كشف هاني سالم سنبل، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، أن المؤسسة هي كيان مستقل يشكل جزءاً من مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، باعتبار أن أحد أنشطته تمويل احتياجات الدول الأعضاء.
وأضاف في حديثه لـ"اندبندنت عربية" أن المؤسسة أُنشِئت في عام 2005 بمبادرة من ملك السعودية الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، لتعزيز التجارة البينية بين دول منظمة التعاون الإسلامي، وفى يناير (كانون الثاني) عام 2008، بدأت المؤسسة على أسس صلبة ورثت محفظة التمويل التجاري، وتوسعت عاماً بعد عام لتصبح مؤسسة تجارية رئيسة لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية.
50 مليار دولار حجم التمويلات خلال 12 عاماً
وحول حجم التمويلات المقدمة من المؤسسة للدول الأعضاء، قال سنبل "خلال 12 عاماً تمكنا من توفير تمويلات تتجاوز 50 مليار دولار أميركي في أكثر من 750 برنامجاً لصالح الدول الأعضاء في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، سواء كانت الهيئات السيادية أو العامة أو الحكومية ذات الصلة والمؤسسات المالية والبنوك والقطاع الخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة".
وكشف أن "حجم المبلغ الإجمالي المتراكم لتمويل التجارة منذ إنشاء البنك الإسلامي بلغ 72 مليار دولار، والذي شمل برامج تمويل التجارة وتطوير التجارة من خلال العديد من البرامج الرائدة التي تقودها المؤسسة لتلبية الاحتياجات المتزايدة باستمرار من الدول الأعضاء لدعم القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل الطاقة والأمن الغذائي والزراعة والتصنيع والتجارة".
وبخصوص استفادة الدول الأعضاء من البرامج التمويلية، أوضح المدير التنفيذي للمؤسسة الإسلامية للتجارة أنها تعمل من خلال التواصل المباشر مع الدول الأعضاء لمعرفة احتياجاتها، ولدينا وثيقة استراتيجية مع كل الدول الأعضاء يجري من خلالها تحديد هذه الاحتياجات عبر الاتصالات المباشرة وعقد الاجتماعات، وبعدها تُصاغ برامج على مدار ثلاث سنوات، وتُوّقع بعدها اتفاقيات إطارية".
57 دولة عضوة في المؤسسة الإسلامية
وأكد أن "المؤسسة حققت نجاحات كبيرة في نمو عملياتها داخل الدول الأعضاء التي يبلغ عددها 57 دولة"، لافتاً إلى أن "استطعنا تحفيز شركات وبنوك عالمية للعمل في الدول الأعضاء، بما يدل على القدرة التي تحظى بها المؤسسة من خلال تصنيفها الائتماني من مؤسسة موديز (A1) علاوة على ثقة الشركاء بها".
وتابع "المؤسسة لديها خبرات كثيرة في مجال الائتمان والمخاطر، كما نوعت منتجاتها وبرامجها، وهناك إدارة متخصصة للمنتجات الجديدة وتطوير الأعمال، ونحاول أن تكون لدينا آليات لتقديم حلول تجارية نساعد بها الدول الأعضاء".
حجم التجارة العربية الأفريقية 14 مليار دولار
وفيما يتعلق بالتعاون بين الدول العربية ونظيرتها في القارة السمراء، قال "أطلقنا برنامج جسور التجارة العربية الأفريقية، بالتعاون مع مؤسسات تمويلية وتنموية دولية وإقليمية" لافتاً إلى أن حجم التجارة العربية الأفريقية 14 مليار دولار، تمثل 10 في المئة من التجارة في القارة، وهو رقم قابل للزيادة، لأن الفرص المتاحة لا تزال أكبر بكثير، والمبادرة لها أنشطة في مصر لتحقيق هذا الهدف، وهناك 20 مليار دولار تُنفق على الاستثمار في البنية التحتية في أفريقيا سنوياً".
البنية التحتية وزيادة فرص الاستثمار مع القارة السمراء
وعن العقبات التي تواجه الاستثمار في أفريقيا أكد أن "هذا الاستثمار كان يواجه عقبات دائماً، إلا أن لدينا مبادرات، منها (أفريقيا في البداية) إلى جانب برنامج لدعم السوق الأفريقية المشتركة واتفاقية التجارة الحرة للدول الأفريقية لتسهيل عمليات التجارة والتصدير، والاستثمار في البنية التحتية في القارة سيزيد من حركة التجارة بين العرب وأفريقيا، ويحل التحدي الذي يواجه الدول المنغلقة البعيدة عن الشواطئ، ويجب ألا نغفل التطور الذي شهده القطاع المصرفي في أفريقيا على مدار 45 عاماً، ما أسهم في تحول القارة من أرض المخاطر إلى أرض الفرص، فهي تحتاج لزيادة مشاركتها وتعاونها مع مؤسسات التمويل الدولية".
محفظة التعاون مع القاهرة تخطت 10.5 مليار دولار
وحول أوجه التعاون مع القاهرة قال سنبل "في الفترات السابقة كان تركيزنا في التعاون مع مصر على دعم قطاعين رئيسين، هما توفير الأمن الغذائي عبر التعاون مع وزارة التموين المصرية وتوفير السلع الغذائية الرئيسة كالأرز والقمح، وتوفير الطاقة من خلال التعاون مع الهيئة المصرية للبترول".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى وجود برامج عديدة أخرى استفادت منها القاهرة عبر تنمية التجارة، من خلال شركاء داخل مصر ومراكز تدريب عديدة، أهمها كان المساعدة من أجل التجارة بين الدول العربية، كذلك استفادت القاهرة من نحو ثلاثة مشروعات أخرى، منها تحسين الممرات التجارية والنقل بين مصر والسودان، وتأهيل وتوظيف الشباب في مجال التجارة، ومشروع تعزيز مهارات العمالة في الصناعات الغذائية والأثاث المنزلي.
ولفت إلى أن المؤسسة تدرك مدى الأهمية الاستراتيجية الهائلة التي تنطوي عليها الاتفاقيات الإطارية الموقعة بين المؤسسة ومصر، مؤكداً أن المؤسسة اعتمدت حتى الآن 5 اتفاقيات إطارية مع القاهرة، بما يقارب 10.5 مليار دولار، مشيراً إلى أن مؤسسته تسعى حالياً إلى إنهاء تنفيذ ما تبقى في الاتفاقية الإطارية الأخيرة، وتوقيع أخرى جديدة، ومنذ العام 1985 وحتى 2007 أصدر البنك الإسلامي للتنمية عدة موافقات لتقديم تمويل يبلغ نحو 1.675 مليار دولار إلى مصر، خُصص معظمه لتمويل استيراد النفط ومنتجاته المكررة وكذلك القمح.
وعن دعم برنامج خاص بالمشروعات المتوسطة والصغيرة في القاهرة، قال "نعمل حالياً على هذا القطاع في مصر، وسنركز مع وزارة التجارة والصناعة بقيادة الوزيرة نيفين جامع في الفترة المقبلة على ربط الشركات المتوسطة والصغيرة"، موضحاً "المؤسسة أطلقت بالفعل برنامجاً لهذه النوعية من المشروعات لتعزيز قدراتها، وخلق علاقة بينها وبين المصارف للحصول على التمويل، وعندما طُبق هذا البرنامج في بوركينا فاسو حقق نجاحاً، واستمرار تنفيذ ذلك يتطلب إرادة سياسية لتغيير طريقة ممارسة الأعمال في أفريقيا نحو تصدير السلع الصناعية وليس المواد الخام، بما يؤدي إلى زيادة في حركة التجارة البينية والاستثمار في البنية التحتية".
التوسع في التجارة الرقمية
وبخصوص التجارة الإلكترونية، أشار إلى أن "المؤسسة عضو في (البرنامج العالمي للتجارة الإلكترونية للجميع)، ونسعى حالياً من خلال علاقاتنا في الدول الأعضاء إلى التوسع في تكنولوجيا التجارة الرقمية لمساعدة القطاعات المختلفة، مثل الزراعة والصناعة، ونعمل حالياً من خلال إطلاق المرحلة الثانية من برنامج الغذاء والتجارة بالتعاون مع (الأونكتاد)، وقد استفاد منه العراق لتقييم وسد عجز الفجوة التكنولوجية لديه".
إدارة لمواجهة أخطار الحرب التجارية و"كورونا"
وعن تأثر دور المؤسسة بالحرب التجارية بين الصين وأميركا وكذلك فيروس كورونا، أوضح الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة "قطاعا التجارة والاستثمار يرتبطان بالمناخ الاستثماري للدول، وعندما يكون هناك نزاع بين أكبر دولتين تجاريتين في العالم، فبالطبع تكون هناك تأثيرات على الدول الأعضاء فيها، تنعكس على قطاعات التصدير والاستيراد والطيران".
وتابع "الأمراض الفيروسية التي تصل إلى مرحلة الوباء تمثل أحد المخاطر التي تواجه الاقتصاد والتجارة العالمية، وتؤثر على حجم التجارة البينية بين الدول، لكن المؤسسة لديها إدارة خاصة بمخاطر الاستثمار تعمل على التحوط ضد أخطار الحرب التجارية وفيروس كورونا، وقد أظهرت المؤسسة قوة كبيرة أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت العالم عام 2008 وأعقبها ارتفاع الأسعار في عام 2010، حيث استطاعت أن تعبر الأزمة من دون خسائر".
دعم الدول الإسلامية من سورينام إلى جاكرتا
وعن دعم الدول الإسلامية حول العالم قال إن "المؤسسة تعمل في 57 دولة من سورينام في أميركا الجنوبية إلى جاكرتا في إندونيسيا، ولديها عباءة وأدوات مالية تمكنها من تقديم الدعم الكافي، كما نعمل مع عدد من شركاء التنمية ومؤسسات التمويل الدولية".
واختتم الرئيس التنفيذي للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة حديثه، قائلاً إن "أكبر أزمة تواجه الأعضاء هي عدم تنفيذ خطط تتسم بالاستمرارية وترتبط بتعاقب الحكومات، كون ذلك يقلص من فرص ديمومة معدلات النمو المرتفعة".