"كمنقذ لحل الدولتين"، يتطلع الفلسطينيون إلى الاتحاد الأوروبي في مواجهة خطة ترمب للسلام التي رفضتها القيادة الفلسطينية، باعتبارها تصفية لحقوق الفلسطينيين، وتقضي على إمكانية إقامة دولة فلسطينية على خطوط عام 1967.
ولا يترك المسؤولون الفلسطينيون فرصة إلا ويطالبون خلالها دول الاتحاد الأوروبي بالاعتراف بدولة فلسطين، كرد عملي على خطة ترمب، ولإنقاذ حل الدولتين قبل فوات الأوان.
ويطالب الفلسطينيون الاتحاد بترك سياسة البيانات التي تدين الاستيطان وتعتبره غير شرعي ويشكل عقبة أمام حل الدولتين، واتخاذ إجراءات عملية تضغط على إسرائيل للقبول بإقامة دولة فلسطينية.
ومع تولي شخصية قوية ومتعاطفة مع الشعب الفلسطيني مثل جوزيف بوريل منصب الممثل للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، يطمح الفلسطينيون إلى دور أوروبي أكثر قوة.
زيارة إلى بروكسل
في سياق متصل، أجرى وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي زيارة إلى بروكسل تمهيداً لزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لحشد الدعم الدولي الرافض لخطة ترمب والحث على ترجمة ذلك إلى إجراءات عملية.
وفي تصريح لافت، قال إن "الاتحاد الأوروبي لا يمتلك من الشجاعة ما يكفي لأن يتخذ إجراءات عقابية بحق إسرائيل".
وأشار المالكي إلى أن الاتحاد الأوروبي "يتخذ إجراءات تتوافق مع مبادئه في كل مكان في العالم إلا في إسرائيل، فحينها تختفي تلك المبادئ، مضيفاً أن بعض الأصوات داخل الاتحاد الأوروبي تمنع اتخاذ تلك الإجراءات.
ومع أن المالكي شكك في إمكانية أن تتخذ جميع دول الاتحاد موقفاً موحداً لإلزام إسرائيل بالقانون الدولي، فإنه طالب الاتحاد الأوروبي باتخاذ خطوات عملية لردع إسرائيل والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، محذراً من عواقب إقدام إسرائيل على ضم غور الأردن والمستوطنات.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما عام 2011 نحو 40.3 مليار دولار.
وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قرروا خلال اجتماع الأسبوع الماضي، تأجيل اتخاذ موقف عملي من خطة ترمب إلى الثالث والعشرين من مارس (آذار) المقبل عقب الانتخابات الإسرائيلية.
حل قضايا الوضع النهائي
وانتقد البيان خطة ترمب، موضحاً أنها "تبتعد عن المعايير المتفق عليها دولياً، مجدداً الالتزام بحل الدولتين عن طريق المفاوضات، وعلى أساس حدود عام 1967"، مشدداً على "ضرورة حل قضايا الوضع النهائي من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين بما يشمل الحدود ووضع القدس والأمن ومسألة اللاجئين".
وخلال لقائه بالمالكي أكد بوريل أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيبحثون الشهر المقبل في خطوات إنقاذ حل الدولتين والخروج بأفكار عملية من شأنها إعادة المفاوضات وفق الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، مشدداً على التزامه الشخصي بمتابعة ذلك.
ووصف المالكي لقاءه ببوريل بأنه "في غاية الأهمية"، مضيفاً أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي "يبحثون عن أفكار تتيح لهم فتح مسارات وخيارات من أجل تجسيد موقفهم الرافض لخطة ترمب على أرض الواقع".
آلية اتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي
وتمنع آلية اتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي من اتخاذ إجراءات عملية للضغط على إسرائيل بسبب وجود دول أعضاء في الاتحاد توصف بالحليفة إليها؛ إذ يتطلب ذلك وجود إجماع كامل بين الدول الأعضاء السبعة والعشرين.
لكن الناطق باسم الإتحاد الأوروبي في فلسطين شادي عثمان أوضح أن الاتحاد يمتلك أوراقاً تمكنه من الضغط على إسرائيل، لكنه أشار إلى وجود رغبة في الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية.
وأوضح عثمان لـ"اندبندنت عربية"، أن أنظمة الاتحاد الأوروبي تتيح لمفوض العلاقات الخارجية اتخاذ قرارات فنية كتعليق اتفاقية الشراكة التجارية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي بسبب وجود بنود فيها تدعو إسرائيل إلى احترام القانون الدولي، الذي تنتهكه إسرائيل من خلال استمرار الاستيطان ورفض حل الدولتين.
في سياق متصل، يرى الكاتب والمحلل السياسي غسان الخطيب أن الاتحاد الأوروبي يمتلك أوراقاً يمكن أن يستخدمها في حال وجود الإرادة السياسية لديه من أجل الحفاظ على حل الدولتين.
وأضاف الخطيب أن من بيت تلك الأوراق، الاعتراف بدولة فلسطين على خطوط عام 1967، واتخاذ إجراءات عملية ضد الاستيطان، كسحب الشركات الأوروبية العاملة في المستوطنات وعدم التعامل مع بضائع المستوطنات.