قرار مفاجئ وجريء أصدره، أمس الأحد، المجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) يقضي بخفض أسعار الفائدة إلى ما بين الصفر و0.25 في المئة.
ويأتي توقيت القرار يوم العطلة في الولايات المتحدة، وخارج جدول الاجتماع الرسمي "للمركزي"، ليعطي أبعاداً على حجم الأزمة التي يعيشها الاقتصاد بسبب مخاطر فيروس كورونا، حيث اضطر "المركزي" لاتخاذ قراره قبل فتح الأسواق اليوم الاثنين، ولإعطاء جرعة تفاؤل كبيرة لمنع السقوط الحر الذي تعيشه البورصات منذ منتصف فبراير (شباط) الماضي. وكان موعد اجتماع "المركزي" للبت في أسعار الفائدة في 17 و18 من مارس (آذار).
ثاني قرار في أسبوعين
ويعتبر هذا التخفيض للفائدة هو المرة الثانية خلال أقل من أسبوعين، فقد كان مجلس الاحتياطي خفض بالفعل أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية أثناء اجتماع عاجل في الثالث من مارس (آذار)، في أول خفض خارج جدول اجتماعات السياسة العادي منذ الأزمة المالية في 2008.
ويعني تخفيض الفائدة لتصبح صفرية تقريباً، أي أن الإقراض أصبح شبه مجاني، بينما الإيداع لم يعد فرصة استثمارية، ما سيحفز المستثمرين على وضع أموالهم في الأصول بدل تحويلها للنقد. وسيتدخل "المركزي" أيضا عبر خطة تحفيزية بمليارات الدولارات من شأنها أن تدعم الاقتصاد.
الخطوة مقلقة أيضاً
لكن الخطوة نفسها ستفتح باباً للقلق من أن هناك أزمة كبيرة يراها "المركزي" في الأفق دفعته لاتخاذ هذا القرار التاريخي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مجلس الاحتياطي في بيان له نقلته "رويترز" أن "تداعيات فيروس كورونا ستثقل كاهل النشاط الاقتصادي في المدى القريب وتفرض مخاطر على التوقعات الاقتصادية. في ضوء هذه التطورات، قررت اللجنة خفض النطاق المستهدف".
وأضاف، "تتوقع اللجنة الإبقاء على هذا النطاق المستهدف إلى أن تتكون لديها قناعة بأن الاقتصاد قد تجاوز الأحداث الأخيرة، وأنه يسير صوب تحقيق أهدافها المتمثلة في أقصى مستوى توظيف واستقرار الأسعار".
موجة تدخل لمنع الانهيار
وأطلق مجلس الاحتياطي الاتحادي، الخميس، موجة مشتريات لسندات الخزانة حجمها 37 مليار دولار في إطار إجراءات محسنة لضخ السيولة في السوق ولمعالجة الأوضاع المتقلبة في سوق السندات الحكومية جراء تفشي فيروس كورونا.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت حالة الطوارئ العامة في البلاد، يوم الجمعة الماضي، على خلفية الانتشار السريع لوباء كورونا. كما أعلن البيت الأبيض عن خطة حكومية متكاملة تتضمن 50 مليار دولار لمكافحة الوباء.
وأدى هذا الإعلان الى تهدئة الأسواق التي شهدت أكبر انهيارات الأسبوع الماضي منذ أزمة الاثنين الأسود في عام 1987. ومنيت المؤشرات الأميركية الثلاثة بخسائر فادحة الأسبوع الماضي حيث انخفضت 8 في المئة.
بنوك عالمية تدخلت للإنقاذ
وكانت البنوك المركزية تدخلت الأسبوع الماضي في أنحاء العالم لدعم أسواق النقد بعد أن أدى انهيار أسعار الأسهم إلى التدافع على السيولة، ما أضر بالعديد من العملات وهدد بزيادة تكاليف الاقتراض قصير الأجل.
ففي الصين، خفضت السلطات نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك للمرة الثانية هذا العام، وأعلنت النرويج والسويد حزم تحفيز واسعة النطاق أثناء جلسة المعاملات الأوروبية، ووحده البنك المركزي الأوروبي أبقى على أسعار الفائدة كما هي في خطوة عرضته لانتقادات كبيرة وتركت الأسواق الأوروبية في حالة سقوط حر للأسهم.
وعصف فيروس كورونا بالأصول عالية المخاطر في أنحاء العالم ماحياً أكثر من 15 تريليون دولار من قيمتها خلال أقل من شهر بحسب بيانات "رويترز".