في الوقت الذي يترقب كثيرون الخطوة المقبلة للقاء رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في مدينة عنتيبي الأوغندية، وهل ستؤدي إلى انضمام السودان إلى نادي التطبيع؟ توقع سياسيون وقانونيون سودانيون حدوث احتمالين في ما يتعلق بهذا الشأن بين احتواء الموقف لحين انعقاد مؤتمر دستوري جامع لكل القوى السياسية السودانية للبت في مسألة التطبيع مع إسرائيل، أو أن تكون الاحتمالات كافة مفتوحة في ظل انقسام الشارع السوداني بين مؤيد ومعارض لإقامة علاقات مع الجانب الإسرائيلي.
شق الصف
وأشار نائب رئيس حزب الأمة القومي السوداني فضل الله برمة لـ "اندبندنت عربية" إلى أنه من الصعب بلوغ الهدف الذي يرمي إليه رئيس مجلس السيادة البرهان بإحداث تطبيع مع إسرائيل وفقاً للطريقة التي صاحبت لقاءه مع نتنياهو، لأن مثل هذا الأمر الذي يتعلق بالأمن القومي والسيادة الوطنية يتطلب شرعية دستورية، وهي لن تتأتى إلا من خلال انعقاد مؤتمر دستوري جامع ومجلس تشريعي منتخب.
أضاف "في تصوري أن يتم التريث وعدم السير قدماً في هذا الموضوع على الرغم من حسن النوايا والحرص على مصلحة السودان التي انطلق منها البرهان، فضلاً عن أن الحكومة الانتقالية ذات صلاحية محددة ليست من بينها قرارات كبيرة بهذا الحجم"، مشيراً إلى أن أي قرار سيؤدي إلى شق الصف الوطني ليس في مصلحتنا، وبالتالي لا بد من الإجماع الوطني حول القضايا المصيرية مثل التطبيع وغيرها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خرق الوثيقة
في حين توقع النائب العام السابق في السودان عمر عبد العاطي أن يتم احتواء ما حدث من تطورات بشأن لقاء نتنياهو وبرهان، خصوصاً أن الشعب السوداني منقسم إلى ثلاثة مواقف تجاه الصراع العربي الإسرائيلي (متشدد، ووسط، غير مبال)، لافتاً إلى أن ما قام به البرهان يعد خرقاً للوثيقة الدستورية المحددة الصلاحيات والمهام للفترة الانتقالية وتشمل التحقيق مع رموز النظام السابق، ومحاكمتهم، وتفكيك دولة التمكين، ورد الأموال المنهوبة، وبسط الحريات العامة، وإنهاء الحروب وتحقيق السلام، وليس من ضمنها البت في قضايا مصيرية كالتطبيع.
احتمالات مفتوحة
وأوضح المحامي والمحلل السياسي كمال الجزولي أن الرفض الذي جوبه به اللقاء السوداني الإسرائيلي سيغلق الطريق أمام أي محاولة لوضع هذا الأمر في مساره الذي تريده إسرائيل وأميركا، لكن في الوقت نفسه، فإن توازن القوى له سلطتان، هما سلطة العسكر وسلطة الثورة المدنية. منوهاً إلى أنه من الصعب الحديث عن تحول اجتماع البرهان ونتنياهو إلى خطوات فعلية، وأيضاً من الصعب تصور توقف هذا الفعل عند هذا الحد، لذلك فإن الأمر سيكون مفتوحاً على جميع الاحتمالات.
ردود الأفعال
وكان أن علق البرهان على لقائه بنتنياهو قائلاً "إنه قام بهذه الخطوة إيماناً من موقع مسؤوليته بأهمية العمل الدؤوب لحفظ وصيانة الأمن الوطني السوداني وتحقيق المصالح العليا للشعب السوداني"، مبيناً أن موقف السودان المبدئي ثابت من القضية الفلسطينية وحق شعبه في دولته المستقلة، وأكد مجلس الوزراء السوداني في بيان أن لقاء البرهان ونتنياهو كان استكشافياً ولم يقدم خلاله أي التزام أو وعود بالتطبيع أو إقامة علاقات دبلوماسية، ولفت المجلس إلى أن أمر العلاقات مع إسرائيل شأن يتعدى اختصاصات الحكومة الانتقالية ذات التفويض المحدود ويجب أن ينظر فيها الجهاز التشريعي والمؤتمر الدستوري.
وفي الوقت نفسه، رحب حمدوك ببيان عبد الفتاح البرهان حول اجتماعه مع نتنياهو، لكنه طالب بالالتزام بالصلاحيات، وقال في سلسلة تغريدات عبر "تويتر" "نرحب بالتعميم الصحافي للبرهان حول اجتماعه مع بنيامين نتنياهو. ونظل ملتزمين بالمضي قدماً من أجل إنجاز مستحقات المرحلة الانتقالية المهمة وتجاوز التحديات الماثلة أمامنا. وتبقى الوثيقة الدستورية هي الإطار القانوني في تحديد المسؤوليات، ويجب علينا الالتزام بما تحدده من مهام وصلاحيات. فالعلاقات الخارجية من صميم مهام مجلس الوزراء وفقاً لما تنص عليه الوثيقة الدستورية".
لقاء ثانٍ
وكان أن كشف نتنياهو، عبر حسابه في تويتر، عن لقائه البرهان في مدينة عنتيبي الأوغندية، قائلاً إنهما اتفقا على إطلاق تعاون سيؤدي إلى تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل. وذكر نتنياهو أن البرهان يريد مساعدة بلاده في الدخول في مرحلة تطوير وتحديث عبر "إخراجها من العزلة ووضعها على خريطة العالم"، على حد تعبيره.
والبرهان هو ثاني مسؤول سوداني كبير يلتقي مسؤولين إسرائيليين، بعد لقاء الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري برئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون، وذلك عندما كان وزيراً في حكومة مناحيم بيغن.
ويرأس البرهان مجلس السيادة السوداني، بعد تشكيله رسمياً في 20 أغسطس (آب) 2019، أي بعد أكثر من أربعة أشهر على إطاحة انتفاضة شعبية الرئيس السابق عمر البشير، ويتولى مجلس السيادة تسيير شؤون البلاد بموجب وثيقة دستورية موقعة بين المجلس العسكري الانتقالي وتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، الذي يمثل قوى المعارضة المدنية السودانية.
وبموجب الاتفاق، من المفترض أن يتبادل العسكريون والمدنيون قيادة مجلس السيادة، المؤلف من 11 عضواً خلال الفترة الانتقالية الممتدة لـ 39 شهراً، وتُجرى بعدها انتخابات عامة.