اتُّهمت شبكة نتفليكس عملاق صناعة الأفلام والمسلسلات "بالاختلاس الإلكتروني فائق السرعة" في ما يتعلّق بأعمالها الضريبية مع تخطّي عائداتها من المشتركين في المملكة المتحدة عتبة المليار جنيه استرليني (1,30 مليار دولار) عام 2019.
ومن المتوقع أن تصرّح ديم مارغريت هودج العضو في البرلمان أمام مجلس العموم بأنّ نتفليكس لا تسدّد ضرائب الأرباح التي حققتها في المملكة المتحدة وبأنّها استمتعت بما يقارب المليار جنيه استرليني من الإعفاءات الضريبية خلال العامين الماضيين.
ومع ذكر أرقام صادرة عن خليّة التفكير تاكس ووتش في المملكة المتحدة، ستعلن ديم هودج بأنّ نتفليكس كانت تخدع دافعي الضرائب. "نحن في الواقع نمنح المال لنتفليكس عدا ونقدا بينما تقوم الشبكة بإخفاء أرباحها خارج البلد"، ستقول هودج. "حان الوقت لوقف السلوك الضريبي العدائي لهذه الشركات الكبرى القائم على "شيء مقابل لا شيء". لقد طفح الكيل. يتوجّب أن تتوقّف هذه الإساءات الضريبية."
وقامت تاكس ووتش بمراجعة الحسابات الموثّقة مؤخراً والعائدة لحوالي 19 شركة فرعية لنتفليكس في المملكة المتحدة في مقرّ الشركات. وقدّرت بأنّ خدمة البثّ العملاقة حققت 68,5 مليون جنيه استرليني (89,3 مليون دولار) من المشتركين فيها البالغ عددهم 11,5 مليون شخص في المملكة المتحدة.
ففي حال تمّ التصريح عن هذه الأرباح في بريطانيا، بالكامل، سيتوجّب على نتفليكس أن تسدّد فاتورة ضرائب الشركات بقيمة 13 مليون جنيه استرليني (16,9 مليون دولار) ولكن هذه الأرباح مسجّلة في هولندا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نتيجةً لذلك، لم تدفع الشركة أيّ ضريبة شركات في المملكة المتحدة مقابل عائداتها وحصلت على إعفاء ضريبي يقارب مليون جنيه استرليني خلال 2017/2018 في إطار مخطّط الحكومة للإعفاءات الضريبية على أنشطة الصناعات الإبداعية.
وقال متحدّث باسم نتفليكس إنّ "الضرائب الدولية بحاجة إلى الإصلاح ونحن ندعم اقتراح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD الرامي إلى جعل الشركات تدفع أكثر في البلدان التي تساعد فيها عمليّاتها وأنشطتها على تحقيق الأرباح"، مضيفاً أنّه "في غضون ذلك، نلتزم بالأنظمة المرعية الإجراء في كلّ دولة نشغّل فيها عمليّاتنا".
وادّعت الشركة أنّ تقرير تاكس ووتش يتضمّن "عدداً من المغالطات" بما في ذلك أنّ نتفليكس تملك كياناً مقرّه جزر الكاريبي. صحيح أنّ نتفليكس كانت تملك فعلاً مقراً في الكاريبي ولكنّها أقفلته العام الماضي.
وتظهر الأرقام المالية الأخيرة للشركة والتي نُشرت في الولايات المتحدة أنّ العام 2019 كان زاخراً بالنجاح لشبكة نتفليكس إذ ارتفعت أرباحها بنسبة 63 في المئة لتسجّل ملياري دولار.
وفي سياقٍ متّصل، قال جورج ترنر، مدير خليّة تفكير تاكس ووتش في المملكة المتحدة أنّ "نتفليكس تحقق مليارات الدولارات من الأرباح حول العالم، ولكن على الرغم من آلاف العاملين فيها وملايين المشتركين في المملكة المتحدة، ما زالت الشركة تدّعي أنّها لا تحقّق أيّ أرباحٍ تُذكر في المملكة المتحدة وتطالب بالحصول على الدعم المالي من الحكومة."
وأضاف ترنر: "إنّ ذلك ممكن لأنّ الشركة تشغّل هيكليّة مشابهة لغيرها من الشركات المعروفة المتهرّبة من الضرائب التي تعمل في القطاع الرقمي. وبعد سنواتٍ من التهرّب من رادار المراقبة، نرحّب بالأخبار التي سمعناها بأنّ أعضاء في البرلمان سيضعون الترتيبات الضريبية العائدة لنتفليكس تحت المجهر في مجلس النواب الليلة فضلاً عن أنّ مكتب الموارد والجمارك الملكي HMRC أظهر هو أيضاً اهتماماً بهذه المقاربة."
تجدر الإشارة إلى أنّ التوترات تزايدت بشأن كيفية فرض الضرائب على الشركات الرقمية بعد أن هدّد وزير الخزانة الأميركي ستيف منوشين الشهر الماضي بزيادة الضرائب على شركات السيارات في حال ضغط رئيس الوزراء بوريس جونسون في اتجاه خططٍ تقضي بفرض ضرائب على عمالقة التكنولوجيا على غرار غوغل وفيسبوك.
وأعلن منوشين في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أنّ الولايات المتحدة تعتبر الضريبة المفروضة على الخدمات الرقمية "قائمة على التمييز" محذّراً من أنّ واشنطن قد تفرض ضرائب تصعيدية.
وفي دافوس ايضاً، أبرمت كلّ من الولايات المتحدة وفرنسا هدنة تهدئة حول خطط الرئيس الفرنسي ايمانيول ماكرون بإدخال تدابير مشابهة بعد أن ردّت واشنطن بتهديدٍ لفرض تعريفاتٍ جمركية عقابيّة على الجبنة والنبيذ الفرنسيين. بيد أنّ المسألة لا تزال تنتظر الحلّ.
وسبق أن أصرّت واشنطن من جهتها بوجوب عدم قيام البلدان على فرض ضرائب أحادية الجانب على شركات التكنولوجيا. عوضاً عن ذلك، يودّ المسؤولون الأميركيون من الحكومات أن تنتظر إلى حين التوصّل إلى اتفاق بشأن حلّ دوليّ تلعب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية دور الوساطة لبلوغه.
وتسعى هذه العملية إلى تطوير ركيزتين. الأولى عبارة عن مقاربة أحادية للشركة التي من شأنها تحديد الفواتير الضريبية للشركات المتعددة الجنسيات انطلاقاً من المكان الذي تسيّر فيه أعمالها عوضاً عن المكان الذي تحجز فيه أرباحها.
وترغب الولايات المتحدة بأن تكون هذه الركيزة اختياريّة وهو شرط سيجعل منها غير فعاّلة برأي بعض الخبراء. أمّا الركيزة الثانية فستكون عبارة عن خيارٍ احتياطي يطبّق الحدّ الأدنى لمعدّل الضريبة العالمية على أرباح الشركات بنسبة 10,5 في المئة وهو أقلّ ممّا يتوفّر حالياً في بعض البلدان كأيرلندا والتي تشكّل وجهاتٍ مفضّلة لشركات التكنولوجيا لتحويل أرباحها.
© The Independent