، "يجب أن تتحرك السلطات السياسية لأن البلد في وضع حرج".
مواجهة أخرى
وشهد وسط بيروت، بعد ظهر السبت، مواجهات بين شبان مناوئين للمتظاهرين ضد الطبقة السياسية، وقوات الأمن التي تعرّض عناصرها للرشق بالحجارة والمفرقعات المشتعلة، قبل أن تردّ بإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. واندلعت مواجهات بين الأمن اللبناني ومناصرين تابعين إلى "حزب الله" وحركة "أمل" حاولوا اقتحام ساحات الاحتجاج في وسط بيروت، وأحرقوا الإطارات المطاطية، وألقوا بها نحو القوى الأمنية.
تتعرّض عناصر مكافحة الشغب لاعتداءات ورمي حجارة ومفرقعات نارية من قبل بعض الاشخاص.
ان #قوى_الامن تطلب وقف هذه الاعتداءات والا ستضطر لاتخاذ اجراءات اضافية واكثر حزماً. pic.twitter.com/5swp7OyF5w
— قوى الامن الداخلي (@LebISF) December 14, 2019
وجاءت هذه المواجهات غداة دعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مناصري حزبه وحليفته حركة أمل إلى "ضبط الأعصاب"، بعد تكرار حوادث مماثلة وصدامات مع القوى الأمنية من جهة، ومع المتظاهرين الذين يطالبون منذ شهرين برحيل الطبقة السياسية من جهة ثانية.
شيعة شيعة
وهاجم عشرات الشبان القادمين سيراً من منطقة "الخندق الغميق" وسط بيروت القريب، إذ عملوا على تخريب لافتات رفعها المتظاهرون في وقت سابق وحرقها في وسط الطريق، ثم حاولوا دخول خيم موضوعة في ساحة الشهداء، مرددين هتافات "شيعة شيعة". وعلى إثر ذلك تدخّلت قوات الأمن لمنعهم من التخريب، قبل أن تشهد الساحة عمليات كرّ وفرّ بين الطرفين تطورت عقب بدء الشبان برمي عناصر الأمن بالحجارة ومفرقعات نارية ثقيلة وإطلاق الشتائم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعمدت قوات مكافحة الشغب إلى إطلاق الغاز المسيّل للدموع لتفريقهم، وتمكّنت من دفعهم للعودة إلى المنطقة التي قَدِموا منها.
وإلى شمال لبنان حيث انطلقت مسيرة راجلة من ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس، ضمت المئات من الشبان والشابات، الذين رفعوا الأعلام اللبنانية وأطلقوا هتافات تطالب بـ "تشكيل حكومة اختصاصيين، ومحاسبة الفاسدين"، وأكد عدد من المشاركين، الاستمرار بالتحركات حتى تحقيق مطالبهم.
تظاهرات غير مسبوقة
ويشهد لبنان منذ الـ17 من أكتوبر (تشرين الأول) تظاهرات شعبية غير مسبوقة، بدأت على خلفية مطالب معيشية، وبدا الحراك عابراً الطوائف والمناطق، ومصرّاً على مطلب رحيل الطبقة السياسية.
وتحت ضغط الشارع، قدَّم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته في الـ29 من أكتوبر، ولم تتمكّن القوى السياسية من التوافق على تسمية خلف له حتى الآن، في وقت يطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة تضم مستقلين عن الأحزاب السياسية والسلطة الحالية.