أقر رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي هيثم الجبوري بأن العراق سيواجه مشكلات في تأمين رواتب شهر يونيو (حزيران) 2020، على إثر الأزمة الناجمة عن انهيار أسعار النفط وتراجع معدلات الطلب بسبب كورونا.
لا إحصاءات للموظفين
لا تقدّم السجلات الرسمية العراقية إحصائيات نهائية عن عدد الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين الذين يحصلون على مرتبات ثابتة، ولا عن أعداد العاطلين والفقراء والمتعففين الذين يتلقون إعانات شهرية، لكن مصادر في وزارة المالية وأخرى في البنك المركزي واللجنة المالية في مجلس النواب تجمع على أن العراق ينفق سنوياً حوالى 43 مليار دولار على المرتبات والإعانات الثابتة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان العراق يخطط لجني حوالى 98 مليار دولار خلال عام 2020، بناء على تقديرات سابقة تشير إلى أن أسعار النفط ستكون في حدود 70 دولاراً للبرميل، ومع العوائد غير النفطية كالجمارك والضرائب، كان يمكن الوصول إلى أكثر من 100 مليار دولار، لكن حرب أسعار النفط ووباء كورونا أطاحتا بجميع هذه التوقعات.
انهيار الإيرادات
وبدلاً من أن يجني العراق حوالى تسعة مليارات دولار في الشهر الواحد وفقاً للخطط المعدة سلفاً في ما يتعلق بعام 2020، انخفض الدخل العام إلى مليار و200 ألف دولار خلال أبريل (نيسان) الماضي، ما أثار الهلع في نفوس الساسة والمواطنين على حد سواء، وفي ظل هذه المعطيات، من المنتظر أن يواجه العراق ركوداً اقتصادياً عميقاً، وربما أزمة في السيولة، قد تدفعه إلى حلول قاسية، بينها خفض معدل المرتبات بطريقة الادخار الإجباري للموظفين الحكوميين، والاقتراض الداخلي والخارجي وتنشيط القطاع الخاص ليسهم في استيعاب البطالة المتفشية.
يقول هيثم الجبوري، وهو رئيس اللجنة النيابية التي تراقب عملية تشريع قانون موازنة البلاد السنوية، إن العراق يجني الآن ما قيمته حوالى تسعة دولارات كأرباح صافية عن بيع كل برميل، في حين أنه استهدف مطلع العام سعر 56 دولاراً، بمعدل نمو في حجم الصادرات بناء على زيادة الطلب العالمي، حتى يصل إلى حاجز الـ 70 دولاراً.
وسيحصل العراق، وفقاً للجبوري، خلال الأشهر الحالية على نحو ربع عوائده التي كان يحصل عليها في الوقت نفسه من العام الماضي 2019، وحذر من أن الحكومة قد تدفع رواتب الموظفين أواخر مايو (أيار) الحالي كاملة، لكنها لن تتمكن من فعل الأمر نفسه خلال الشهرين المقبلين.
ولم يقر العراق حتى الآن موازنة العام 2020، لذلك لا تتوافر أي أرقام رسمية لدى الحكومة أو البرلمان عن حجم الإيرادات المتوقعة وحجم العجز المتوقع في الموازنة.
الاحتياطي والديون
ووفقاً لمحافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، فإن احتياطي العراق الفيدرالي يبلغ حوالى 70 مليار دولار، بفائض قدره حوالى 12 مليار دولار عن كتلة النقد المتاحة بالعملة المحلية، ويقول خبراء إن هذه الأرقام تشير إلى أن حكومة رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي، التي نالت ثقة البرلمان تملك هامش مناورة يتعلق بحوالى 12 مليار دولار بالتنسيق مع السلطة المسيطرة على النقد، من دون أن تخلّ بمعايير الأمن المالي في البلاد، لكن العلاق يقر أيضاً بأن ديون العراق الداخلية والخارجية اقتربت عام 2019 من حاجز الـ 100 مليار دولار، أي بنسبة حوالى 100 في المئة من إجمالي الناتج القومي.
ومع تدني أسعار النفط، فليس من المتوقع أن يضع العراق في اعتباراته أي أهمية لتسديد الديون الخارجية حتى نهاية العام الحالي في أفضل التقديرات، ويقول مراقبون إن الكاظمي ربما يدخر في جعبته الكثير، في ما يتعلق بملف العلاقات الخارجية، وقدرته على استخدامه لتوفير حلول عاجلة لأزمة بلاده الاقتصادية.
تعهدات دولية
ولم تنقض 24 ساعة على عمر حكومته، حتى تلقى الكاظمي سلسلة خطوات دولية داعمة، الأولى على لسان السفير البريطاني في بغداد ستيفن هيكي الذي أكد استعداد بلاده لمساعدة العراق على تخطي آثار مواجهة كورونا، والثانية من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي هاتف رئيس الوزراء العراقي، مبلغاً إياه قرار واشنطن الجديد بتمديد الاستثناء الممنوح الخاص باستيراد الكهرباء والغاز من إيران مدة 120 يوماً.
والدفعة الثالثة جاءت من نائب رئيس الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي رأى أن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة "خطوة أساسية للاستقرار الطويل في البلاد، وضمان معالجة التحديات المتعددة التي تواجهها البلاد حالياً"، وقال "المناصب الوزارية المتبقية سيتم شغلها في أقرب وقت ممكن، ما يسمح للحكومة المقبلة بالاستجابة السريعة والفعالة للحاجات الاقتصادية والأمنية والصحية الملحة للبلاد، مؤكداً أن "الاتحاد الأوروبي على استعداد لدعم الحكومة الجديدة في هذه الجهود مع الاحترام الكامل لسيادة العراق".
تسهيلات نفطية وقروض
وتقول النائبة في البرلمان العراقي عالية نصيف، إن الكاظمي توصل إلى اتفاقات أولية في ملفين، ضمن جهود مواجهة الأزمة المالية، الأول عبارة عن وعود دولية باستثناء بغداد من اتفاق أوبك+، الخاص بخفض صادرات النفط بمعدل الربع، والثاني حصول البلاد على قرض عاجل من صندوق النقد الدولي بقيمة ستة مليارات دولار من دون فوائد.