رجّح مراقبون عراقيون احتمال أن تكون إيران استبدلت الرد العسكري على الهجوم الدامي الذي نفذته الولايات المتحدة ضد مواقع "كتائب حزب الله - العراق" في منطقة القائم الحدودية مع سوريا بتظاهرة شارك فيها مئات من مسلحي "الحشد الشعبي" أمام مقر السفارة الأميركية في بغداد، تجنباً لتوسيع نطاق المواجهة.
خيار جديد
ولم تكن التظاهرات من بين الخيارات التي تداولها زعماء ميليشيات عراقية عقب "هجوم القائم"، إذ رددوا تهديدات عدة تؤكد وجود خطط لاستهداف المصالح الأميركية في العراق وخارجه عبر عمليات عسكرية، لذلك فوجئ كثيرون بقرار الحكومة العراقية فتح أبواب المنطقة الخضراء المغلقة بسبب الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أمام مسلحي الحشد الشعبي وقادتهم، ليتظاهروا أمام مبنى سفارة واشنطن.
وكان مشهد عبور عناصر "الحشد" بزيهم الرسمي، الجسر على نهر دجلة نحو مبنى السفارة الأميركية بهدوء وسلام تامَين مضحكاً بالنسبة إلى كثير من العراقيين، الذين شاهدوا قبل أسابيع القوات الأمنية تقتل عشرات المتظاهرين وهم يحاولون الوصول إلى المنطقة الخضراء في بغداد.
تظاهرة إيرانية
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رد مضاعف
ربما فهم الإيرانيون أن الأميركيين سيردون بشكل مضاعف على أي عملية ضدهم، لذلك فكروا في تكتيك جديد يحفظ لهم ماء الوجه، على حد تعبير مراقبين. وعلى الرغم من أن "التظاهرة الحشدية" أمام مبنى السفارة الأميركية في بغداد أدت الغرض المطلوب، إعلامياً على الأقل، وأشغلت وسائل الإعلام ومراقبين وناشطين في الداخل والخارج، إلا أن كُلفتها كانت كبيرة جداً، فكما كانت بديلاً عن رد عسكري قد يشعل حرباً واسعة، كانت أيضاً عامل تبديد للتعاطف الشعبي الذي تشكَّل حول "كتائب حزب الله - العراق" بعد الغارة الأميركية في القائم.
وكان التعاطف الشعبي مع هذا الفصيل واسعاً للغاية، حتى أنه تسلل إلى ساحات الاحتجاج التي تطالب أساساً بطرد الإيرانيين من العراق والقضاء على نفوذهم، إذ أحرق متظاهرون في ساحتَي التحرير والحبوبي في بغداد والناصرية على التوالي العلم الأميركي، وترحموا على أرواح "شهداء" هجوم القائم. لكن قادة "الحشد" لم يمهلوا هذا التعاطف كثيراً، فقضوا عليه بظهورهم في مقدمة الأشخاص الذين حاصروا مبنى السفارة الأميركية ببغداد مطالبين بإغلاقها وطرد جيش الولايات المتحدة من العراق.
التعاطف يتلاشى
وحفلت حسابات الناشطين العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات الساخرة، وقارن مدونون بين صور يظهر فيها متظاهرون في ساحة التحرير وأخرى يظهر فيها قادة الحشد الشعبي في المنطقة الخضراء. وتساءل مدونون آخرون عما إذا كانت القوات العراقية ستتعامل بالطريقة ذاتها مع متظاهري ساحة التحرير، في حال أرادوا دخول المنطقة الخضراء، فيما عبّر آخرون عن امتعاضهم من رمزية رفع صور خامنئي خلال حصار السفارة أو كتابة اسم سليماني على جدرانها.
وبحلول صباح الأربعاء كان التعاطف الشعبي مع "كتائب حزب الله" سجل تراجعاً كبيراً وفق مزاج مواقع التواصل الاجتماعي، فيما واصل الناشطون السجال بشأن اكتفاء الحشد الشعبي بـ"استعراض القوة" يوم الثلاثاء أمام السفارة الأميركية، أم حاجته إلى خطوات أخرى.
وقال مراقبون إن "خطوات الحشد الأخرى لن تخرج عن إطار البهرجة الإعلامية، لأن قادته يدركون أن ضريبة أي احتكاك عسكري جديد ستكون كبيرة، وقد تطالهم شخصياً".