بالرفض الحاسم، رد الفلسطينيون على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب حتى قبل الكشف عنها، وذلك عقب اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس قبل أكثر من عامين.
ويعتقد فلسطينيون أن الخطوة الأميركية تلك كانت كافية لرفض الخطة، واعتبروها تطبيقاً مبكراً لها حتى قبل الكشف عنها من خلال إخراج قضية القدس التي يطالبون بأن تكون عاصمة لهم من قضايا الوضع النهائي.
وتنص خطة السلام الأميركية على الاعتراف بالقدس، بشقيها الغربي والشرقي، عاصمة لإسرائيل غير قابلة للتقسيم وعلى دعوة دول العالم إلى نقل سفارتها إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
وتشير الخطة المسمّاة "السلام من أجل الازدهار" إلى أن تقسيم القدس قبل عام 1967 أدى إلى التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، مضيفةً أنّ العودة إلى تقسيمها من جديد "سيكون خطأً كبيراً".
وتثني الخطة الأميركية على ما وصفته "حماية إسرائيل للأماكن المقدسة في المدينة" التي احتلتها في يونيو (حزيران) عام 1967، وعلى حفاظها على "الوضع القائم في المدينة على عكس القوى الأخرى التي سيطرت عليها ودمرت الأماكن المقدسة للأديان الأخرى".
عاصمة الفلسطينيين
تدعو الخطة إلى بقاء السيطرة الإسرائيلية على الأماكن المقدسة في البلدة القديمة للقدس الشرقية وإلى أن يستمر الوضع الحالي في "جبل الهيكل/ الحرم القدسي".
لكنّها تطالب بالسماح لأتباع جميع الديانات بالصلاة في المسجد الأقصى مع مراعاة أوقات صلوات المسلمين واليهود، في إشارة إلى الموافقة على التقسيم الزماني والمكاني للأقصى الذي يرفضه الفلسطينيون.
وتشير الخطة إلى أهمية القدس لأتباع الديانات السماوية الثلاثة كالمسجد الأقصى للمسلمين و"حائط المبكى" لليهود وكنيسة القيامة للمسيحيين.
كما تدعو إلى بقاء جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل عام 2005 وعزل القدس بشقَّيْها العربي والشرقي عن بلدات تابعة لمحافظة القدس، ومنها أبو ديس والعيزرية وكفر عقب والرام وعناتا، عن مركز المدينة واعتبار الجدار حدوداً دائمة بين العاصمتين.
وتطالب الخطة بأن تكون هذه البلدات الواقعة في شمال الجدار وشرقه عاصمة لدولة فلسطين، مضيفةً أنه يمكن للفلسطينيين تسميتها بالقدس.
وبشأن مصير أكثر من ثلاثمئة ألف فلسطيني ما زالوا يقيمون داخل القدس، تضعهم الخطة أمام ثلاثة خيارات، إما حصولهم على المواطنة الإسرائيلية الكاملة أو المواطنة الفلسطينية أو استمرار وضعهم الحالي كمقيميين دائمين في إسرائيل.
وتدعو إلى تشجيع السياحة الإسلامية في القدس وإقامة وسائل نقل متطورة ومطاعم وفنادق.
لا استراتيجية
في هذا السياق، يصف القيادي في حركة "فتح" حاتم عبد القادر، بنود خطة ترمب المتعلقة بالقدس بأنها "مثيرة للسخرية"، مضيفاً أن واشنطن لن تجد مسؤولاً فلسطينياً يوافق على التنازل عن الحقوق الوطنية التي كفلتها الشرعية الدولية في القدس المحتلة.
ويرفض في مقابلة مع "اندبندنت عربية" التعريف الأميركي للقدس، مشيراً إلى أن القدس الشرقية تبلغ مساحتها 6 كم، وتقع في البلدة القديمة والأحياء والبلدات المحيطة بها وليس في العيزرية وأبو ديس وشعفاط وكفر عقب فحسب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويؤمن بأن الرهان على تطبيق خطة ترمب سيسبب مخاطرة كبيرة لواشنطن وتل أبيب، مؤكداً أنها لن تخلق حقاً لإسرائيل في القدس المحتلة ولن تنشئ التزاماً فلسطينياً، طالما رفضها الفلسطنينون.
وينوّه القيادي في حركة فتح إلى أن الفلسطينيين لن يتنازلوا عن القدس حتى لو مُنحوا كامل فلسطين من النهر إلى البحر.
ويستدرك أن الرفض الفلسطيني لتطبيق الخطة لا يكفي لإفشالها، داعياً القيادة إلى تبني استراتيجية لتعزيز صمود الفلسطينيين في القدس وإلى إطلاق مقاومة سلمية للتعبير عن رفض الخطة.
ويشدّد عبد القادر على أن القيادة الفلسطينية والدول العربية لا تمتلك استراتيجية لدعم الفلسطينيين في القدس بهدف بقائهم في المدينة وعدم هجرتها.
حل الدولتين انتهى
في المقابل، يعتقد المحلل السياسي على الجرباوي أن خطة ترمب منحت لإسرائيل "كقوة احتلال" رخصة لفرض الأمر الواقع وتكريسه، لكنها غير كافية، مشيراً إلى أن تل أبيب ستنفذ الخطة بالقوة، بمعزل عن رفض معظم دول العالم لها.
ويضيف أن إسرائيل لا تتعرض للضغوط من أجل إنهاء احتلالها، لافتاً إلى أن بيانات رفض الخطة "غير مجدية وتأتي بهدف رفع العتب".
ويجزم بأنّ حلّ الدولتين بالمفهوم الفلسطيني انتهى، وخطة ترمب تُثبت أنه لم يعد مطروحاً في الوقت الحالي والمستقبل القريب والمتوسط.