في حوار تطرق لكل التطورات، بث موقع vice الأميركي لقاءً أجراه الإعلامي شين سميث مع الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي وسفير الرياض السابق في واشنطن، تناول فيه علاقة بلاده مع إيران، وعلاقة إيران بالجماعات المتطرفة "داعش والقاعدة" التي تختلف معها في الأيديولوجيا وتتفق في معاداة بلاده، مروراً بملف اليمن العالق منذ 2016، إلى لبنان ورؤية الرياض له مقابل الرؤية الإيرانية، إلى الاتفاق النووي الذي وصفه بـ"الاتفاق الذي حرم إيران من سلاحٍ لا تملكه، وتجاهل أسلحة أخرى مدمرة تملكها".
ويشرح الأمير مقاربته بين صورة المنطقة اليوم، وأوروبا في منتصف القرن الماضي، مشبهاً تعامل الأوروبيين مع سياسات إيران في المنطقة بتعاملهم مع ألمانيا والتي انتهت بتدمير أوروبا واندلاع الحرب العالمية الثانية.
وجهان لعملة واحدة
يرفض الأمير خالد التفريق بين النشاط الإيراني في المنطقة، ونشاط الجماعات المصنفة إرهابية كالقاعدة وداعش، إذ يرى أنهما وجهان لعملة واحدة من حيث المبدأ، وإن اختلفا أيديولوجياً. فهما "يشتركان من حيث عدم إيمانهما بسيادة الدول، وأيديولوجية الدولة باعتبارها عابرة للحدود، كما أنهما لا يحترمان القانون الدولي".
ويضيف بن سلمان في توصيف شكل العلاقة بينهما "رغم أنهما يتنافسان ويختلفان في الأيديولوجيا ويتقاتلان أحياناً، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بنا فإنهما يعتبرانا عدوهما المشترك ويتعاونان في ذلك"، مرجعاً ذلك لكون السعودية عامل استقرار وسلام وازدهار في المنطقة، بحسب وصفه.
ويشرح نائب وزير الدفاع السعودي الفرق بين رؤيتي الرياض وطهران للمنطقة بالقول "ما نقوم به في السعودية هو أننا نعمل من خلال رؤيتنا 2030 على إصلاح اقتصادنا والاستفادة من الإمكانات غير المستغلة، وفتح قطاعات جديدة في السعودية، وتحقيق الازدهار والتقدم لشعبنا"، وفي سبيل تحقيق ذلك تحتاج بلاده إلى منطقة آمنة ومستقرة وأكثر تعاوناً مع دول الجوار، في حين يختار الإيرانيون رؤية معاكسة هي السعي "إلى تصدير ثورتها، وتطبيق أفكارها التوسعية، بحيث تكون تلك الدول ضمن إطار مشروعها التوسعي لا شريكة معها"، ملخصاً فرق الرؤى بوصف رؤية بلاده بالتقدمية، والرؤية الإيرانية رؤية تسعى لإعادة المنطقة إلى عام 1979.
إيران "النازية"
ويستذكر المحاور مقالاً سبق وأن نشره الأمير خالد بن سلمان شبه فيه إيران بـ"الدولة النازية"، وهو ما استدعى توضيحاً من بن سلمان، إذ شبّه التعامل الغربي مع المشهد التوسعي الذي قاده هتلر في الثلاثينات بالطريقة التي يتم فيها التعامل مع نشاط إيران اليوم في المنطقة "شاهدنا ألمانيا النازية تحتل النمسا وأجزاء من تشيكوسلوفاكيا، وكان النهج الذي تم اتباعه في ذلك الوقت لحل الأزمة هو استرضاء ألمانيا النازية بدلا من مواجهتها، وهو ما قاد للمزيد من الأعمال التوسعية، حتى غزو فرنسا وقصف لندن"، ويضيف "نحن نرى المبدأ التوسعي ذاته في المنطقة من خلال النظام الإيراني، ونريد ايقافه الآن بدلا من جعله يقودنا لصراعات أكبر".
اليمن ليست فيتنام
ورداً على تساؤل المحاور الذي وصف حرب اليمن بـ"فيتنام السعودية" مشيراً إلى تورط السعودية في حرب لا يمكن الفوز فيها، قال الأمير خالد "فيتنام كانت تبعد عن الولايات المتحدة 7 آلاف ميل، أما اليمن فهي جارتنا، ونشترك معها في حدود يتجاوز طولها الألف ميل، أتساءل ماذا كانت ستفعل الولايات المتحدة لو أنه كان على حدودها الجنوبية ميليشيات إيرانية وأطلقوا 160 صاروخا باليستياً باتجاهها".
ويؤكد بن سلمان أن دعمهم للحكومة اليمنية لم يكن "لبدء حرب في اليمن بل لإنهاء الحرب التي بدأتها ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في 2014 ، عندما انتقلوا من منطقتهم إلى العاصمة، وقتلوا وذبحوا اليمنيين وهددوا الحكومة المركزية، وكان الخيار أمامنا في تلك اللحظة إما دعم الحكومة المركزية الشرعية ضد جميع الأطراف الإرهابية، أو لن يكون لدينا في اليمن إلا منظمتان إرهابيتان غير حكوميتين تتمثلان في الحوثيين وتنظيم القاعدة في حال سقطت الحكومة المركزية الشرعية".
وأكد على حتمية الحل السياسي القائم على القرار الأممي 2216 لإنهاء الأزمة في اليمن، والذي يوجب استرداد الحكومة الشرعية لسيطرتها على جميع الأراضي اليمنية، لافتاً النظر إلى جهود الرياض لإنفاذ الحل السلمي بإعلان وقف إطلاق نار في سبع مناسبات، في الوقت الذي كان ينتهك الحوثيون الهدنة في كل مرة.
ورمى بن سلمان الكرة في ملعب الحوثي بالإختيار بين أن يكون ميليشيا أو أن يكونوا حزباً سياسياً "عليهم الاختيار بين أن يكونوا ميليشيا إيرانية في اليمن ويكونوا (حزب الله) آخر في اليمن يطلق الصواريخ الباليستية ويمتلك أسلحة ثقيلة، أو أن يكونوا حزبا سياسيا في اليمن".
لبنان بين السياح والإرهابيين
وحول نظرته للبنان، استعرض في حديثه شكل التعامل السعودي مع لبنان مقابل التعاطي الإيراني قائلاً "نحن نرسل السياح إلى لبنان، وإيران ترسل إليه الإرهابيين، نحن نرسل رجال الأعمال، وإيران ترسل المستشارين العسكريين، نحن نبني الفنادق وقطاع السياحة ونخلق فرص العمل، وإيران تخلق الإرهاب، نحن نريد للبنان أن يكون بلدا أفضل وأقوى وأكثر استقرارا ونريد للشعب اللبناني التقدم وأن يكونوا بلدا مزدهرا، وإيران تريد من لبنان أن يخوض حربا نيابة عنها وتريد منه أن يقوم بمشاريع طهران التوسعية"، مستعرضاً حجم الدعم التي تلقاه لبنان من السعودية، والذي بلغ بحسب قوله قرابة 5 مليارات دولار في التاريخ القريب، وفي مؤتمر باريس لدعم لبنان تبرعت السعودية بمبلغ 2 مليار دولار، في حين بلغ التبادل التجاري للسعودية مع لبنان يبلغ 626 مليون دولار، معتبراً ذلك وجه التعامل الذي اختارته الرياض في علاقتها مع بيروت.
الاتفاق النووي
ورداً على ما إذا كان الوضع في المنطقة يسير بشكل خاطئ بعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي، يقول "ماذا كان الاتجاه الذي كنا نسير فيه قبل الانسحاب من الصفقة النووية؟ كنا نرى أنشطة مدمرة بشكل أكبر في سوريا وأنشطة مدمرة بشكل أكبر في العراق وأنشطة مدمرة بشكل أكبر في لبنان وأنشطة مدمرة بشكل أكبر في اليمن"، واصفاً الاتفاق النووي باتفاق يمنع إيران من امتلاك سلاح لا تملكه، بالمقابل يتجاهل كل سلاح مدمر آخر تملكه إيران.
ويرى بأن استمرار الضغط على إيران، وجعلهم يدفعون الثمن نظير ما فعلوه سيؤدي إلى إيقاف تصعيد إيران المستمر الذي كان سيؤدي بنا إلى صراع أكبر في المنطقة.
وفي ختام حديثه عن ضرورة التغيير في إيران والوضع في بلاده يقول الأمير خالد "الشعب الإيراني شعب عظيم وهو شعب يريد بناء بلاده فعلا والمضي قدما بالبلاد، وهم يستحقون الأفضل، ولكن الفرق الكبير هو أن هناك متطرفين في السعودية ولكنهم أقلية تلاحقهم الدولة، بينما متطرفي إيران يديرون الدولة، وهذا هو الفرق الكبير بيننا وبين إيران"، مشدداً على عدم تدخله في الشأن الداخلي للدولة الجارة، تاركاً قرار التغيير الشعب الإيراني الذي وصفه بـ(الشعب غير السعيد) "المواطنون في إيران يقومون بمظاهرات ضد السلطة، ونرى أن الشعب غير سعيد، وذلك لأن النظام بدلا من أن يصلح الاقتصاد، يقوم بصرف الأموال على أنشطة في المنطقة لا علاقة لها بالشعب الإيراني أو الاقتصاد الإيراني، ولا تخدم الأمن القومي الإيراني ولا الشعب الإيراني".