خلال الفترة الماضية، أعلنت عدة شركات طيران ضخمة إفلاسها، مع استمرار توقف حركة السفر والطيران بسبب الإجراءات الاحترازية التي أعلنتها حكومات ودول العالم لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد.
الأزمة لم تتوقف عند حدود شركات الطيران الخاصة أو الصغيرة، بل تسللت إلى شركات ضخمة وحكومية، آخرها ما تشهده خطوط "لوفتهانزا" الألمانية التي تدخلت الحكومة الألمانية لإنقاذها خلال الساعات الماضية.
عالمياً، تشير تقديرات الاتحاد الدولي للنقل الجوي "إياتا"، إلى أن خسارة قطاع الطيران في العالم خلال العام الحالي تصل إلى نحو 314 مليار دولار أميركي مقارنة بالعام الماضي، وتستند هذه التقديرات إلى سيناريو قيود شديدة على السفر تستمر لمدة 3 أشهر مع رفع تدريجي لها في الأسواق المحلية، تليها خطوة مماثلة إقليمياً وعبر القارات.
وأشار إلى أن شركات الطيران فى أفريقيا قد تخسر 6 مليارات دولار من عائدات الركاب، مقارنة بالأرقام المحققة خلال العام الماضي، فيما قد تبلغ خسارة القطاع في الشرق الأوسط نحو 24 مليار دولار أميركي. كما أن نحو 1.2 مليون وظيفة في المنطقة ستتأثر بقطاع الطيران والصناعات ذات الصلة، أي ما يعادل نصف وظائف القطاع في المنطقة البالغة نحو 2.4 مليون وظيفة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الإفلاس يطال عدداً كبيراً من الشركات
الأزمة الطاحنة التي تواججها شركات الطيران في الوقت الحالي لم تتوقف عند حد ترشيد الإنفاق أو تسريح جزء من الموظفين، لكنها امتدت إلى إعلان الإفلاس، فخلال الفترة الماضية أعلنت شركة "فيرجن أستراليا"، التي تعاني ضائقة مالية، أنها قررت التوقف عن الدفع، لتصبح بذلك أضخم شركة طيران في العالم تنهار جراء تداعيات فيروس كورونا.
وذكرت الشركة في إشعار إلى البورصة الأسترالية أنها تعتزم الاستمرار في تشغيل رحلاتها الجوية على الرغم من أن مصيرها أصبح في أيدي حرّاس قضائيين.
و"فيرجن أستراليا" البالغ عدد موظفيها نحو 10 آلاف موظف ترزح تحت ديون تزيد على 5 مليارات دولار أسترالي (3.2 مليار دولار أميركي)، وقد طلبت من الحكومة الأسترالية إقراضها 1.4 مليار دولار أسترالي (930 مليون دولار أميركي) للبقاء على قيد الحياة، لكنّ كانبيرا رفضت إنقاذ شركة مملوكة بأغلبيتها لأجانب.
وبسبب تفشي كورونا، أعلنت شركة طيران "أفيانكا" الكولومبية، إفلاسها، بعد فشلها في الالتزام بالموعد النهائي لسداد السندات، لتضرب مثالاً حياً على الآثار الاقتصادية الكبيرة لتفشي الفيروس. ولم تستجب الحكومة الكولومبية لمطالب "أفيانكا"، ثاني أقدم شركة طيران في العالم، بالحصول على المساعدة المادية، لتعلن الأخيرة إفلاسها رسمياً.
وتعتبر "أفيانكا"، ثاني أقدم شركة طيران تعمل باستمرار في العالم بعد "كي إل أم" الهولندية، وعانت من ديون بقيمة 7.3 مليار دولار خلال عام 2019.
في السياق ذاته، أعلنت شركة الطيران الوطنية في جنوب أفريقيا إفلاسها وتسريح موظفيها بعد الخسائر المالية الفادحة التي مُنيت بها، وقالت إنها تخطط لتسريح كافة موظفيها البالغ عددهم 4700 موظف، بعد فشلها في الحصول على المزيد من المساعدات المالية من الحكومة.
وبناءً على ذلك عجزت الشركة عن استكمال التزاماتها ودفع الرواتب لموظفيها لتوقف الرحلات بسبب كورونا، وأعلنت إفلاسها وغلق الشركة للمرة الأولى منذ تأسيسها عام 1934 أي قبل 86 عاماً. وتعتبر شركة الطيران الجنوب أفريقية أكبر ناقل جوي في القارة السمراء بنحو 88 طائرة إلى 42 وجهة.
شركات تحت الحراسة القضائية وأخرى تحصل على دعم
أيضاً، انضمت شركة طيران موريشيوس إلى إجراءات الحراسة القضائية بموجب قانون الإفلاس، بعد أن كانت شركة فيرجين أستراليا وضعت نفسها طواعية تحت الحراسة القضائية بموجب قانون الإفلاس بسبب الأزمة الحالية. ووفقاً للرسالة الصادرة عن مجلس إدارة طيران موريشيوس، تم وضع شركة الطيران الأفريقية تحت الحراسة القضائية الطوعية بموجب قانون الإفلاس.
وقد تم اتخاذ هذا الإجراء لحماية الشركة في ظل الوضع الحالي. ووفقاً للرسالة، تم تعيين ستار حاجي عبد الله وهيئة الضبط المالي ومجلس مالي من غرانت ثورتون كحراس قضائيين للشركة.
فيما قالت مجموعة خطوط "لاتام" الجوية، أكبر شركة طيران في أميركا اللاتينية، إنها طلبت وشركاتها الشقيقة في تشيلي وبيرو وكولومبيا والإكوادور والولايات المتحدة الحماية القضائية من الدائنين في أميركا. وأوقفت الشركة حركة السفر الجوي بشكل شبه تام، لتنضم إلى "أفيانكا هولدنجز" الكولومبية و"فرجين أستراليا هولدنجز" في طلب الحماية من الإفلاس، بينما تسعى لإعادة هيكلة ديونها.
أما أزمة "لوفتهانزا" الألمانية فهي الأحدث، حيث أفادت وكالة الأنباء الألمانية، بأن الحكومة توصلت إلى اتفاق مع إدارة الناقلة الوطنية، التي عصفت بها جائحة فيروس كورونا، بخصوص مساعدة حكومية بمليارات اليوروهات. ويتطلب الاتفاق موافقة اللجنة التوجيهية لصندوق الإنقاذ الألماني من تداعيات فيروس كورونا ومجلس إدارة لوفتهانزا ومفوضية الاتحاد الأوروبي.
وفي بيان، أمس الإثنين، قال وزير المالية الألماني، أولاف شولتس، إن حزمة إنقاذ الناقلة الرئيسة لوفتهانزا "حل جيد جداً" يأخذ بعين الاعتبار احتياجات كل من الشركة ودافعي الضرائب. وبعد توصل الحكومة والشركة لاتفاق مبدئي بشأن صفقة إنقاذ بقيمة 9 مليارات يورو (9.8 مليار دولار)، قال شولتس إن "الدعم الذي نعده هنا لفترة محددة من الوقت".
وأضاف "عندما تستعيد الشركة متانتها، ستبيع الدولة حصتها وتأمل في ربح صغير يضعنا في مركز يؤهلنا لتمويل الاحتياجات الكثيرة للغاية التي يتعين علينا تلبيتها في الوقت الراهن، لا لهذه الشركة فحسب".
أين وصلت الأزمة في طيران الشرق الأوسط؟
على صعيد الشرق الأوسط، ووفق بيان حديث، قال نائب رئيس اتحاد النقل الجوي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، محمد البكري، إن حجم خسائر شركات الطيران الأفريقية من الإيرادات بلغ نحو 6 مليارات دولار أميركي، وأصبحت 3 ملايين وظيفة بالقطاع والقطاعات ذات الصلة بطريقة غير مباشرة مهددة، وبلغت خسائر اقتصادات الدول المدعومة بالطيران نحو 28 مليار دولار أميركي.
وبالنسبة إلى الوضع في الشرق الأوسط، فقد أشار إلى أن حجم خسائر شركات الطيران من الإيرادات بلغ نحو 24 مليار دولار، وأصبحت 1.2 مليون وظيفة مهددة بسبب توقف الحركة نتيجة انتشار فيروس كورونا. وأوضح أن اقتصادات الدول المدعومة بالطيران خسرت نحو 66 مليار دولار، كما يواصل قطاع الطيران على المستوى العالمي انحساره بسبب الأزمة الحالية ومن دون أي استثناء لأي منطقة.
ولفت إلى تراجع متوسط عدد الرحلات حول العالم إلى 81 في المئة في نهاية الربع الأول من العام الحالي، بسبب توقف الطائرات في المطارات حول العالم باستثناء الرحلات المحلية في أميركا وآسيا. وسجلت أفريقيا والشرق الأوسط عدداً أقل للرحلات الجوية بنسبة 95 في المئة خلال الربع الأول، حيث سجل عدد الرحلات في أفريقيا انخفاضاً بلغ 94 في المئة مع نهاية أبريل (نيسان) الماضي، بينما سجل عدد الرحلات في الشرق الأوسط انخفاضاً بنسبة 88 في المئة في الفترة نفسها، مؤكداً أن شركات الطيران على مستوى العالم أصبحت تواجه معركة من أجل الاستمرار في الساحة.