في ظل ملاحقة برلمانية ضد توسّع الحكومة في الاقتراض خارجياً، واستخدام القروض في الإنفاق على الموازنة العامة للدولة من دون تنمية اقتصادية أو اجتماعية، استعدت الحكومة المصرية لتجهيز الصكوك السيادية.
الصكوك المقرر إصدارها بعد تفعيل القانون تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، بعد فشل إصدارها منذ 7 سنوات بعد طرح جماعة الإخوان المسلمين قانوناً مشابهاً في فترة حكمهم عام 2013 لغياب ضمانات تحافظ على أصول وممتلكات الدولة، قبل أن يُلغى بقرار جمهوري في العام 2015.
وزارة المالية المصرية انتهت من إعداد مشروع قانون جديد للصكوك السيادية الحكومية، وأحالته إلى مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات اللازمة لعرضه على مجلس النواب لإصداره.
وتختلف الصكوك عن السندات، إذ إنّ الأولى تمثل أداة تمويلية تلجأ إليها الحكومات لتمويل مشروعات بعينها، من أجل تلبية الحاجات التمويلية، وتطرحها الوزارة بشكل مستمر وليس لها قيود في الاستخدام، ولا يمكن حصرها على تمويل مشروعات بعينها، بينما السندات استخدامها واسع المجال.
الصكوك السيادية الحكومية
وقال محمد معيط، وزير المالية المصري، في بيان صحافي، "الصكوك السيادية الحكومية تُعد أحد أنواع الأوراق المالية السيادية التي تنوي وزارة المالية إصدارها بغرض تمويل الموازنة العامة للدولة"، موضحاً "إصدار الصكوك السيادية الحكومية سيسهم في جذب مستثمرين جدد ممن لا يستثمرون في الإصدارات الحكومية الحالية من الأوراق المالية أو أدوات الدين".
وأضاف معيط، "إصدار الصكوك يأتي في إطار سعى وزارة المالية نحو تحسين الأداء المالي، وتحقيق المستهدفات القصيرة والطويلة الأجل، والحد من عجز الموازنة العامة للدولة".
ويُحظر استخدام الأصول الثابتة والمنقولة المملوكة للدولة في إصدار الصكوك السيادية الحكومية.
وقالت سارة عيد، نائب وزير المالية، "إصدار الصكوك يكون على أساس الأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة"، موضحة "العملية ستُجرى من خلال بيع حق الانتفاع بهذه الأصول من دون حق الرقابة، أو عن طريق تأجيرها، أو بأي طريق آخر يتفق مع عقد إصدار هذه الصكوك، وفقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية".
ولفتت عيد إلى أنه يصدر بتحديد الأصول الثابتة والمنقولة المملوكة للدولة "ملكية خاصة" التي تصدر على أساسها الصكوك، قرار من رئيس مجلس الوزراء، بحيث تكون هناك آلية لتقييم حق الانتفاع بالأصول التي تصدر على أساسها الصكوك أو مقابل تأجيرها لهذا الغرض، ويُحظر استخدام الأصول الثابتة والمنقولة المملوكة للدولة ملكية عامة، أو منافعها، في إصدار الصكوك السيادية الحكومية.
وأضافت نائب وزير المالية، أنه سيجرى إصدار الصكوك في شكل شهادة ورقية أو إلكترونية بالمواصفات التي تحددها اللائحة التنفيذية، وتكون اسمية، متساوية القيمة، تصدر لمدة محددة بالجنيه المصري أو بالعملات الأجنبية عن طريق طروحات عامة أو خاصة بالسوق المحلية أو الأسواق الدولية، ومنها المضاربة، والمرابحة، والإجارة، والاستصناع، والوكالة.
واختتمت سارة عيد، "سيجرى إصدار الصكوك السيادية الحكومية طبقاً لأي من الصيغ المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تقرها الهيئة الشرعية، وعلى أساس عقد شرعي أو أكثر من العقود المطابقة تلك المبادئ، ويخضع إصدارها وتداولها واستردادها للضوابط الشرعية والقواعد والإجراءات التي تطبق على التعاملات والتداولات للإصدارات الحكومية من الأوراق المالية وأدوات الدين"، ولفتت إلى أنه "سيجرى إنشاء شركة مملوكة للدولة لإدارة وتنفيذ عملية إصدار الصكوك السيادية الحكومية تكون وكيلاً عن حَمَلة الصكوك".
ملاحقة البرلمان
وقالت بسنت فهمي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري، إن اتجاه الحكومة لإصدار الصكوك "جاء بعد ضغط كبير من البرلمان".
وأوضحت، في حديثها إلى "اندبندنت عربية"، "البرلمان وقف بالمرصاد خلال الفترة المالية ضد الحكومة بعد التوسع في الاقتراض من الخارج، ما تسبب في زيادة حجم الدين العام الخارجي، وارتفعت معه الفوائد والأعباء على الموازنة العامة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكدت فهمي، "البرلمان المصري طالب وزارة المالية بصفتها المسؤولة عن إدارة الموازنة العامة للدولة بعدم الاقتراض من الخارج للإنفاق على الموازنة العامة".
بيان وزارة المالية أشار إلى أنّ الحد الأقصى لمدة تقرير حق الانتفاع بالأصول الثابتة التي تصدر على أساسها الصكوك أو مدة تأجيرها 30 عاماً، التزاماً بأحكام الدستور، ويجوز إعادة تأجير هذه الأصول للجهة المستفيدة.
وأكد البيان أنه يحظر الحجز أو اتخاذ إجراءات تنفيذية على الأصول التي تصدر على أساسها الصكوك، مع بطلان أي إجراء أو تصرّف مخالف لذلك، وتقرير عقوبة جنائية على المخالفين، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء يصدر اللائحة التنفيذية لقانون الصكوك السيادية الحكومية، خلال 3 أشهر بعد إصدار القانون والعمل به.
تأسيس هيئة شرعية
المستشار خالد النشار، نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية لشؤون أسواق المال، قال "عمليات إصدار الصكوك تتطلب تأسيس هيئة شرعية تضم 5 أعضاء، يجوز زيادتها إلى 7، وترشح هيئة كبار العلماء بالأزهر 3 منهم، من علماء الأزهر المعتمدين، ويرشح الوزير المختص الاثنين الآخرين من أساتذة الجامعات المتخصصين في مجالات التمويل الإسلامي محلياً ودولياً، على أن يصدر بتشكيل الهيئة، ونظام عملها، وتحديد مقرها، قرار من رئيس مجلس الوزراء".
وكشف النشار، أن تداول الصكوك السيادية الحكومية يتطلب الالتزام بالمعايير الشرعية المقررة، وبما تنصّ عليه نشرة الإصدار، موضحاً أنه يجرى قيد ما يصدر من هذه الصكوك في مصر بالعملة المحلية أو الأجنبية بجداول بورصة الأوراق المالية، وحفظها بشركة الإيداع والحفظ المركزي، أمّا ما يجرى إصداره من الصكوك خارج مصر "الصكوك الدولية" بالعملات الأجنبية، فيجرى قيده بالبورصات الدولية وفقاً للقواعد المتبعة للإصدارات الحكومية الدولية على أن يطرح مشروع القانون الجديد للحوار المجتمعي على مجتمع الأعمال.
قانون الإخوان كان معيباً
وحول فشل إصدار قانون الصكوك عام 2013 قبل رحيل الإخوان المسلمين عن الحكم في مصر كشف النشار، "مشروع القانون الحالي يضمن الحفاظ على أصول وممتلكات الدولة المصرية، وهذا ما كان ينقص قانون الإخوان السابق"، مؤكداً القانون السابق "كان معيباً وبه كثير من الثغرات التي وضعت لأهداف بعينها كانت تسعى من خلالها الجماعة الإرهابية لتحقيق كثير من المكتسبات في ذلك الوقت رافضاً الخوض في التفاصيل".
وكانت حكومة الإخوان قدّمت في فترة حكمها القانون رقم 10 لسنة 2013 بشأن الصكوك، ومنها الصكوك الإسلامية، الذي جرى إلغاء العمل به في عام في عام 2015 بقرار جمهوري من الرئاسة المصرية.