مزيد من الضغوط تواجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع بدء الحديث عن انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة. وبخلاف الحروب التجارية التي يشعلها "ترمب"، سواء مع الصين أو دول الاتحاد الأوروبي، يبدو أن الاقتصاد الأميركي يتجه بالفعل نحو أزمة ركود، سوف تنطلق من الولايات المتحدة إلى العالم خلال الفترة المقبلة.
الرئيس ترمب، الذي لا يكفّ عن الحديث عن تحقيق أسواق الأسهم الأميركية لأكبر مكاسب في عهده، لا يحاول من قريب أو بعيد الإشارة إلى مستويات العجز أو التضخم، وأيضاً الديون التي سجلت مستويات قياسية في عهده.
البيانات الرسمية تشير إلى أنه خلال العام المالي 2019، ارتفع عجز الموازنة الأميركية بنحو 26% إلى 984.38 مليار دولار، مقابل عجز بلغ 778.99 مليار دولار خلال العام المالي السابق له.
لكن خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سجلت الولايات المتحدة عجزاً في الموازنة العامة بعكس توقعات المحللين، حيث كشفت بيانات وزارة الخزانة أن موازنة الولايات المتحدة سجلت عجزاً بقيمة 13.27 مليار دولار خلال الشهر الماضي، مقارنة مع عجز قدره 13.59 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي السابق له. بينما كانت توقعات المحللين تشير إلى تحقيق الموازنة الأميركية فائضاً قيمته 5 مليارات دولار خلال الشهر الماضي.
وارتفعت المصروفات الحكومية في الولايات المتحدة إلى 349.07 مليار دولار خلال شهر ديسمبر الماضي، مقارنة مع 326.12 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق له. كما صعدت الإيرادات إلى مستوى 335.80 مليار دولار خلال الشهر الماضي، مقارنة مع 312.58 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق له.
وخلال أول 3 أشهر من العام المالي الحالي، سجلت الموازنة الأميركية عجزاً بلغ نحو 356.57 مليار دولار مقارنة مع 318.9 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق له، محققة زيادة بلغت نسبتها 11.8%.
معدل التضخم يسجل أعلى مستوى في 8 سنوات
في الوقت نفسه، فإن البيانات الرسمية تشير إلى تسارع التضخم في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي، كما سجل أعلى مستوى في 8 سنوات خلال العام 2019.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشفت بيانات حديثة صادرة عن مكتب إحصاءات العمل الأميركي، أن مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة ارتفع بنسبة 0.2 بالمئة خلال شهر ديسمبر الماضي، مقارنة مع زيادة نسبتها 0.3% المسجلة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.
وكان من المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة 0.2% خلال نفس الفترة. وارتفع مؤشر أسعار الطاقة بنحو 1.4% خلال الشهر الماضي على أساس شهري، مقارنة مع نحو 0.8% خلال شهر نوفمبر الماضي، كما زادت أسعار الغذاء بنحو 0.2%.
وبالنسبة إلى معدل التضخم الأميركي خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في ديسمبر الماضي، فقد تسارع إلى 2.3%، وهي أكبر زيادة منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام 2018، مقابل نحو 2.1% مسجلة في الفترة المماثلة المنتهية في نوفمبر الماضي.
وخلال العام الماضي، سجّل معدل التضخم في الولايات المتحدة على أساس سنوي مستوى 2.3% مقارنة مع 1.9% في العام السابق له، مسجلاً بذلك أكبر زيادة منذ العام 2011.
الديون الأميركية تتفاقم وتسجل مستويات قياسية
على صعيد الديون الأميركية، بدأ العديد من المستثمرين في تركيز الأنظار صوب ديون الولايات المتحدة التي ارتفعت بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية، الأمر الذي دفع موقع "ديلي ريكونينج" إلى إعداد تقرير أشار فيه إلى ارتفاع الدين العام والعجز الأميركي في الوقت الحالي، كما حرص أيضاً على الحديث عن الدين القومي للولايات المتحدة منذ فترة تولي الرئيس "جورج واشنطن" رئاسة الحكم في أميركا.
ويقف معدل الدين الأميركي نسبة للناتج المحلي الإجمالي عند أعلى مستوى له باستثناء الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، فخلال تلك الفترة كان اقتصاد أميركا يسيطر على الإنتاج العالمي. وكانت البلاد على استعداد لزيادة ديونها من أجل الفوز بالحرب، على عكس الفترة الحالية التي يوجد بها الكثير من الديون، ولكن لا يوجد هيمنة عالمية من أميركا.
وكانت الديون الفيدرالية للولايات المتحدة قد استغرقت نحو 193 عاماً لبلوغها مستوى تريليون دولار، حيث من المتوقع أن يتم إضافة هذا الرقم إلى السنة المالية الحالية. وكان هذا الأمر الذي تم تأييده من الحزبين أدى إلى خفض الديون، حيث قام الجمهوريين بخفض الديون في السابق، وخلال عام 1836 أزال أندرو جاكسون الديون من على أميركا.
ومع تولي "دونالد ترمب" مقاليد الحكم في أميركا وخلال الفترة الحالية فمن المتوقع أن يصل عجز الميزانية إلى تريليون دولار، وجاء هذا الأمر بالتزامن مع خفض الولايات المتحدة الضريبة وإلغاء الإنفاق وعدم سداد قروض الطلاب.
وأوضح التقرير أن معدل الدين يصل إلى 106% من إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة الحالية، وذلك بسبب نمو الدين بصورة أسرع من الاقتصاد. ويسجل الدين العام الأميركي نمواً بنحو 8.8% بشكل سنوي، ولكن يمثل نحو 6.3% من إجمالي الناتج المحلي لدى الولايات المتحدة، حيث إن الديون تبلغ نحو 21.6 تريليون دولار مقابل اقتصاد يبلغ قيمته نحو 20 تريليون دولار. وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة أصبحت مثل اليونان، حيث إن أميركا تتجه نحو أزمة ديون سيادية.
ووفقاً لبيانات معهد التمويل الدولي، فقد ارتفع الدين العالمي، الذي يشتمل على قروض الأسر والحكومات والشركات، بمقدار 9 تريليونات دولار، ليبلغ نحو 253 تريليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، أي بمعدل يمثل 322% من الناتج المحلي الإجمالي.
وجُمع أكثر من نصف هذا المبلغ الهائل في الأسواق المتقدمة، مثل الولايات المتحدة وأوروبا، ما رفع نسبة الدين مقابل الناتج المحلي الإجمالي في هذه الدول إلى 383% بشكل عام.
توقعات بخفض الفائدة الأميركية 3 مرات في 2020
في سياق متصل، توقع بنك "يو.بي.إس" أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة ثلاث مرات خلال عام 2020، على الرغم من أن منحنى "دوت بلوت" يستبعد حدوث تغيير في الفائدة هذا العام. ويتعارض هذا التوقع بشكل كبير مع العديد من التقديرات الأخرى، والتي تشير إلى عدم تغيير في معدل الفائدة أو خفض واحد فقط خلال العام الحالي.
وأشار البنك، في تقرير حديث، إلى أن التعريفات المفروضة خلال الحرب التجارية بين واشنطن وبكين قد تؤثر سلباً على النمو الاقتصادي الأميركي ليتباطأ إلى 0.5% خلال النصف الأول من العام 2020 على أساس سنوي.
وأضاف "نعتقد أن هذه التعريفات المدمرة ستدفع النمو الاقتصادي الأميركي للتباطؤ، وهذا بالفعل سيسهم في دفع الفيدرالي لخفض معدلات الفائدة، وهو الأمر البعيد عن التوقعات، لا أحد يعتقد ذلك".
وبحسب مؤشر "سي.إم.إيه."، والذي يتبع تداول العقود الآجلة لمؤشر الاحتياطي الفيدرالي، فإن المستثمرين يضعون احتمالية بنحو 87.3% لتثبيت معدل الفائدة عند مستواه الحالي، والذي يتراوح بين 1.50 إلى 1.75%. في حين يعتقد 12.7% من المستثمرين أن الفيدرالي سيقوم بزيادة الفائدة بنحو 25 نقطة أساس في اجتماعه المقبل، والمزمع عقده نهاية الشهر الحالي.
وذكر التقرير أن مسؤولي الفيدرالي أنفسهم لا يبدون أيّ ميل لإحداث أية تحركات، حيث أشار محضر الاجتماع الأخير إلى أنهم في حالة تثبيت مريح للفائدة ويريدون رؤية تحول هبوطي كبير في البيانات قبل إعادة تقييم موقفهم. وتابع "نعتقد أنهم سوف يشهدون هذا التحول الهبوطي، لذا نعتقد أن يكون أول خفض في الفائدة خلال اجتماع مارس (آذار) المقبل، لكنه سيكون بحاجة لحدوث فقدان في زخم النمو الاقتصادي".
وأشار إلى أنه على الرغم من وجود هذا الاتجاه الهبوطي وهذا الخفض في الفائدة، لكن من المستبعد أن تصل الولايات المتحدة إلى مستوى الركود الاقتصادي. وبحسب توقعات منحنى "دوت بلوت" الصادرة في ديسمبر الماضي، فإن الاحتياطي الفيدرالي يتوقع عدم تغيير معدل الفائدة خلال هذا العام.