تترقب أسواق النفط العالمية بحذر حالة التصعيد في منطقة الخليج العربي، أكثر المناطق إنتاجاً للنفط في العالم، إذ يوجد فيها أكثر من نصف احتياطيات النفط العالمي، وذلك بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني ومدى انعكاس ذلك على أسعار النفط،، إذا قامت إيران بالرد الذي يتضمن استهداف السفن النفطية . إلا أن محللين ومتخصصين، إستبعدوا في تصريحات متفرقة لـ"اندبندنت عربية" قيام طهران بأي اعتداء على المنشآت النفطية ، أو العمل على تعطيل سير إمدادات النفط ،وإن تم ذلك فان طهران تسير في خط إشعال المواجهة في المنطقة . وذكروا أن الانطباع العام يعكس بأن ايران تعرف أنها ستتحمل الكثير من التداعيات على إستقرار السوق وقد يقود ذلك الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة .وذكر المختصون في شؤون الطاقة إن لجأت إيران إلى تكرار الاعتداءات على السفن النفطية التي تمر بمضيق هرمز، فان جميع السيناريوهات مطروحة سواء بالتهدئة أو التصعيد".
ارتفاع أسعار النفط يعكس مخاوف السوق
وفي هذا الصدد، قال المتخصص بالشؤون النفطية محمد الشطي، إن تطورات الأحداث السياسية والتصعيد الأخير، أسهما في رفع أسعار نفط خام برنت بمقدار 3 دولارات للبرميل، ما يعكس مخاوف السوق، لأن الانطباع العام ورغم انه لا يوحي يمواجهة جديدة الا انه يعكس حالة الخوف ، والخطورة هي الأعلى على إمدادات النفط. وحول سيناريوهات الأسعار في ضوء مستجدات السوق قال الشطي، "السوق النفطية تتسم باختلال خلال النصف الأول من عام 2020 في ظل توقعات ارتفاع المعروض عن الطلب في أسواق النفط، ولذلك جاء قرار (أوبك بلس) بتعميق الخفض خلال الربع الأول من العام الحالي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت منظمة الدول المصدرة النفط والمنتجين المستقلين بقيادة روسيا قرروا تعميق خفض الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يومياً بالربع الأول من 2020، ليرتفع إجمالي الخفض إلى 1.7 مليون برميل في محاولة لكبح ارتفاع المعروض مع تراجع الطلب العالمي المتوقع.
وذكر المختص بالشؤون النفطية أن التطور الأخير في منطقة الخليج العربي يعني بلا شك تعزيزاً لمستويات عالية من الأسعار، لكن ذلك مرتبط بشكل رئيس بتأثر وتهديد وانقطاع إمدادات النفط عن أسواق النفط.
وتابع، "السوق لا تهتم بالتصعيد في التصريحات، لكن المحصلة هي ما يحدث للإمدادات وسلامة النقل والحركة من الخليج العربي والممرات المائية إلى الأسواق، وأي تأثير مستمر بلا شك يعني تعزيز مخاوف الأسواق وارتفاع الأسعار".
وأفاد الشطي، بأنه من الصعب التكهن بمستوى الأسعار، لأنها تعتمد على مدى وجود انقطاع من عدمه، ومدة الانقطاع، وسرعة التعافي مثلما حدث في استهداف منشآت النفط السعودية الذي يعد مؤشراً لما يمكن أن تكون عليه الأسعار وردة فعل السوق.
وأوضح أن "الأسعار لو واصلت الارتفاع، يمكن أن نراها ما بين 70 - 80 دولاراً للبرميل بسهولة إذا ما حدث انقطاع واستهداف لمناطق الإنتاج"، لكن السوق ستتابع تطورات حماية حركه النقل ووصول النفط إلى الأسواق، متوقعاً أن يكون هناك "اتجاه نحو تغليب التهدئة من مختلف الدول في العالم، لأن أمن الطاقة يهم الجميع".
وحسب المعطيات الحالية، يرى الشطي أن أسعار خام برنت ستختبر مستويات بين 60 - 70 دولاراً للبرميل، أمَّا إذ حدث تصعيد ستتجه صوب 70 - 80 دولاراً للبرميل.
قفزة بأسعار النفط بعد مقتل "سليماني"
وقفزت أسعار النفط في الأسواق الدولية بعد إعلان "البنتاغون" مقتل قاسم سليماني، وهو شخصية مصنفة في قائمة الإرهاب الأميركية، وذلك بعد الضربة الجوية على سيارتين كانتا تقلانه مع آخرين بالقرب من مطار بغداد الدولي.
وأفادت وكالات أنباء بأن سعر النفط قفز بنسبة 4%، وسجل خام القياس العالمي برنت 69.16 دولار للبرميل، في أعلى مستوياته منذ 17 سبتمبر (أيلول)، لكنه انحسر لاحقا إلى 68.21 دولار، لتصبح مكاسبه 1.96 دولار بما يعادل 3%.
تسعير حالة حرب
من جانبه، قال محمد زيدان كبير المحللين الاستراتيجيين لأسواق المال لدى مؤسسة "ثنك ماركتس"، "إن أسعار النفط استفادت من الأحداث الجيوسياسية صباح اليوم الجمعة بعد مقتل سليماني، وأعطت دعماً لأسعار النفط، لكن على المدى المتوسط والقصير يمكن نرى تذبذب أسعار النفط عند 65 - 60 دولاراً للبرميل لخام تكساس الأميركي، ولكي يتم تسعير حالة حرب يجب أن تكون هناك مخاطر مرتفعة وارتفاع الأسعار بأكثر من 20%، وهذا لم يحدث حتى الآن إلا هناك حالة من التوتر موجودة وقابلة للتصاعد".
وأضاف أن المخاطر سوف تنعكس في فرق الأسعار ما بين خام برنت وخام تكساس ستزيد بعض الشيء، لأن المخاطر على خام تكساس ستكون أعلى، وفي سيناريو تصاعد الأحداث يمكن أن نرى خام تكساس فوق 70 دولاراً، وبرنت فوق 80 دولاراً.
ومن ناحية تأثر إمدادات النفط، قال زيدان، إن الأسواق أصبح لديها خبرة سابقة، خصوصاً بعد الهجوم على أرامكو وعودة الإمدادات إلى مستوياتها الطبيعية، ووجود مخزونات كافية.
الخام الأميركي يسجل أعلى مستوى في 8 أشهر
وكانت أسعار النفط قد إرتفعت مع افتتاح السوق الأميركية اليوم الجمعة ليتداول الخام الأميركي قرب أعلى مستوياته في ثمانية أشهر وتحديداً منذ الأول من مايو (أيار) الماضي، متجهة نحو تسجيل مكاسب أسبوعية وسط تجدد المخاوف حول تأثير التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على إمدادات النفط العالمية، في ظل الاحتمالات القوية باندلاع مواجهات عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران. كما صعدت عقود خام نايمكس 3.68% عند 63.54 دولار للبرميل، بعدما قفزت إلى 63.84 دولار للبرميل، وهو المستوى الأعلى منذ الأول من مايو (أيار)، وتتجه أسعار خام برنت والخام الأميركي لتسجيل مكاسب أسبوعية عند 3.11% و2.74% على الترتيب.